مثل انتشار وباء فيروس كورونا الجديد في العالم أزمة حياة تهدد البشرية، وتتطلب من الإنسانية مواجهة هذه التحديات والعمل بسرعة وبقوة من أجل التضامن والتعاون. ومع ذلك، تجاهل بعض السياسيين الأمريكيين، وعلى رأسهم وزير الخارجية بومبيو الارتفاع المستمر في عدد الوفيات في الولايات المتحدة، وكثيرا ما كذبوا في مناسبات مختلفة لمهاجمة الصين.
وأشار العديد من المحللين في الولايات المتحدة إلى أن بومبيو لم يحقق أي إنجازات في الاستجابة للوباء، وأنفق معظم طاقته على مهاجمة الصين. واعتمد فرضيات خاطئة لمهاجمة الصين والتحامل عليها مرارا وتكرارا. وعلقت بعض وسائل الإعلام على أن "الرجل الأول للدبلوماسية الامريكية" أفقد أمريكا مصداقيتها الدولية. كما قام البعض بفرز تصريحات بومبيو خلال الوباء، ووجدوا أن نسبة الأكاذيب "سجلت رقما قياسيا عالميا". كما صرح سكوت ريتر، ضابط المخابرات السابق في سلاح مشاة البحرية الأمريكية ، في موقع "روسيا اليوم" ، أنه تم استخدام المخابرات الأمريكية تاريخيا لتعزيز فكرة لا أساس لها من الحقيقة، وهي امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. وأضاف أنه بأن من يعرف هذه الممارسات، سيشعر بالخوف من تصريحات بومبيو الحالية.
أمام معضلة الوباء، اعتمدت الصين أكثر تدابير الوقاية والمكافحة شمولية وصرامة وبطريقة منفتحة وشفافة ومسؤولة. وبذلت كل الجهود لاحتواء انتشار الوباء، وعززت تعاونها الدولي في أعمال الوقاية والسيطرة، ووجدت جهودها تثمينا من المجتمع الدولي. وفي اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع، قوبلت محاولة بومبيو وصم الصين بالفيروس، بمقاومة جماعية من الحلفاء. وقال دبلوماسي أوروبي لوسائل الإعلام إن طلب بومبيو مثل خطّا احمرا، وأن أوروبا لم توافق على ذلك. وعلقت سوزان رايس، مساعدة الأمن القومي الأمريكية السابقة على ذلك قائلة: "هذا أمر مخز!" وشددت رايس على أن الفيروس يمكن أن يظهر في أي مكان ثم ينتشر إلى أي ركن من أركان العالم.
لطالما كان تجاهل البديهيات، وخلق الشائعات واثارة النعرات ممارسات دأب عليها بومبيو. وعلى مدى الأيام القليلة الماضية، وفي محاولة للافتراء غير المبرر على منظمة الصحة العالمية، كشف بومبيو مرة أخرى عن دبلوماسيته الاستفزازية. حيث عارض المجتمع الدولي وقف أمريكا لدفع حصتها من التمويل لمنظمة الصحة الدولية، لكن بومبيو ظل يتهرب من المسؤولية، قائلاً إن "الإصلاح الأساسي" مطلوب لمنظمة الصحة العالمية، وقد لا تستأنف الولايات المتحدة تمويل هذه المنظمة التابعة للأمم المتحدة. ولا شك في أن سحب التمويل من منظمة الصحة العالمية في وقت يواجه فيه العالم وضعا وبائيا خطيرا، هو سحب من رصيد التعاون الدولي. وفي هذا السياق، نشر موقع مجلة "امريكن كونسرفاتيزم" مقالًا بعنوان "وزير خارجية فاشل"، أشار فيه إلى أن بومبيو لم يفعل خلال فترة الوباء سوى توزيع الاتهامات على الخارج.
وأضاف المقال بأن بومبيو عمد منذ توليه الى اصدار الانذارات والاتهامات غير الواقعية، وغير البناءة، خاصة في حالة الطوارئ الحالية. وفيما يتعلق بآداء بومبيو خلال الوباء، علق وزير الخارجية الإيراني ظريف قائلاً: "يريد الناس معرفة ما إذا كان وزيرًا للخارجية أم وزيرًا للكراهية".
ومع ذلك، فإن آداء بومبيو الضعيف له تأثيرا سلبية كبيرة. فقد اسهب في الأكاذيب والاتهامات المؤذية، متجاهلا التعاون الدولي في ظل الوباء. وفي مواجهة أزمة الصحة العامة العالمية هذه ، يعني كل تأخر في التعاون الدولي زيادة في عدد الضحايا والأرواح. ووصف مساعد وزير الخارجية السابق للولايات المتحدة توم كونتريمان نهج بومبيو بأنه "سياسة سيئة" وأعرب عن اعتقاده بأن "تعزيز التعاون بين جميع الدول في تبادل المعلومات والتجارب سينقذ أرواح الأمريكيين".
وعلى مستوى العلاقات الصينية الأمريكية، أعاق بومبيو بشدة التعاون بين الجانبين في مكافحة الوباء، وكثّف من الحسابات الغامضة لاستراتيجية المواجهة مع الصين. وفي الحقيقة، لقد أشار العديد من المراقبين الدوليين إلى أنه منذ أن ركزت الولايات المتحدة استراتيجيتها للأمن القومي بشكل شبه حصري على منافسة القوى الكبرى، فإن التطور الصحي والمستقر للنظام الدولي بات يواجه تحديات خطيرة.
لا أحد يعرف إلى متى سيستمر الأسلوب الدبلوماسي "السام" الحالي لبومبيو. ويحذر عقلاء المجتمع الدولي من أن عدو الولايات المتحدة هو الفيروس ، وإلى أن التهجم الأعمى على البلدان الأخرى وتشويه سمعتها لن يؤدي إلا إلى فقدان المزيد من الناس لحياتهم. ولا شك في أن الطريقة الصحيحة الوحيدة لتعزيز التعاون الدولي بشكل فعال، هي التوقف عن اثارة النعرات واعاقة التضامن العالمي.