人民网 2022:07:08.17:06:08
الأخبار الأخيرة
الصفحة الرئيسية >> تبادلات دولية
أخبار ساخنة

أخبار بصور

ملفات خاصة

جمهورية الصين الشعبية.. دولةٌ من النهضة إلى الرؤية (2)

2022:07:08.16:43    حجم الخط    اطبع

2. الصين.. رائدة التنمية المُستدامة

كانت اهتمامات التنمية في كلِّ دول العالم – في بادئ الأمر – تنصب نحو تحقيق التنمية الاقتصادية، حتَّى جعلت منها هدفاً تسعى إليه من خلال العمل على الاحتفاظ بمعدلٍ مناسب من التنمية في شتَّى الأصعدة؛ ليتحقَّق للمُجتمع على المدى البعيد زيادة معدلات النمو في الدخل القومي الحقيقي. وإنَّ أبرز ما تنطوي عليه عملية التنمية هي إحداث تغيير جذري في المجتمع يقضي بهِ على مُسبِّبات التخلف والفقر. إلَّا أنَّ هذا المفهوم للتنمية نراه – ومنذ عقود – قد تغير وفقاً للمفهوم الذي خرجت بهِ إدارة الحزب الشيوعي الصيني في ظلِّ سياستها التنموية للبلاد، فبعدما كان الحديث عن التنمية الاقتصادية الشاملة أصبح الحديث اليوم عن التنمية البشرية المستدامة ومقاييسها، إذ أصبح الاستثمار في المورد البشري هو غاية الإدارة الصينية، والتي تهدف من ورائها بناء القُدرات البشرية بغية التوصل إلى مستوى رفاه إنساني راقي، من خلال التمتع بمزايا الحياة (الصحة، المعرفة، التعليم، الحرية..)، وتوظيف قدرات التسيير في كافَّة النشاطات الإنسانية الاقتصادية والسياسية والمدنية.

من خلال المفاهيم والأُسس والثوابت العلمية التي اعتمدتها الدراسات الحديثة والمتخصِّصة في تحديد العلاقة الجدلية بين التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية، يمكن القول إنَّ هذهِ العلاقة إنَّما تنبع من واقع أنَّ أحدهما يعتمد على الآخر بشكلٍ لا يقبل الشك، وقد أظهرت التجربة الصينية بشكلٍ جليٍّ وواضح بأنَّ التنمية الاقتصادية المجرَّدة من خطط الاستثمار البشري كانت فاشلة، فالفرد في المجتمع هو الأحوج أولاً للتنمية، وذلك من واقع التخطيط له بأنْ يكون المهيَّأ لإدارة وقيادة عمليات التنمية في بلدهِ، هذا من ناحية، أمَّا من ناحيةٍ أخرى فإنَّ التنمية الاقتصادية لا يمكن أنْ تقوم بدون وجود مورد بشري علمي ومثقف ومؤهل بكلِّ ما تحتاجه مراحل التنمية الاقتصادية في كلِّ النواحي. وبذلك، يمكن لنا أنْ نعد التجربة الصينية خير مثالٍ على النجاح والتقدم في المسيرة التنموية الاقتصادية، من خلال اعتمادها على مبدأ الاستثمار الاجتماعي الذاتي، والذي قادها نحو نجاح التنمية الشاملة.

ظهر تعبير (مجتمع المعرفة) knowledge society في نهاية عَقد الستينيات من القرن الماضي. وكان المقصود بهِ أنَّ الثروة الحقيقية لدولةٍ معينة تتوقَّف على طاقتها في إنتاج المعارف وتبادلها وتحويلها، وليس فقط على ثرواتها الطبيعية أو إنتاجها المواد المصنَّعة. ويمتاز المجتمع الصيني اليوم، في ظلِّ إدارة الحزب الشيوعي، بخصائص تجعله متوافقاً وقريباً في الدلالة من هذا المفهوم، إذ أنَّ جميعها تدور حول توظيف المعرفة في كافَّة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ما يميزه عن غيرهِ من المجتمعات الزراعية والصناعية البحتة.

