تقرير إخباري: جدل بين أونروا وحكومة حماس بسبب مساق تدريسي لحقوق الإنسان في غزة

غزة 11 فبراير2014 / أثار إقرار وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، مساقا تدريسيا جديدا في مدارسها في قطاع غزة، جدلا مع الحكومة المقالة التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في القطاع. واعترضت وزارة التربية والتعليم في الحكومة المقالة اليوم (الثلاثاء)، بشدة على مساق "أونروا" التدريسي الجديد المتعلق بحقوق الإنسان، بدعوى أن الوكالة لم تأخذ بملاحظتها عليها، وأنه يعارض "الثقافة والتقاليد الفلسطينية". وقال معتصم الميناوي مدير الإعلام في الوزارة لوكالة أنباء (شينخوا) ، إن أهم أسباب رفضها المساق الجديد هو أنه تم إقراره من دون موافقة الوزارة عليه والحصول على "ترخيص" لتدريسه. وذكر الميناوي، أن "أونروا" عرضت على الوزارة منذ مطلع عام 2012 رغبتها بتدريس مناهج عن حقوق الإنسان وتم تشكيل لجان مشتركة أخذت الوكالة 30 في المائة من الملاحظات التي سجلتها الوزارة. وحسب الميناوي، فإن " العرف الذي يحكم الوكالة أنها تلتزم بالمناهج التي تدرس ضمن نطاق عملياتها"، متهما المنظمة الدولية بأنها "تتعامل كأنها دولة داخل دولة وعليها أن تدرك حدود صلاحياتها". في المقابل رفضت "أونروا" انتقادات حكومة حماس للمساق التدريسي الجديد، مؤكدة التزام منهجها التدريسي بثقافة المجتمع الفلسطيني. وقال عدنان أبو حسنة المستشار الإعلامي لأونروا في غزة لـ (شينخوا)، إن الوكالة "ملتزمة كليا بتدريس منهاج السلطة الفلسطينية ولا يوجد لديها منهاج خاص بها". وذكر أبو حسنة، أن المساق الجديد "تم إعداده بالتعاون مع كافة مكونات المجتمع الفلسطيني"، من دون أن يعلق بالذات على حجم التشاور مع وزارة التربية والتعليم في حكومة حماس. ويفترض أن يتم تدريس المساق الجديد للصفوف مرحلة الإعدادي في مدارس "أونروا". وإلى جانب طريقة إقرار المساق الجديد، اعترضت وزارة التربية والتعليم في حكومة حماس على مواد بعينها تم إدراجه فيه. وبهذا الصدد قال الميناوي، إن أي مناهج دراسية "يجب أن تصاغ بفكر وفلسفة المجتمع الذي يدرس فيه ولا يصح أن يكون المنهاج معزولا عن السياق الثقافي والاجتماعي والحضاري والوطني للطالب". وذكر أن مساق "أونروا" التدريسي "يتجاهل" التراث الإسلامي العربي الفلسطيني، وتناول الحديث عن معاناة الشعب الفلسطيني بشكل سطحي لا يتناسب وحجم الظلم الواقع عليه، خصوصا مرحلة "النكبة" (عام 1948) التي رافقت قيام دولة إسرائيل.

وتشرف وكالة "أونروا"على تعليم 214 ألف طالب في قطاع موزعين على 220 مدرسة لأبناء اللاجئين الفلسطينيين في القطاع وتتولى بنفسها إدارتها. وأشار الميناوي، إلى أن المساق الجديد يتضمن "معلومات مغلوطة بأن النكبة سببها انضمام الدولة العثمانية للألمان مما جعلها تخسر أراضيها، وليس أن سبب النكبة هو المحتل الصهيوني". وأضاف أن المساق لم يتضمن "أمثلة عن نضالات الشعب الفلسطيني على المستوى الإنساني، ولا أمثلة عن قيادات فلسطينية ناضلت لرفع الظلم، إضافة إلى إهماله دور بريطانيا والمجتمع الدولي في تسهيل مهمة الصهاينة لاحتلال الأراضي". واعتبر الميناوي، أن المساق الجديد تضمن كذلك "تشويها لقضية اللاجئين وتقزيمها وتصويرهم بأنهم أناس (فروا) وفي هذا تشويه وطمس للحقيقة وليس أنهم هجروا قسرا وارتكبت مجازر حتى يتركوا ديارهم". كما احتجت وزارة التربية والتعليم في حكومة حماس، على تركيز مساق اونروا التدريسي على المقاومة السلمية "باعتبارها السبيل الوحيد لتحقيق الحرية والاستقلال بغرض تنمية مشاعر سلبية تجاه المقاومة المسلحة رغم مشروعيتها كشعب تحت الاحتلال". إضافة إلى ذلك قال الميناوي، إن بعض المواد "خالفت الدين الإسلامي مثل أن للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج الحق في التزويج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، أي بمعنى يجوز للمسلمة أن تتزوج يهودي أو مسيحي". واتهم الميناوي "أونروا"، برفض كتب حول حقوق الإنسان قامت الوزارة بصياغتها بأسلوب يتناسب مع بيئة الطالب وثقافته وواقعه، معتبرا أنها أصرت على كتب أخرى "لا تناسب المجتمع ولا فلسلفته". من جهته دافع أبو حسنة عن المساق الخاص بأنروا محل الجدل، مؤكدا على أنه "ملتزم تماما بقيم وتقاليد وثقافة المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة ولم يتضمن أي مخالفات لهذه القيم والعادات". ورفض أبو حسنة أي تكهن بأي تأثر سلبي لخدمات "أونروا" في قطاع غزة، مشددا على الدور الحيوي لها كونها تقدم مساعدات منتظمة لأكثر من 650 ألف لاجئي فلسطيني في القطاع ولا يمكن وقف خدماتها ولو ليوم واحد. ويقول مسؤولون في "أونروا" إنها ترغب في تأسيس منهاجها الدراسي وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهي تجد نفسها في حيرة عند التعرض لمثل هذه الانتقادات لدفعها لتجاهل جزء من تاريخ العالم. من جهتها سبق أن رفضت السلطة الفلسطينية في عدة مناسبات، أي تدخل لأي جهات "غير رسمية وغير شرعية" (في إشارة إلى حكومة حماس) في المنهاج الدراسي لـ(أونروا) الذي يتم التوافق عليه مع وزارة التربية والتعليم في الضفة الغربية. وتعد ممارسات وأنشطة الوكالة الدولية خاصة ما يتعلق بمدارسها ومخيماتها الصيفية وفي عديد من المجالات الأخرى محل انتقاد دائم من قبل حركة حماس وحكومتها المقالة التي ترى بأن (أونروا) تتصرف بشكل منعزل. وتسيطر حركة حماس على قطاع غزة بالقوة منذ يونيو 2007 إثر جولات من القتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.

/مصدر: شينخوا/