بكين 6 يناير 2021 (شينخوا) مع بداية عام 2021، يقف العالم عند منعطف حاسم مع استمرار جائحة كوفيد-19 الكارثية في إحداث خراب بجميع أنحاء العالم.
في ظل هذه الخلفية المليئة بالتحديات، شرعت الصين في مسعى جديد يستمر على امتداد 15 عاما لبناء نفسها لتصبح "دولة اشتراكية حديثة" تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، الذي يحتفل هذا العام بالذكرى المئوية لتأسيسه.
ومع سعي العالم جاهدا لمواجهة الجائحة والمشكلات الاقتصادية وتغير المناخ والعديد من التحديات العالمية الأخرى، تتجه أنظار المزيد والمزيد من الباحثين عن حلول نحو الصين ليستمدوا الإلهام وبعد النظر.
-- تعزيز التعاون من أجل مستقبل مشترك
في الوقت الذي تواصل فيه جائحة كوفيد-19 اجتياح العالم، تقف البشرية شاهدا على التزام الحزب الشيوعي الصيني ببناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.
فقد قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مفوض العلاقات العربية والصين عباس زكي إن الصين دعت مرارا إلى بذل جهود مشتركة لمكافحة كوفيد-19.
وأضاف زكي أن الصين أولت، أثناء قيامها بعمل جيد في حربها ضد كوفيد-19، اهتماما كبيرا بالتعاون في مكافحة الجائحة مع الدول النامية، مشيدا بالصين لعملها على حماية الصحة العامة العالمية.
ولدى إشارته إلى أن لاوس والصين شريكان إستراتيجيان شاملان، قال كينغفيت مونغخونفيلاي، وهو مسؤول كبير من حزب الشعب الثوري اللاوسي، إنه في الأيام الأولى للجائحة، قدمت لاوس المساعدة للصين، وبعدها ردت الصين الجميل للاوس من خلال إرسال كميات كبيرة من مواد الوقاية من الجائحة إلى لاوس.
وذكر أن "الدعم المتبادل هو مثال على بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية".
وخلال مقابلات أجرتها معهم وكالة أنباء ((شينخوا))، اتفق الباحثون الأجانب في أن نجاح الصين في مواجهة هذه الجائحة، التي لا تحدث إلا مرة واحدة كل قرن، قد أرشد إلى طريق المضي قدما.
وقال فاروق بوريك، الخبير في الشؤون الصينية في البوسنة والهرسك، إن "الصين أخذت بزمام المبادرة في الخروج من ظل الجائحة وأعادت فتح اقتصادها"، مضيفا "أن هذا يعزز الروح المعنوية للعالم بأسره".
وذكر الخبير الاقتصادي الأرجنتيني والمتخصص أيضا في الشؤون الصينية غونزالو تورديني إن الصين حكومة وشعبا أظهرت للعالم "إنجازات بارزة تحققت بفضل بذل جهود منظمة ودؤوبة لمكافحة كوفيد-19".
ولمساعدة البلدان النامية المبتلاة بالجائحة، تعهدت الصين بجعل لقاحاتها منفعة عامة عالمية، بحيث يمكن الوصول إليها وبأسعار معقولة.
ولدى إشارته إلى أن الصين كانت أول دولة تكتشف كوفيد-19 وتهزمه إلى حد كبير، قال الدكتور جي وييراسينغ، الأمين العام للحزب الشيوعي السريلانكي، إن الصين تقدم مساعدات فنية للبلدان الأخرى وتدعم بصورة فاعلة مبادرة كوفاكس التابعة لمنظمة الصحة العالمية، والتي تهدف إلى ضمان حصول جميع البلدان المشاركة على لقاحات كوفيد-19 بشكل منصف.
وذكر أن "الالتزام الحقيقي للحزب الشيوعي الصيني وتفانيه تجاه مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية قد ثبت بما لا يدع مجالا للشك خلال جائحة كوفيد-19".
-- توسيع الانفتاح من أجل الانتعاش العالمي
يعتبر عام 2021 عاما حاسما بالنسبة للصين باعتباره العام الأول من الخطة الخمسية الـ14 للبلاد. فمن المقرر أن تحقق الأمة هدفها المئوي الأول في الإطار الزمني المحدد -- وهو هدف يتمثل في بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي. ومن المقرر أن تنطلق في رحلة نحو الهدف الثاني والمتمثل في: بناء دولة اشتراكية حديثة بشكل كامل بحلول منتصف القرن.
