عبد الحكيم السادحي المشولي
يمني يقيم في جوانزو، هندسة البيولوجية الجزيئية
كان يوم السبت الموافق لـ16 من فبراير الجاري، يوما مثلجا في جميع أنحاء الصين، من الشمال إلى الجنوب ومن الوسط إلى الشرق. وكأن الثلج قد جاء ليبشّر الناس القلقين بأن الصفاء قادم كبراءة بياضه الناصع.
وفي آقاليم الوسط والجنوب، تهاطلت الأمطار بغزارة، وكأنها نزلت من السماء لتغسل الارض من ادران فيروس كورونا، وتبث في قلوب الطيبين طمأنينة بأن الله معهم. وبأن ماءها سيزيح الهموم عن القلوب وينبت فيها بساتين خضراء من جديد.
ينبت الصبح في خدود الاماني، ومع حبات المطر واريج السماء الفائح، تتساقط عبرات من أناس يشبهون الملائكة. تطوّعوا لخدمة حياة الآخرين، ووقفوا تحت الثلج والأمطار في شمال وجنوب وطنهم المحبوب.
ترتجف اجسادهم من البرد، لكن قلوبهم تغشاها السكينة والدفء.
سلام عليكم يامن لأجل الوطن والانسان تكابدون آلامكم وتخاطرون بحياتكم، لايثنيكم النصب ولا التعب. شامخون رغم قاماتكم القصيرة، لكن هاماتكم تعانق السحاب.
هؤلاء المتطوعون، هم درس في العطاء، لم يجبرهم عقد الوظيفة او قانون الادارة على ذلك، لكنه عقد اتخذوه على انفسهم والتزموا به.
لقد تركت تضحياتهم فيّ أثرا عميقا، ومنذ بداية الوباء كنت أشعر بأنه عليّ أن أفعل شيئا ما للناس من حولي. لذا قررت في 25 يناير الماضي، الذهاب إلى مركز التحكم والسيطرة على الاوبئة بمدينة جوانزو. وأبديت استعدادي للتسجيل ضمن قوائم المتطوعين. لكنهم اخبروني بأنهم لم يفتحوا باب التسجيل للتطوع بعد. بحثت على الانترنت ووجدتُ بعض الروابط حول العمل التطوعي، فسجلت ضمن مكافحي الوباء. وحددوا لي موعد مزاولة العمل في 16 فبراير، تاريخ كتابة هذا المقال. لا أخفي بأنني شعرت بالخوف حينما تذكرت بأنني سأذهب وقد لا أعود. لستُ ادري كيف سيراني أصدقائي الأجانب الاخرين، هل سيتعبرون ما اقدمت عليه تهورا أم بطولة. لكنني لا أبالي بما يمكن أن يقال عني. لقد اخترت الدفاع عن الانسان، ضد هذا العدو الفاتك، الذي لايفرق بين عربي أو أعجمي، أو أبيض وأسود ولايرحم الصغير ولايوقر الكبير. وأنا أثق بأن كثير مثلي قد اتخذوا هذا القرار واندفعوا الى التطوع ومساعدة الانسان. (تحرير: وليد)