القاهرة 21 نوفمبر 2012 / تباينت تقديرات المحللين السياسيين بشأن صمود الهدنة التى اعلنت عنها مصر اليوم (الاربعاء) بين الفصائل الفلسطينية فى غزة واسرائيل ودخلت حيز التنفيذ في الساعة التاسعة مساء بتوقيت القاهرة (00:19 بتوقيت جرينتش).
وبينما توقع محللون صمود اتفاق التهدئة لاسيما فى ظل تغير الظروف الاقليمية والدولية وتطور القدرات العسكرية للمقاومة بما لا يصب فى صالح اسرائيل التى ستكون الطرف الاكثر حرصا على الهدنة ، قال اخرون ان فرصة استمرار الهدنة ضعيفة.
لكن المراقبين اتفقوا على ان التوصل الى اتفاق الهدنة يعد نجاحا لسياسة الرئيس المصري محمد مرسي الذى تمكن من وقف العدوان على غزة.
وأعلن وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، أنه تم التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار بين الفصائل في غزة واسرائيل بدءا من الساعة التاسعة مساء بتوقيت القاهرة، وسط ترحيب امريكي.
وقال عمرو، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته الامريكية هيلاري كلينتون، إن مصر بذلت جهودا حثيثة واجرت اتصالات مكثفة مع القيادة الفلسطينية والفصائل في غزة والجانب الاسرائيلي والولايات المتحدة الامريكية اسفرت عن التوصل الى تفاهمات لوقف اطلاق النار.
وثمن جهود الجامعة العربية وتركيا وقطر والسكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون داعيا الجميع لمتابعة تنفيذ ما تم التوصل إليه برعاية مصرية لضمان التزام جميع الاطراف بما تم التوافق عليه.
ونص اتفاق التهدئة في غزة، بحسب نسخة مكتوبة منه حصلت وكالة أنباء ((شينخوا)) عليها، على أن " تقوم إسرائيل بوقف كل الأعمال العدائية على قطاع غزة برا، وبحرا، وجوا، بما في ذلك الاجتياحات وعمليات استهداف الأشخاص".
وفي المقابل نص الاتفاق على أن "تقوم الفصائل الفلسطينية بوقف كل الأعمال العدائية من قطاع غزة تجاه إسرائيل بما في ذلك إطلاق الصواريخ والهجمات على خط الحدود".
وتضمن الاتفاق كذلك "فتح المعابر وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع وعدم تقييد حركة السكان أو استهدافهم في المناطق الحدودية، والتعامل مع إجراءات تنفيذ ذلك بعد 24 ساعة من دخول الاتفاق حيز التنفيذ" وأن "يتم تناول القضايا الأخرى إذا ما تم طلب ذلك".
وحدد اتفاق التهدئة "آلية التنفيذ" حيث نص على " تحديد ساعة الصفر لدخول تفاهمات التهدئة حيز التنفيذ وحصول مصر على ضمانات من كل طرف بالالتزام بما تم الاتفاق عليه والتزام كل طرف بعدم القيام بأي أفعال من شأنها خرق هذه التفاهمات، وفي حال وجود أي ملاحظات يتم الرجوع إلى مصر راعية التفاهمات لمتابعة ذلك".
وأعربت كلينتون عن ترحيب واشنطن بهذا الاتفاق، مبدية تطلعها للعمل مع مصر لتنفيذه، شاكرة الرئيس محمد مرسي لجهوده الحثيثة لتهدئة الأوضاع فى غزة وإنهاء العنف .
وقال الدكتور اكرم حسام الباحث بالمركز القومي لدراسات الشرق الاوسط ان اسرائيل اخطأت التقدير عندما قررت شن عملية عسكرية على غزة مشيرا الى ان الاولى كانت تتصور انه يمكنها تنفيذ هذه العملية لتدمير البنية التحتية للمقاومة لكنها لم تضع الظروف الاقليمية والدولية التى لا تصب فى صالحها فى الحسبان.
وشنت اسرائيل أكثر من 1200 غارة جوية على غزة في اطار عملية عسكرية بدأت الاربعاء الماضي واطلقت عليها "عمود السماء" قتل خلالها 160 فلسطينيا من بينهم قائد كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس أحمد الجعبري فيما جرح أكثر من 1200 آخرين بحسب مصادر فلسطينية.
في المقابل قتل خمسة إسرائيليين بينهم جندي واحد وجرح نحو 70 آخرين بينهم جندي إثر إطلاق الفصائل المسلحة أكثر من ألف قذيفة وصاروخ على بلدات ومدن إسرائيلية وصلت 5 منها إلى تل أبيب والقدس.
واوضح حسام ، لوكالة أنباء ((شينخوا)) ، ان هناك اربعة عوامل دفعت اسرائيل الى القبول بالتهدئة والاستجابة لشروط الفصائل الفلسطينية اولها ان الموقف الامريكي داعم ظاهريا فقط لموقف تل ابيب لكنه كان ضاغطا عليها لوقف اطلاق النار تجنبا لتوسيع العملية العسكرية او جر المنطقة الى حرب قد تكون اقليمية او بالوكالة فى غزة.
