أظهرت البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء مؤخرا، بلوغ الناتج المحلي الإجمالي الصيني خلال النصف الأول من العام الحالي 61.7 تريليون يوان، محققا نموا بـ 5٪ على أساس سنوي. ورأى الخبراء أن تحقيق هذا المعدل بالنسبة لثاني أكبر اقتصاد عالمي، يعدّ إنجازا صعبا في ظل الظروف الدولية الحالية.
وبالنظر إلى وضع الاقتصاد العالمي، حقق الاقتصاد الصيني خلال الربع الأول من العام، نموّا أسرع من الاقتصادات الرئيسية، على غرار الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان. وكان البنك الدولي قبل ذلك، قد رفّع تقديراته لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي المتوقع للصين لعام 2024 بمقدار 0.3 نقطة مئوية عن توقعاته السابقة في ديسمبر 2023. ويمكن ملاحظة أن نسبة الـ 5% تمثل نموًا تمكن من الصمود أمام الصعوبات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد العالمي. مما يعني بأن الاقتصاد الصيني لا يزال يلعب دور حجر التوازن في الاقتصادي العالمي.
تعتبر تغيّرات النمو الاقتصادي انعكاسا للخصائص المرحلية للتنمية الاقتصادية. لكن هذا لا يعني بأن النمو الجيّد نتيجة للوضع الجيد أو العكس بالعكس.
وخلف هذا النمو عكس التيار، توجد العديد من الاختراقات التكنولوجية. فخلال العام الحالي، تمكنت المركبة تشانغ اه -6 من العودة بأول عيّنة من القمر. وسجلت قناة شنتشن- تشونغشان 10 أرقاما قياسية عالمية. كما أطلقت الصين المرحلة التجريبية لأول شبكة 6 جي، تدمج الاتصالات بالذكاء الاصطناعي. وتواصل الصين تحقيق اختراقات متواصلة في مجال العلوم والتكنولوجيا، مما يضخ زخما جديدا لتسريع تنمية القوى الإنتاجية الجديدة، ويدفع التحول الصناعي نحو مفاهيم خضراء وجديدة.
وتتمسّك الصين بالتنمية عالية الجودة وتضعها مفتاحا لنموها الاقتصادي في العصر الجديد. وتواصل العمل بجد لتعزيز الابتكار، وتحقيق تحسن نوعي وفعال للنمو الكميّ. وهذا يجعل من معدّل الـ 5% ذو جودة أعلى وأكثر كفاءة وأكثر إنصافًا اجتماعيا وأكثر استدامة وأمانًا.
وتعيش عملية الإصلاح والتنمية في الصين حاليا تناقضات عميقة لايمكن تجنّبها أو الالتفاف عليها. فيما تكمن وصفة تجاوز هذه التناقضات في دفع الإصلاح قدما وبشكل شامل. إلى جانب التمسّك بالحد الأدنى والاستعداد للأسوأ والسعي نحو تحقيق أفضل النتائج. والإتقان في استخدام أساليب الإصلاح لحل المشكلات العالقة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهذا هو سرّ نجاح التجربة الصينية والتمسّك بالريادة والفرص الاستراتيجية في المستقبل.
وتمتلك الصين مزايا مؤسسية لاقتصاد السوق الاشتراكي والطلب القوي المستند إلى سوق ضخمة، إلى جانب ميزة العرض، التي تعتمد على نظام صناعي متكامل، إضافة إلى ميزة الموهبة المتمثلة في وجود عدد كبير من العمال ورجال الأعمال ذوي الكفاءة العالية. وهذه المزايا تكمل بعضها البعض، وتعزز بعضها البعض، وتضخم بعضها البعض، مما يمنح الاقتصاد مرونة قوية ومساحة كافية للتنمية.
ومع اتخاذ الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني ترتيبات شاملة لدفع الإصلاحات العميقة بشكل شامل على صعيد التحديث صيني النمط، وفي ظل عمليات تحديث المنشآت واسعة النطاق، وتحوّل السندات الخاصة وسندات الخزانة الخاصة طويلة الأجل إلى أعمال ملموسة وغيرها من العوامل المشجعة، سيحقق الاقتصاد الصيني بالتأكيد أداء أفضل خلال النصف الثاني من العام.