بكين 21 ديسمبر 2013 / أحالت النيابة العامة في مصر مؤخرا الرئيس المعزول محمد مرسي وقادة آخرين بجماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها، على محكمة الجنايات بتهمة "التخابر والإرهاب "، في حين تستعد البلاد لإجراء استفتاء على مسودة الدستور الجديد، مع استمرار حالة الغموض بشأن مشاركة "الإخوان" والتحالف المؤيد لها في هذا الاستحقاق .
وفي هذا الصدد، أعرب خبراء صينيون عن اعتقادهم بأن السلطات المصرية تهدف من خلال توجيه التهمة الجديدة إلى مرسي وآخرين إلى ترسيخ سلطتها وكسب مزيد من الدعم الشعبي بغية دفع عملية الانتقال السياسي وسط حالة الشد والجذب مع الإخوان المسلمين ورغم وجود تحديات، مشيرين إلى أن محاكمة مرسي وقادة "الإخوان" بالشكل الملائم خطوة في مسيرة تحقيق الاستقرار والقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية في أرض الكنانة.
تهمة جديدة مشددة:
مثل مرسي للمحاكمة لأول مرة في 4 نوفمبر الماضي بتهمة التحريض على قتل متظاهرين، ومن المقرر استئناف المحاكمة في هذه القضية في 8 يناير المقبل. وقبل أيام، وجهت النيابة العامة تهمة جديدة مشددة إلى مرسي وبعض قادة الإخوان المسلمين في محاولة لترسيخ وضع السلطة الحالية وكسب مزيد من الدعم الشعبي وتقليل نفوذ الجماعة وإجبارها على تقديم تنازلات ، حسبما يرى خبراء صينيون.
وفي هذا السياق، قال دونغ مان يوان، نائب رئيس معهد الصين للدراسات الدولية، إن "السلطات المصرية تريد، بعد عزل محمد مرسي، تدعيم ما حققته من إنجازات، وترسيخ سلطتها وإدارتها من خلال تشديد التهمة الموجهة إلى مرسي".
وأضاف دونغ أن السلطات قامت بهذه الخطوة ضد مرسي، كأبرز ممثلي الإخوان المسلمين، "رغبة منها في إضعاف الأمل في عودة مرسي إلى صفوف جماعته ومؤيديه، ما يثير حالة من الانقسام داخل الجماعة" .
ولفت دونغ إلى أن ما تود السلطات تحقيقه في هذا الصدد يتمثل في نشر حالة من اليقين بين مزيد من الناس حول "عدم شرعية مرسي والإخوان المسلمين من خلال توجيه هذه التهمة التي تمس الأمن القومي للبلاد ، وبالتالي تحظى قرارات الحكومة بمزيد من الدعم " في حين تجري الاستعدادات لإجراء الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد في 14 و15 يناير المقبل وسط حالة من الغموض تكتنف مشاركة الإخوان المسلمين والتحالف الوطني لدعم الشرعية المؤيد لها في هذا الاستحقاق .
ويعتقد ما شياو لين، الخبير في شؤون الشرق الأوسط ، أن تشديد التهم المنسوبة إلى مرسي "يعد جزءا من محاولة السلطات الحالية الرامية إلى تعجيل عملية نقل السلطة وإظهار قوتها في مواجهة الإخوان المسلمين وإجبار الجماعة على قبول الترتيبات الحكومية وعدم القيام بتحركات ضد الحكومة".
وأضاف ما شياو لين أن "التهمة هذه المرة أكثر تحديدا، ولا تستطيع الجماعة أن ترفضها في ظل علاقتها المعروفة مع منظمات أجنبية مثل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، ما يمنح السلطات الحالية ميزة مواجهة الانتقادات وفرصة لاختبار الشعبية الحقيقية للإخوان المسلمين".
رغبة في محاكمات سريعة رغم التحديات:
يرى خبراء صينيون أن السلطات الحالية في مصر تود إجراء محاكمات بوتيرة سريعة لمرسي وقادة "الإخوان"، لكن هناك أيضا تحديات كبيرة قد تحول دون إجراء المحاكمات بالوتيرة المرجوة، ومن بينها الوضع المعقد الذي تمر به البلاد .
ويعتقد دونغ مان يوان أن السلطات المصرية "ترغب من خلال إجراء محاكمات بوتيرة سريعة وضع البلاد على المسار الصحيح في أقرب وقت ممكن، وهو أمر يؤيده الشعب المصري كله".