واضاف ان ثاني هذه العوامل هو تشكيل رأى عام فى اسرائيل يطالب حكومة بنيامين نتنياهو بعدم المغامرة فى غزة ويعتبر ان نتنياهو يريد من خلال العملية العسكرية على القطاع تحقيق مكسب انتخابي لاسيما مع اقتراب الانتخابات البرلمانية.
واشار الى ان اسرائيل رأت خلال العملية على غزة " تحولا استراتيجيا فى القدرات العسكرية لحماس" التى باتت تمتلك صواريخ وصل مداها الى القدس وتل ابيب وبالتالي ادركت اسرائيل ان العملية العسكرية فى غزة ليست نزهة وستدفع ثمنا.
واوضح ان الموقف المصري القوى كان سببا فى التوصل لهذا الاتفاق لاسيما بعد التصريحات القوية للرئيس محمد مرسي وزيارة رئيس الحكومة هشام قنديل الى غزة التى اعتبرت رسالة قوية للدولة العبرية بان هناك من يدعم غزة على الاقل سياسيا.
وكان الرئيس مرسي اكد فى وقت سابق " ان الشعب والقيادة والحكومة (فى مصر) تقف بكل امكانياتها لمنع العدوان الإسرائيلي وإراقة الدماء" فى غزة.
وأضاف " لا نقبل أبدا بأى حال من الأحوال استمرار هذا العدوان المستمر على قطاع غزة " و" ان الاسرائيليين عليهم أن يدركوا أن هذا العدوان لا يمكن أن يؤدي الا الى عدم الاستقرار في المنطقة ويؤثر تأثيرا سلبيا كبيرا عليها".
فيما زار رئيس الوزراء هشام قنديل غزة فى 16 نوفمبر الحالي مؤكدا " ان مصر الثورة لن تتوانى عن تكثيف جهودها وبذل الغالي والنفيس لوقف العدوان وتحقيق الهدنة واستمرارها " موضحا ان زيارته " ليست مجرد إظهار للدعم السياسي، ولكنها دعم ووقوف بجانب الشعب الفلسطيني على الأرض."
ورأى حسام ان اسرائيل ارادت ايضا من خلال العملية العسكرية اختبار رد الفعل المصري بعد ثورة 25 يناير وثبت لها انه جاء مخالفا لما ورد فى مراكز الابحاث الاسرائيلية التى توقعت الا يزيد موقف القاهرة عن الادانة وان يكون سحب السفير اكثر ما يمكن ان تقوم به مصر بسبب انشغالها بالوضع الداخلي.
وكان الرئيس مرسي قرر الاربعاء الماضى سحب السفير المصري من اسرائيل بينما استدعت وزارة الخارجية سفير تل ابيب بالقاهرة احتجاجا على العدوان على غزة.
كما اصدر مرسي توجيهات لمندوب مصر في الأمم المتحدة بالدعوة لعقد جلسة طارئة في مجلس الأمن فيما عقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب بناء على طلبه للتباحث بشأن الاعتداء على غزة .
واعتبر حسام اتفاق الهدنة " نجاحا للرئيس مرسي وأحد العلامات المضيئة فى سياسته الخارجية" مشيرا الى ان نجاح مصر فى وقف العدوان ومنع اسرائيل من تحقيق اهدافها يثبت ان تغييرا كبيرا طرأ على مصر بعد الثورة.
وحول قدرة اتفاق وقف اطلاق النار على الصمود ، قال حسام ان فرص نجاحه كبيرة وان اسرائيل سوف تكون اكثر الاطراف حرصا على نجاحه لان الحرب ليست فى صالحها.
واضاف ان هناك ضمانات حصلت عليها مصر لتنفيذ الاتفاق كما ان الاعلان عنه فى وجود وزارة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون يعنى ان واشنطن تضمن الاتفاق ايضا.
وخالفه الرأى الدكتور احمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية الذى توقع ألا تصمد الهدنة كثيرا بسبب اسرائيل.
وقال مهران ان اسرائيل وافقت على الهدنة حتى تظهر امام المجتمع الدولي بأنها تريد وقف العنف متوقعا ان تنقض تل ابيب الاتفاق بمرور الوقت لاسيما انها تريد تحقيق اهدافها الاستراتيجية فى غزة.
واوضح ان اسرائيل شنت العملية العسكرية على غزة بهدف استطلاع الموقف العربي والكشف عن نوايا الانظمة العربية تجاهها بعد ثورات الربيع العربي وذلك لتحديث استراتيجيتها.
واضاف ان اسرائيل ارادت من خلال العملية العسكرية على غزة ان تعرف ماذا ستفعل الدول العربية اذا شنت عملية برية على القطاع الفلسطيني.
واعتبر ان الاتفاق بالنسبة لاسرائيل هدنة مؤقتة شكلية وان تل ابيب ستراوغ وتثير ازمة ما تتهم فيها فصائل المقاومة بنقض الاتفاقية لضرب غزة مجددا.
لكن مهران اتفق مع الباحث بمركز دراسات الشرق الاوسط الدكتور اكرم حسام فى ان الاتفاق نجاح للرئيس المصري وسياسته.
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn