حماة، سوريا 14 ديسمبر 2022 (شينخوا) مع اشتداد ازمة الوقود في سوريا والنقص الحاد بكميات وقود التدفئة اللازمة للمواطنين، لجأ الناس إلى أساليب متخلفة للتدفئة، منها ما يعمل على الحطب والآخر على قشر الفستق الحلبي، الأمر الذي دعا صناع المدافئ إلى ابتكار مدافئ تتلاءم مع الوضع الراهن تتناسب مع الأسلوب الجديد، لتصبح تلك المدافئ البديلة في مدينة حماة (وسط سوريا) مع مرور الوقت تجارة رائجة وسط إقبال شديد من السوريين لشرائها.
وفي ورشته في وسط مدينة حماة، روى عبد الله علي تويت، صانع المدافئ البالغ من العمر 42 عامًا، لوكالة أنباء ((شينخوا))، كيف تطورت أعماله خلال أزمة 11 عامًا ، من صناعة المدافئ التي كانت تعمل على وقود المازوت (الديزل) إلى المدافئ التي تعمل على مختلف أنواع الحطب وقشر الفستق الحلبي، وهي بدائل طبيعية موجودة في تلك المناطق وبتكلفة أقل بكثير من وقود المازوت.
وقال تويت، الذي كان يرتدي جلابية بنية اللون ويشرف على مجموعة من العمال الذين يتحركون بعفوية هنا وهناك لتجميع المدافئ، إن تطوير أو تغيير المدافئ التي تعمل على وقود المازوت العادية انبثقت من صميم المعاناة وصعوبة تأمين وقود التدفئة أثناء فصل الشتاء.
وتابع يقول "عندما بدأ الناس في إجراء حسابات حول تكاليف الوقود الحيوي، وجدوا أنه أقل تكلفة بكثير من وقود المازوت، لأنه يوفر نصف التكاليف بالمقارنة، لذلك لجأ الناس إلى هذا الوقود الطبيعي المتوفر، وقمنا بتطوير هذا العمل تدريجياً".
وآخر تحديث له هو مدفئة تعمل على قشور الفستق الحلبي أو قشر اللوز وتقريبا جميع أنواع القشور بالإضافة إلى الحطب، كما يقدم خيارات متعددة من المدافئ التي تعمل إما على الحطب أو قشور الفستق للناس.
وأضاف تويت أنه بدأ في الترويج للمدافئ التي يصنعها عبر منصات التواصل الاجتماعي لجعل الناس في مدن أخرى على دراية بهذا الشيء، حيث اقتصرت إلى حد كبير على ريف محافظتي حماة وحمص الغنيتين بحقول الفستق.
وأشار تويت إلى أن الناس سعداء بالبديل الأرخص للمدافئ التي تعمل بالديزل، وتوقعوا أنه حتى لو عاد الوقود إلى ما كان عليه قبل الحرب وأصبح متاحا، فسيظل الناس يستخدمون المدافئ الجديدة بسبب أسعارها المعقولة والطاقة النظيفة التي تنتجها.
على بعد بنايتين فقط، قال سليمان الخالد، 34 عاما، وهو أب لخمسة أطفال، إنه كان يستخدم مدفئة قشر الفستق تقريبا منذ بداية الأزمة، مشيرا إلى أنه في البداية كان الموقد يعمل بشكل يدوي، مبينا أنه قام بتطوير مدفئة أحدث مزودة بلوحة تحكم وتصميم أجمل بكثير من السابقة.
وقال الخالد، وهو يجلس بجانب أكياس كبيرة من الفستق بالقرب من المدفأة، إنه يحب هذا النوع من التدفئة لأنه أرخص من وقود المازوت، موضحا ان الوقود الحيوي لا ينبعث منه دخان أو رائحة مزعجة.
وأضاف "استبدلنا المدفئة القديمة التي كانت تعمل على وقود المازوت بهذه المدفئة الجديدة التي تعمل على قشور الفستق، حيث أن سعره أرخص من الخامات الأخرى ومتوفرة في هذه المنطقة".
في مناطق أخرى من سوريا، استبدل الناس المدافئ التي تعمل على المازوت، بمدافئ تعمل على الحطب، وبات أغلبية السوريين يقبلون على شراء تلك المدافئ لأسعارها المناسبة وتوفر الحطب الذي تعمل عليه تلك المدافئ.
وفي محافظة السويداء (جنوب سوريا) ذات الطقس البارد جدا في الشتاء، اعتمد أغلبية الناس على مدافئ الحطب، وباتت تلك المدافئ تغزو الأسواق وانتشرت بشكل كبير في المحلات التجارية وبأشكال مختلفة.
وقال علاء نصر، 33 عاما، وهو موظف حكومي لوكالة أنباء ((شينخوا))، "مع ازمة المشتقات النفطية التي تشهدها سوريا حاليا، وغلاء أسعار الوقود الى أسعار خيالية تفوق قدرتنا على شراء المازوت، والذي وصل الى سعر اللتير الواحد إلى 7000 ليرة سورية أي ما يعادل اكثر من واحد دولار، تحولنا إلى التدفئة على الحطب لكونه متوفرا، وسعره مناسبا لنا".
وأضاف نصر، الذي يعمل حلاقا بالإضافة الى عمله الوظيفي، "اشتريت مدفئة خاصة تعمل على الحطب، وهي تنشر الدفء في معظم أرجاء البيت"، موضحا ان شتاء محافظة السويداء بارد جدا، ويحتاج الى ساعات طويلة لتدفئة البيت.
تفاقمت أزمة المحروقات في سوريا في الأسابيع الأخيرة، ويظهر ذلك من خلال نقص مادة المازوت وغيره من أشكال الوقود وسط ساعات طويلة من انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أسعار وقود السيارات وغاز الطهي في السوق السوداء.
اتخذت الحكومة إجراءات غير مسبوقة لتوفير الوقود مثل سن عطلة نهاية أسبوع لمدة ثلاثة أيام، والتي ستستمر حتى نهاية العام، وتعليق جميع الألعاب الرياضية عبر المدن لتوفير وقود النقل.
كما رفعت الحكومة سعر مادة المازوت الذي تستخدمه المعدات الثقيلة على نطاق واسع في الصناعات وحذرت من شراء الوقود من السوق السوداء.
ويقترن كل هذا بانخفاض جديد في قيمة الليرة السورية امام العملات الأجنبية .
وتلقي الحكومة السورية باللوم في أزمة الوقود الحاصلة على العقوبات الأمريكية التي جعلت من الصعب على ناقلات الوقود والنفط الوصول إلى الساحل السوري.