人民网 2019:04:19.17:39:19
الأخبار الأخيرة

مقالة خاصة: 6 سنوات من النجاح في العلاقات الصينية-العربية في إطار مبادرة "الحزام والطريق"

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/  2019:04:19.17:04

    اطبع
مقالة خاصة: 6 سنوات من النجاح في العلاقات الصينية-العربية في إطار مبادرة

د. أُُنــــس الزليطني شبّح

باحثة تونسية في الشؤون الصينية

اقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ سنة 2013 على المجتمع الدولي مبادرة "الحزام والطريق" وهي إحياء لطريق الحرير القديم لكن بحلّته الجديدة، ففي خلال ست سنوات فقط، تحولت مبادرة "الحزام والطريق" من مفهوم إلى منصة رئيسية لبناء "مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية" تعود بالنفع ليس على الصين فقط بل أيضا على المجتمع الدولي، حيث تهدف المبادرة إلى انشاء شبكة للتجارة والبنية التحتية تربط بين مختلف قارات ودول العالم. وخلال فترة قصيرة، تطورت مبادرة "الحزام والطريق" وحققت فيها الصين والعالم تعاونًا متبادل المنفعة وقادت الاقتصاد العالمي إلى التطور مع ثاني أهم اقتصاد عالمي.

مرت مبادرة "الحزام والطريق" منذ اطلاقها بعدة نقاط هامة أرى أن أهمها كان في نوفمبر 2014، أعلنت الصين تخصيص 40 مليار دولار أمريكي لإقامة صندوق طريق الحرير لدعم مشروعات الحزام والطريق. ثم في مارس 2015، أطلقت الصين رؤية وأعمال البناء المشترك للحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21. في ديسمبر 2015، تم إنشاء بنك اقترحته الصين وهو البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. في مايو 2017، عُقد منتدى الحزام والطريق الأول للتعاون الدولي في بكين والذي حضره قادة الدول والحكومات من 29 دولة. ثم في أكتوبر 2017، تم إدراج مواصلة بناء مبادرة الحزام والطريق في دستور الحزب الشيوعي الصيني. ثم تواصل التقدم في مسير المبادرة لتفصلنا أيام فقط على الدورة الثانية من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي تحت شعار "البناء المشترك للحزام والطريق وفتح مستقبل مشرق" والمقرر انعقادها نهاية شهر أبريل وتم تأكيد 37 قائد دولة حضوره في هذه الدورة. خلال مشوار ست سنوات فقط آمنت 126 دولة و29 منظمة دولية بأهداف المبادرة، ووقعت الصين معها 174 مذكرة تعاون بشأن الحزام والطريق.

لا يمكن أن نشكك في نجاح المبادرة بعد ما حققته من نتائج بينيّة في التبادل التجاري بين الصين وبقية الدول التي تقع على طول الحزام والطريق، فحتى 2018 تخطت تجارة الصين للبضائع مع الدول على طول الحزام والطريق 6 تريليون دولار أمريكي، ووصل الاستثمار الصيني المباشر في القطاعات غير المالية في هذه الدول إلى أكثر من 80 مليار دولار أمريكي. لكن ما يميز هذه المبادرة هو الاهتمام بكل المجالات التي تضمن تطور المجتمعات، حيث لم تطور المبادرة التجارة فحسب، وإنما اهتمت بالعديد من المجالات الأخرى، على رأسها الثقافة والتعليم، حيث أقامت الصين العديد من المؤسسات التعليمية والمشاريع التعليمية بالاشتراك مع الدول المنخرطة في مبادرة الحزام والطريق، كما تعددت المراكز الثقافية بين الصين وهذه الدول، وذلك إيمانا منها بأن الثقافة هي التي تتقدم بالدول والشعوب. كما شجعت الصين الطلاب والشباب لفهم الثقافة واللغة الصينية أكثر عن طريق تقديم منح خاصة بالحزام والطريق.