وعليه، يمكن لنا أنْ نحدِّد مميزات المجتمع الصيني، بناءً على القراءات العميقة، والمتابعات المتواصلة لحركتهِ التنموية، بعددٍ من الخصائص، والتي نجحت الإدارة الصينية في تقوية أواصرها ودعائمها بين جميع طبقات المجتمع الصيني، حتَّى بات اليوم يُعد خير مثالٍ لِمَا يُطلق عليه بـ(مجتمع المعرفة)، منها:

• توافر مستوى عالي من التعليم، ونموٍّ متزايد من قوة العمل التي تملك المعرفة وتستطيع التعامل معها وتوظيفها في الإنتاج، وتحول مؤسَّسات المجتمع الحكومية والخاصَّة ومنظَّمات المجتمع المدني إلى هيئاتٍ ومنظَّماتٍ ذكية وفاعلة مع الاحتفاظ بأشكال المعرفة المختلفة في بنوك المعلومات وإمكان أعادة صياغتها وتشكيلها أو تحويلها إلى خططٍ تنظيمية بفضل مراكز البحوث القادرة على إنتاج المعرفة والاستفادة من الخبرات المتراكمة، ممَّا يساعد في خلق مناخ ثقافي يمكنه فهم التحولات والتغيرات ويتجاوب معها.

• كذلك يمتاز المجتمع الصيني بأنَّه مجتمع يعتمد في تطورهِ ونموهِ بصورةٍ رئيسة على المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات، أي أنَّه يعتمد على ما يُسمِّيه البعض بالتكنولوجيا الفكرية. تلك التكنولوجيا التي تضم سلفاً سلعاً وخدماتٍ جديدة مع التزايد المستمر للقوة العاملة المعلوماتية التي تقوم بإنتاج وتجهيز ومعالجة ونشر وتوزيع وتسويق هذهِ السلع والخدمات.

• كما تتَّسم الإدارة الصينية بأنَّها تؤمِّن النفاذ الحر والشامل إلى المعلومات لجميع أفراد المجتمع، وهذا مرتبط بتوفر التكنولوجيا اللازمة المتمثلة بوجود البُنية الأساسية المتطورة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فضلاً عن وجود القوانين التي تحفظ حقوق المواطنين بالوصول إلى المعلومات، ضمن إطارٍ من الحرية والشفافية والتي تُعد أمراً أساسياً في توسع النفاذ إلى المعلومات.

• كما تتَّسم الإدارة الصينية بتعزيز وعي المواطنين بمفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وضرورة اشتراكهم في عملية صُنع القرار. كما تتَّسم باعتماد مؤسَّسات المجتمع الخاصة والحكومية ومنظَّمات المجتمع المدني أشكال المعرفة المختلفة.

• كذلك يمتاز المجتمع الصيني بأنَّه يعتمد في مُجمَل أنشطة حياتهِ على الاستخدام والتعامل بغزارة مع المعلومات والمعرفة. كذلك فهو مجتمع يعتمد أساساً على المعلومات الوفيرة كموردٍ استثماري، وكسلعةٍ إستراتيجية، وكخدمةٍ، وكمصدرٍ للدخل القومي، وكمجالٍ للقوى العاملة، مستغلاً في ذلك كافَّة إمكانيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

• كما يتصف المجتمع الصيني بأنَّ نسبة كبيرة من أفرادهِ تستخدم المعلومات بشكلٍ مكثَّف، سواءٌ أكانوا منتجين أو مستهلكين للمعلومات، وإنشاء مراكز نُظُم معلومات توفِّر فرص أفضل للتعليم. ويظهر في هذا المجتمع قطَّاع المعلومات كقطَّاعٍ مهم من قطَّاعات الاقتصاد.

أمَّا عن وجهة نظرنا في هذا الجانب بالتحديد من مجموع الموضوعات التي نتناولها في مقالتنا هذهِ، فيمكن لنا القول إنَّ تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والتنمية البشرية مسألة في غاية الأهمية والدقَّة؛ فمن جهة، لا بدَّ من الاهتمام بالتنمية البشرية، ولكن المبالغة في الاهتمام بها بأكثر من حدودٍ معيَّنة تقضم القدرة على التنمية الاقتصادية وتكبحها، ما يُقلِّص المتاح للتنمية البشرية. وإهمال التنمية البشرية ومنح الحقوق كافَّة لرأس المال، إنَّما يعني تدهور سوية الحياة ومستوى المعيشة، ويُضعف تأهيل قوة العمل والقدرة الإبداعية للمُجتمع، ويُهدِّد في النهاية بانفجار المجتمع.


【1】【2】【3】【4】【5】

الكلمات الرئيسية

الصينالحزب الشيوعي الصينيشي جين بينغالصين والدول العربيةصحيفة الشعب اليوميةالثقافة الصينيةكونغفوشيوسالعلاقات الدولية كونغفوالأزمة السوريةقضية فلسطينالمسلمون الصينيونالإسلام في الصين

الصور

السياحة في الصين

الموضوعات المختارة

المعلومات المفيدة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×