وشاطره ما شياو لين الرأي قائلا إن "السلطات لا تريد تمديد المحاكمات لكي تركز على تسريع عملية الانتقال السياسي، ويتضح هذا من خلال توجيه تهمة مشددة قبل المحاكمة القادمة. لكن الأوضاع في مصر معقدة للغاية، ومن المحتمل ألا تتحقق رغبة السلطات"، موضحا أن الاحتجاجات ستظل قائمة طالما استمرت المحاكمات.
وقال لي قوه فو، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد الصين للدراسات الدولية، إن هناك ثلاثة أسباب قد تؤدي إلى تمديد المحاكمات، مثلما حدث خلال محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، وتتمثل هذه الأسباب في:
أولا، من المفروض إجراء المحاكمات في الإطار القانوني والقضائي، ما يتطلب وقتا طويلا ، ولا يمكن للسلطات تجاوز سير العمل القضائي لتحقيق أهداف سياسية.
ثانيا، هناك تحديات داخلية أمام المحاكمات، إذ يحظى مرسي وجماعة الإخوان المسلمين بدعم شعبي ليس بقليل، لاسيما في صفوف الطبقة الفقيرة، التي تعد الأكبر عددا في المجتمع المصري، وحتى الآن هناك أيضا عدد كبير من مؤيدي الجماعة الذين ينظمون تظاهرات بشكل شبه يومي احتجاجا على المحاكمات.
ثالثا، ثمة تحديات خارجية أيضا، إذ تؤيد بعض دول المنطقة جماعة الإخوان المسلمين وتشجعها، فضلا عن الضغوط الخارجية المفروضة على السلطات المصرية.
خطوة في مسيرة الاستقرار والإصلاح:
يلعب إجراء المحاكمات بصورة ملائمة دورا إيجابيا إلى حد كبير في الوقت الراهن، لكن تحسن الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد على الأمد البعيد مسيرة طويلة لا تعتمد على مجرد إجراء هذه المحاكمات والتركيز عليها، على حد قول خبراء صينيين.
وفي هذا السياق، قال دونغ مان يوان "إن ما تحتاج مصر أكثر إليه الآن هو تحقيق الاستقرار، حيث لا يمكن إجراء أية إصلاحات سياسية أو اقتصادية هناك بدون هذا الأساس المفقود منذ وقت طويل".
وأضاف دونغ أن "إجراء محاكمات مرسي وقادة الإخوان المسلمين بشكل ملائم مجرد خطوة في مسيرة تحقيق الاستقرار وتوطيد هذا الأساس، ما يساعد على دفع عملية الانتقال السياسي وتحقيق المصالحة الوطنية".
ويعتقد ما شاو لين أن "الاضطرابات المستمرة منذ وقت طويل تمزق المجتمع المصري. وإذا كان بإمكان السلطات المصرية التخلص من حالة الشد والجذب مع جماعة الإخوان من خلال إجراء المحاكمات بصورة ملائمة، فسيفتح هذا صفحة جديدة".
وأوضح لي قوه فو أنه على الأمد البعيد، لا يمكن أن يعتمد الإصلاح السياسي والاقتصادي في مصر على مجرد إجراء محاكمات، ويجب أن يتحد الشعب المصري ويبذل جهودا مشتركة".
وأعرب لي قوه فو عن أمله أن تتعامل السلطات المصرية مع المحاكمات بصورة ملائمة، وتحترم إرادة الشعب، وتنظم الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة بشكل نزيه وشفاف، وتركز تدريجيا على القيام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية، ما يعد مهمة ملحة حاليا.
وأشار ما شياو لين إلى أنه "على أي حال، ستكون هذه المسيرة معقدة وصعبة للغاية، ويجب أن يتفهم الجميع في مصر أن هذه المهمة قد تستغرق وقتا طويلا ، ومن المستحيل تحقيقها بالتركيز فقط على محاكمات مرسي وقادة الإخوان المسلمين".
/مصدر: شينخوا/
1. حافظوا على القوانين، والانظمة المعنية التى وضعتها جمهورية الصين الشعبية، وحافظوا على الاخلاق على الانترنت، وتحملوا كافة المسؤوليات القانونية الناتجة عن تصرفاتكم بصورة مباشرة وغير مباشرة.
2. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين كافة الحقوق فى ادارة الاسماء المستعارة والرسائل المتروكة.
3. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين الحق فى نقل واقتباس الكلمات التى تدلون بها على لوحة الرسائل المتروكة لصحيفة الشعب اليومية اونلاين داخل موقعها الالكترونى.
4. تفضلوا بابلاغ arabic@peopledaily.com.cn آراءكم فى اعمالنا الادارية اذا لزم الامر.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn