القاهرة 9 يناير 2020 (شينخوا) رأى محللون سياسيون، أن مصر تسعى من خلال تحركاتها الدبلوماسية المكثفة إلى تطويق الدور التركي في ليبيا، في محاولة للحد من هذا التدخل الذي سيعمق الأزمة الليبية.
وعقد وزراء خارجية مصر وفرنسا واليونان وقبرص أمس الأربعاء اجتماعا في القاهرة حول ليبيا.
وشدد الوزراء على أن قرار تركيا إرسال قوات لليبيا يمثل تهديدا للأمن الإقليمي، ودعوا إلى حل سياسي شامل للأزمة، معتبرين أن مذكرتي التفاهم اللتين وقعتهما أنقرة وطرابلس باطلتان.
وغداة الاجتماع الرباعي، زار وزير الخارجية المصري سامح شكري اليوم الجزائر، حيث بحث مع الرئيس عبد المجيد تبون الأزمة الليبية.
وأكد شكري، أن "هناك توافقا تاما على عدم قبول أي نوع من التواجد العسكري الأجنبي في ليبيا، والاستعداد للعمل المشترك لتزكية المسار السياسي من أجل تهيئة الأوضاع للوصول لتوافق ليبي - ليبي".
وجاءت زيارة شكري للجزائر بعد يومين من زيارة نظيره التركي مولود جاويش أوغلو للجزائر أيضا، حيث بحث مع الرئيس تبون الوضع في ليبيا.
كما أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال الأيام الماضية سلسلة مباحثات هاتفية مع قادة أمريكا وروسيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وألمانيا حول ليبيا، بعد إعلان تركيا اعتزامها إرسال قوات للأراضي الليبية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن الأحد الماضي أن بلاده بدأت نشر جنود أتراك في ليبيا، مشيرا إلى أن القوات ستتوجه "بشكل تدريجي" لدعم حكومة الوفاق الوطني بقيادة فائز السراج.
وجاءت هذه الخطوة تنفيذا لمذكرتي تفاهم وقعتهما أنقرة في نوفمبر الماضي مع السراج، وتتعلق إحداهما بالتعاون الأمني والعسكري، والأخرى بالحدود البحرية.
وعقب الإعلان التركي، دعا المشير خليفة حفتر القائد العام "للجيش الوطني" في ليبيا إلى النفير والجهاد للتصدي لما وصفه بـ"المستعمر التركي" في ليبيا.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد صرح أخيرا بأن "ليبيا بالنسبة لنا أمن قومي مباشر.. ولن نسمح لأحد أبدا أن يسيطر عليها".
وفي هذا الصدد، قال مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية خالد عكاشة، إن مصر تتحرك في مختلف الاتجاهات بشأن الأزمة الليبية، ولديها اتصالات وتوافق مع كافة الأطراف الدولية الكبرى في هذا الشأن.
وأضاف عكاشة، لوكالة أنباء (شينخوا)، أن "التحرك الدبلوماسي المصري من الممكن فى القريب العاجل أن يحد من شكل التدخل العسكري الذي كانت تركيا تخطط له في ليبيا".
وتابع أن هذا التحرك "ربما يمهد الطريق أيضا بشكل مواز لمؤتمر برلين، الذي تراهن عليه القاهرة في صياغة عملية سياسية عليها توافق دولي وتجمع كافة الأطراف للخروج من مرحلة الاقتتال في ليبيا".
وأردف أنه "عندما يجتمع فى القاهرة وزراء خارجية فرنسا وإيطاليا واليونان وقبرص، وهي دول معنية بالملف الليبي، إذا نحن أمام رأي عام دولي يطالب بحل الأزمة الليبية سياسيا، كما أعلنت مصر منذ اللحظة الأولى".
واستطرد أنه "لا يجوز على الإطلاق أن يتواجد طرف خارجي على الساحة الليبية أو أن يحدث تدخل بشكل ما مثلما تابعنا بعد توقيع اتفاقية بين تركيا والسراج".
من جهته، قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن "تطويق الحركة التركية (في ليبيا) مهم للغاية، والقاهرة تبذل مجهودات متراكمة فى هذا الملف منذ عدة أسابيع بعد توقيع الاتفاق بين تركيا والسراج، وحققت نجاحات كبيرة فى الفترة الماضية".
وأضاف فهمي لـ (شينخوا)، "اعتقد أن التحرك المصري مخطط له بشكل جيد جدا من خلال رؤية الرئيس السيسي واتصالاته مع الزعماء الدوليين".
وتابع أن "القاهرة تعول على مؤتمر برلين، وتؤكد أنه مسار مهم، واعتقد أن الدبلوماسية المصرية ستنجح فى تحركاتها سواء تجاه الاتحاد الأوروبي أو روسيا أو ألمانيا باعتبارها من ستقود مسار برلين".
وأوضح أن التحرك المصري لم يقتصر على هذه الأطراف بل امتد أيضا إلى الجزائر، من أجل تطويق تحرك تركيا، التي اتجهت إلى تونس والجزائر تحديدا، كدولتين مجاورتين لليبيا.
واستطرد "اعتقد أن مسار برلين، وليس أي مسار آخر، سينجح في حل الأزمة، ويجب التحذير من أن تلجأ تركيا إلى فتح مسار آخر".
واستبعد أن ترسل تركيا قوات عسكرية حاليا إلى ليبيا، قائلا "أنقرة لن ترسل قوات فى هذا التوقيت لحين اتضاح الأمور، هى فقط أرسلت عددا من الخبراء والمستشارين".
وزاد أن "تكرار نموذج عملية نبع السلام لن ينطبق جملة وتفصيلا فى الملف الليبي"، في إشارة إلى العملية العسكرية التي نفذها الجيش التركي في أكتوبر 2019 في شمال شرق سوريا.
وختم أن "سرعة الحركة مهمة بالنسبة لمصر، واعتقد أن القاهرة تتحرك فى كل الدوائر المعنية، وسيكون لذلك تداعيات إيجابية، خاصة أن مصر تنظر لليبيا على أنها دولة مهمة فى إطار الأمن القومي المصري".
أما الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية فقال إن "مصر بالتأكيد تحاول أن تمارس ضغطا على تركيا.. لكن فى مقابل التحرك المصرى الكبير يوجد تحرك مواز.. ومن الصعب وقف التدخل التركي في ليبيا".
وأوضح أن دعم مصر لحفتر "يفقدها جزءا كبيرا جدا من حراكها على المستوى الدولي والإقليمي".
وأشار إلى وجود رفض دولي للتدخل التركي فى ليبيا، لكنه ليس رفضا صريحا، ودعا إلى وقف كل التدخلات الأجنبية فى ليبيا وليس التركي فقط.
ونوه بأن مصر تدفع باتجاه التسوية السياسية للأزمة في ليبيا، التي أخذت "طابع التدويل".