رام الله 31 يناير 2020 (شينخوا) قوبلت الخطة الأمريكية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المعروفة باسم "صفقة القرن" برفض فلسطيني شديد، وسط مصاعب تحيط بالردود الفلسطينية المطروحة للرد.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء الماضي، عن مضمون خطته للسلام في مؤتمر صحفي عقده بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن.
وأبدت السلطة الفلسطينية رفضها التام لصفقة القرن، وأعلن المسئولون فيها عن بدء تحركات داخلية ودبلوماسية لمواجهة الخطة الأمريكية التي يصفونها ب"مؤامرة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية".
ويؤكد مدير مركز مسارات للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري، أن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة للرد من الجانب الفلسطيني على صفقة القرن.
ويقول المصري لوكالة أنباء (شينخوا)، إن السيناريو الأول يتمثل في "بقاء الوضع الراهن على حاله، أفضل أو أسوأ قليلاً مع استمرار تدهور الأوضاع ببطء، والاستمرار في اتخاذ مواقف سياسية فلسطينية قوية ضد الخطة الأمريكية الإسرائيلية.
ويضيف أن السلطة الفلسطينية ستعتبر بأن الصفقة لم تكن، ولن تمر دون وجود شريك فلسطيني، اعتماداً على الرفض الجامع لها، وعلى رفض معظم العرب والعالم، بما فيهم غالبية مجلس النواب الأمريكي.
ويشير إلى أن في هذا السيناريو "لن نشهد تغييرات دراماتيكية مثل سحب الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق الأمني والتبعية الاقتصادية وحل السلطة أو انهيارها، بل محاولة محدودة لتغيير وظيفة السلطة ضمن صيغة غامضة ومن دون استراتيجية عملية".
ويعتقد المصري أن الساحة الفلسطينية الداخلية قد تشهد جولة جديدة من "الحوار الفلسطيني الوطني"، في محاولة من حركتي فتح وحماس لإنجاز الوحدة وانهاء الانقسام المستمر منذ العام 2007.
ويستبعد المصري في هذا السيناريو أن تندلع انتفاضة جديدة، أو تتم مقاطعة فعلية لإسرائيل لأن أي رد فعل فلسطيني واسعة وعنيفة يمكن أن "تستغلها إسرائيل لاستكمال تغيير السلطة، لتصبح سلطة مدنية إدارية لا طموح لها في إنهاء الاحتلال ولا بلعب أي دور سياسي".
ولو اتخذت السلطة مثل هذه الخطوات في الوقت الراهن قد يجعل إسرائيل "تسرع في تطبيق السيادة لضم الأغوار والمستوطنات"، بحسب المصري الذي يرى أن أقصى ما يمكن أن تشهده هذه المرحلة هو "تنشيط تكتيكي للمقاومة الشعبية على غرار ما حصل يوم الإعلان عن الصفقة".
ويقول المصري إن السيناريو الثاني للرد على الخطة يتضمن "تغيير السياسة الفلسطينية المتبعة حالياً تغييراً جوهرياً، بما يؤدي إلى مجابهة فلسطينية إسرائيلية.
وقد تشهد الأراضي الفلسطينية الإسرائيلية تحركات شعبية وسياسية فلسطينية أقوى من السابق قد تصل إلى انتفاضة يسبقها أو يرافقها تقدم على طريق تحقيق "الوحدة الفلسطينية" على أسس استراتيجية وشراكة في السلطة والمنظمة.
ويشير المصري إلى أن هذا الأمر قد يستدعي رد فعل إسرائيلي، مما يؤدي إلى حل السلطة الفلسطينية أو انهيارها، ومواجهة عسكرية ضد قطاع غزة"، منوهاً بأنه في هذه الحالة سيكون هناك بديل عن السلطة يتمثل في منظمة تحرير موحدة.
وبحسب المصري، فإن هذا السيناريو مفضل للفلسطينيين، ولكنه مستبعد لأن القيادة لا تؤمن به، أو أنها مقتنعة بأنها غير جاهزة لدفع ثمنه، كما أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي لا تملك بديلاً متكاملاً عملياً لأنهم غارقون في سجن قطاع غزة.
وفيما يتعلق بالسيناريو الثالث يقول المصري إنه يقوم على "بدء تعامل مجموعات وأفراد مع خطة ترامب بحجة أنها اللعبة الوحيدة في المدنية، ومن أجل الاستفادة من المليارات المرصودة".