كما يوافق عام 2021 حلول الذكرى الـ20 لانضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية.
وفي مواجهة التحديات الاقتصادية الهائلة التي تطرحها جائحة كوفيد-19 المستمرة وصعود الحمائية ومناهضة العولمة، أعلنت الصين عن نمطها التنموي المتمثل في "التداول المزدوج"، والذي يمكن فيه للأسواق الداخلية والخارجية أن تعزز بعضها البعض مع اتخاذ السوق المحلية دعامة أساسية.
وقال عزت سعد، مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن نمط التنمية الجديد هذا يثبت تماما عزم الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية على مواصلة الانفتاح على العالم الخارجي.
وذكر سعد أن الصين لم تغلق أبوابها، وستتقاسم مع العالم إنجازاتها التنموية.
ومنذ طرحها، تطورت مبادرة الحزام والطريق لتصبح منصة حاسمة للتعاون العالمي. ولاحظ المراقبون الخارجيون أن المزيد والمزيد من البلدان تحول انتباهها إلى هذه المنصة المفتوحة، أملا في أن يؤدي تعزيز الربط البيني إلى انتعاش مبكر للاقتصاد العالمي.
وقال رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني السابق ميان رضا رباني إن "الربط البيني يغير مصير الفقراء والدول النامية بشكل إيجابي"، مضيفا أن "مبادرة الحزام والطريق ... تؤدي إلى تنمية اقتصادية في جميع أنحاء العالم ويمكن أن تصبح فرصة عظيمة للعالم بأسره".
ومن وجهة نظر روبرت جريفيث، الأمين العام للحزب الشيوعي البريطاني، فإن الصين "تُشرك شعوب العديد من البلدان في خطة متبادلة المنفعة للنمو والاستثمار" من خلال مبادرة الحزام والطريق.
-- تحمل المسؤولية من أجل الازدهار العالمي
بينما تتواصل جائحة كوفيد-19 بلا هوادة، يواجه العالم قضايا هائلة أخرى بما في ذلك الفقر المدقع وتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي.
وقال رباني إن "السلام والتعاون الصحي والحد من الفقر هي أهم القضايا التي تواجه العالم. وبدون تعاون، لا يوجد مخرج"، مضيفا أن الحزب الشيوعي الصيني قدم نموذجا يحتذى به من خلال جهوده لمكافحة الفقر ومرض فيروس كورونا الجديد.
في وقت لاحق من هذا العام، ستستضيف الصين الاجتماع الـ15 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي (مؤتمر الأطراف الـ15).
وقالت الخبيرة الكوبية في القضايا الدولية أنيرز رودريغيز إن عقد الصين لمؤتمر الأطراف الـ15 يعد شهادة على الاعتراف العالمي المتزايد بالعمل المضني الذي يبذله الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية في مجال حماية البيئة.
وذكر أليكسي ماسلوف، القائم بأعمال مدير معهد دراسات الشرق الأقصى التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أنه يتوقع أن تدعم الصين تحقيق مزيد من التغييرات الإيجابية في مجالات مثل تغير المناخ والبيئة البحرية.
وقال ليونيل فايرون، الخبير الجيوسياسي الفرنسي والدبلوماسي السابق، إن الصين شهدت نجاحا في تحديد أهداف عملية للتعامل مع تغير المناخ، مضيفا أن التعاون بين فرنسا والصين وبين الاتحاد الأوروبي والصين في هذا المجال متوقع للغاية ومن المقرر أن يحقق نتائج واعدة.
تعد مكافحة الفقر أحد الشواغل الرئيسية للصين، وهي أول دولة نامية تحقق أحد أهداف الأمم المتحدة الإنمائية للألفية الموجهة نحو الفقر.
وأشار كافينس أديري، الخبير الكيني المتخصص في العلاقات الدولية، إلى أن "أهداف الأمم المتحدة الإنمائية للألفية تنسجم مع رؤية الصين لمستقبل مشترك للبشرية".
وقال أديري "إن تحقيق مثل هذه التطلعات التنموية لا يمكن أن يحدث إلا عندما تعمل الدول معا".