وقعت تونس في يوليو من عام 2018 على مذكرة الانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق

أما بالنسبة للدول العربية والتي تعتبر شريكا هاما للصين، حيث تربط الدول العربية بالصين علاقات متميزة منذ زمن طريق الحرير الذي ساهم في ازدهار الحضارة الصينية -العربية منذ آلاف السنين، إلى التعاون الصيني-العربي في العصر الحديث والذي تُوّج بإقامة علاقات دبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية والدول العربية أولها كانت سنة 1956 وإلى حدود سنة 1990 تمت إقامة علاقات دبلوماسية بين الصين وجميع الدول العربية. ثم إقامة المنتدى الصيني-العربي سنة 2004، حينها كان التبادل التجاري بين الصين والدول العربية 36.7 مليار دولار أمريكي فقط. لكي ترى الصين أن الدول العربية من أهم شركائها في مسيرة مبادرة الحزام والطريق وتقوم بتوجيه الدعوة الى هذه الدول للانضمام في المبادرة والتي لاقت ترحيبا كبيرا منها، حيث أن إجمالي 17 دولة عربية حتى الآن وقعت وثائق تعاون مع الصين في إطار المبادرة، وتصبح الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية، بل وأول وأهم شريك للعديد من الدول العربية، هذا وقد أقامت الصين مع أغلب الدول العربية علاقة استراتيجية شاملة، وهو ما درّ بثمار نجاح العلاقات الصينية-العربية في اطار المبادرة ليصل حجم التجارة بين الجانبين في 2018 إلى 244 مليار دولار بزيادة في قيمة الواردات الصينية من الدول العربية بنسبة 50% وهو ما يؤكد أن العلاقات بين الصين والدول العربية ترتكز على احدى اهم مبادئ مبادرة الحزام والطريق ألا وهو التعاون المشترك والمنفعة المتبادلة.

أكثر من 20 دولة عربية حققت ارتفاعا في حجم تجارتها مع الصين منذ إطلاق مبادرة الحزام والطريق أغلبها لاتزال مصدرا رئيسيا للبترول الخام وللغاز المسال للصين. لكن في المقابل هناك بعض الدول عربية تطورت علاقاتها مع الصين في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ بالرغم من انها ليست دول مصدرة للنفط ولا للغاز المسال، من بينها تونس، والتي تعتبر نقطة هامة في مبادرة الحزام والطريق حيث أن العلاقة بين الصين وتونس تعود إلى 55 سنة صداقة واحترام، وهي نقطة هامة في طريق الحزام والطريق، حيث تتمتع بموقع استراتيجي يجعلها احدى أهم نقاط العبور لأكثر من دولة وأكثر من قارة، حيث يمكن اعتبارها "بوابة إفريقيا"، وهو ما سيخدم المبادرة خاصة بعد أن وقعت تونس في 2018 على مذكرة الانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق، وتفعيل العديد من المشاريع في إطار هذه المبادرة، ثم إقامة شراكة استراتيجية شاملة بين البلدين، ويمكن أن نلمس التطور الهام في العلاقات بين البلدين من خلال استمرارية ارتفاع معدل التبادل التجاري من818.7 مليون سنة 2009 لتصل إلى 1.4 مليار سنة 2014، ثم تواصل التطور إلى 1.6 مليار دولار أمريكي في 2018، كما شمل التطور في العلاقات بين البلدين مجالات أخرى أهمها السياحة التي ارتفعت بشكل واضح وخاصة بعد اعفاء السياح الصينيين من التأشيرة للدخول إلى تونس في فبراير 2017، وهو ما ساهم في ارتفاع عدد السياح الصينيين من 8000 سائح سنة 2016 إلى 29 ألف سائح سنة 2018. كما اهتمت الصين أيضا بتطوير المجال البحثي والعلمي مع تونس من خلال افتتاح أول معهد كونفوشيوس في تونس هذا العام، وهذا الافتتاح هو تتويج لاهتمام تونس باللغة الصينية الثرية، حيث أن تونس تونس هي أول دولة عربية أدرجت برنامج تعليم اللغة الصينية في جامعاتها، وأول دولة عربية تدرج برنامج اختيار اللغة الصينية في المعاهد أيضا.

إن مبادرة الحزام والطريق تسعى إلى إرساء صورة أكثر تطورا بين الصين والدول العربية في العديد من المجالات وتهتم برسم مستقبل أكثر إيمانا بروح التعاون المشترك بين الجانبين في كل المجالات وهو ما يجعل المفهوم الصيني "بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية" يتحقق من خلال التعاون الصيني-العربي. 

صور ساخنة

أخبار ساخنة

روابط ذات العلاقة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×