ويضيف "قد تكون هناك إمكانية حدوث انقلاب على الرئيس وموقفه، والنجاح في الاطاحة به واحتوائه ودفعه للتعامل مع الخطة أو بعض بنودها".
ويشير المصري إلى أن الفترة المحددة لإقامة الدولة الفلسطينية والمحددة بأربع سنوات تمثل "إغراء" بعد أن يتضح عدم وجود "بدائل عن الصفقة".
ويعتبر أن احتمالية هذا السيناريو "ستزيد" إذا تقدمت الدول العربية لدعم الخطة، فيما يتعزز هذا السيناريو بفوز نتنياهو وترامب في الانتخابات القادمة، وستضعف احتماليته إذا خسرا الانتخابات.
وأعلن وزير الشئون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ أنها أبلغت إسرائيل بأنها لم تعد ملتزمة بالاتفاقيات الثنائية بموجب اتفاقية أوسلو التي تم توقيعها العام 1993 عقب إعلان خطة السلام الأمريكية.
وصرح الشيخ لقناة (الجزيرة) الفضائية بأن "السلطة الفلسطينية أصبحت في حل من الاتفاقيات مع إسرائيل المترتبة على توقيع اتفاقية أوسلو".
وذكر الشيخ أنه تم إبلاغ الحكومة الإسرائيلية بهذا الموقف في رسالة رسمية سلمها أمس خلال اجتماعه مع وزير المالية الإسرائيلي موشى كحلون.
كما أعلن وزير الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية رياض المالكي عن تحرك فلسطيني لدعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد لبحث خطة السلام الأمريكية.
وأكد المالكي وضع خطة تحرك فلسطينية لإسقاط الخطة الأمريكية ستبدأ بعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب في جامعة الدول العربية في القاهرة السبت المقبل بحضور الرئيس محمود عباس.
وكان عباس أعلن البدء فورا باتخاذ الإجراءات لتغيير الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية وذلك عقب إطلاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته للسلام خلال مؤتمر صحفي عقده مساء الثلاثاء الماضي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن.
وبحسب خبراء فلسطينيين فإن أي تغيير في الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية التي تأسست وفقا لاتفاق أوسلو سيعني عمليا إنهاء العمل بهذا الاتفاق بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
ويرى المحلل السياسي من رام الله رجب أبو سرية لـ(شينخوا)، أن الخطة الأمريكية للسلام شكلت إعلانا رسميا عن قتل فرص السلام ما يستوجب ردود فلسطينية على نفس المستوى.
ويقول أبو سرية إن "الرد الفلسطيني لن يكون بأي حال على طريقة دون كيشوت، فإعلان ترامب يعني إعلاناً باغتيال السلام الذي لاح في الأفق قبل ربع قرن".
ويضيف أن "السلطة الفلسطينية ستتجه للرد بإعلان وقف العمل بأوسلو، ولا شك بأن صخبا سيحدث في الشارع، لكنّ فصلا من الصراع سيكون قد بدا أشد عنفا من سابقه، خاصة أن الإعلان يعني الإفصاح عن سياسة العدو الذي لم يقبل بالحل الوسط، أو بالاتفاق بين الطرفين".
وفي السياق ذاته، يقول المحلل السياسي من غزة عدنان أبو عامر، إن "الآراء الإسرائيلية تتوافق على أن إعلان صفقة القرن قد يحول حالة الغضب الفلسطينية إلى عنفا ميدانيا على الأرض".
ويضيف أبو عامر لـ(شينخوا)، أنه "كلما زاد مستوى إحباط الفلسطينيين من الصفقة، فإن دافعيتهم لتنفيذ العمليات المسلحة سيزداد"، لافتا إلى أنه قد يتطور ذلك إلى أبعاد متنامية أخرى إذا ما ذهبت إسرائيل لضم المستوطنات.
ويؤكد أن "إهانة الفلسطينيين أمر ضار، وليس مفيدا، وأن الحياة لن تمر بسهولة على إسرائيل إذا ضمت مناطق فلسطينية بصورة أحادية الجانب".
ويعتقد أبو عامر أن التظاهرات الشعبية التي دعت لها الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة تعدها إسرائيل "ضوء أخضر لاستئناف التصعيد"، مشيرا لاحتمال أن نصل إلى اللحظة التي يترجم فيها الفلسطينيين غضبهم "لعمليات وهجمات ضد إسرائيل".