دمشق 24 مارس 2015 / يعاني الأطفال في سوريا، مع تزايد وتيرة القتال في عموم المناطق السورية، من ظاهرة التسرب من التعليم في المدارس، والتخلي عن حلم الحصول على تحصيل علمي مناسب، ولجوء قسم منهم إلى ميادين القتال في بعض المناطق الساخنة، في ظاهرة تعد من أخطر الظواهر ، في بلد يعيش حربا شرسة وصراع مستمر ينبؤ بظهور جيل غير متعلم .
وبالرغم من أن الحكومة السورية لا تزال تحرص على تأمين مستلزمات العملية التعليمية في المناطق الآمنة ، وتؤمن الكتب والكادر التدريسي، ومكان الدراسة ، الإ ان هناك شريحة من الأطفال ، لا يستهان بها في المناطق التي تخرج عن سيطرة الدولة السورية، لا يذهبون إلى المدارس، ويضطرون لتلقي التعليم من التنظيمات المتشددة التي حرقت الكتب التابعة للدولة، وأجبرت المدرسين على تدريس مناهج تحتوي على أفكار تتناسب وفكر تلك التنظيمات المتشددة، ليصبح الأطفال في سوريا بين مطرقة حمل القلم وسندان حمل السلاح .
صحيح أن بعض الأطفال لا زالوا في كنف أسر تدعم التعليم وتصر على التحصيل العلمي رغم الظروف الصعبة، ولكن ثمة الكثير من الأسر ترسل أطفالها الى مدارس تعلمهم فنون القتال ليصبحوا في المستقبل مقاتلين أشداء يتشربون أفكار ثقافة العنف وحمل السلاح في مشهد قد يبدو مستغربا .
من جانبها أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) قبل أشهر أن نحو 670 ألف طفل في سوريا حرموا من التعليم بعد أن أمر تنظيم ( داعش ) الإرهابي بإغلاق مدارس إلى حين تغيير المناهج، في الوقت الذى يتم فيه ارتكاب مجازر واستغلال نساء وفتيات جنسيا وتجنيد أطفال للقتال.
وقال الطالب جودت طيفور 11 عاما، وهو طالب في الصف السادس، إنه لن يفكر في التعامل مع السلاح، على الرغم من أنه جاء من منطقة نزاع تحت سيطرة المتمردين في شرق العاصمة دمشق.
وأضاف طيفور يقول لوكالة (( شينخوا)) بدمشق يوم الثلاثاء إنه " انتقل مع والده وعائلته من حي جوبر الدمشقي الذي يشهد اشتباكات ساخنة بشكل شبه يومي ، بعد أن أزداد الوضع سوءا في الحي " .
ومضى الطالب يقول " لقد رأينا الكثير من الدمار والدم في جوبر وقررنا ترك البيت، وأثناء المغادرة شاهدت جثث مرمية على قارعة الطريق، والتفت الى والدي وسألته لماذا يموت الناس هكذا؟ "، مشيرا إلى أن والده سحبه من يده بعيدا دون أن يجيبه .
وقال الصبي كنت أحلم أن أصبح في المستقبل طبيبا ، لكن ظروف العيش الصعبة ، ومغادرتنا المنزل الى أحد أحياء دمشق ، جعلتني اتخلى عن حلمي هذا ، وأعمل نادلا في أحد المطاعم ، كي أساعد والدي في تحمل أعباء الحياة اليومية، مشيرا إلى أن والده مصاب بمرض في قلبه .
ووجه طيفور رسالة الى أقرانه من الطلاب الذين تركوا مقاعد الدراسة وحملوا السلاح ، بأن يتركوا السلاح ويعودوا إلى المدرسة ثانية ويتعلموا القراءة والكتابة ، كي يساهموا ببناء البلاد بالعمل وليس بالسلاح الذي يدمر العقول وكل شيء .
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الثلاثاء إن أكثر من 400 طفل تقل أعمارهم عن 18 سنة من العمر قد تم تجنيدهم من قبل الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) منذ بداية هذا العام.
وقالت جماعة مراقبة مقرها في المملكة المتحدة أن أكثر المناطق التي يتم فيها التجنيد كان في الأجزاء الشرقية من البلاد، وبالتحديد في محافظة دير الزور، حيث يتمتع المتشددون بنفوذ كبير هناك .
ووفقا للمرصد، فأن تنظيم ( داعش ) أرسل حوالي 140 طفلا مسلحا تحت سن 18 عاما للقتال في المدينة التي تقطنها أغلبية كردية من عين العرب في شمال سوريا ضد المقاتلين الأكراد في يناير الماضي.
وأكد طيفور انه وزملائه في المدرسة والحي الذي يقطن به لا يلعبون ألعابا فيها عنف وقتال، مشيرا إلى أن هذه الثقافة " دخيلة علينا ، ولا نحبها ، ونحلم كأحلام الأطفال البرئية بمستقبل جميل يخلو من العنف" .
طالب سوري أخر فر من دوما بريف دمشق ( شرقا )، ولجأ مع عائلته إلى دمشق قال "إنني أحب مدرستي وأريد أن أتعلم كي اصبح مهندسا، أساهم في بناء بلدي الذي دمره الإرهابيون ".
وقال الطالب الذي فضل عدم ذكره اسمه لوكالة ((شينخوا ) تحسبا من أن يطال أسرته أو اقربائه أي سوء من قبل الإرهابيين في الغوطة الشرقية إن " المسلحين أغلقوا المدارس وحرقوا الكتب وأجبروا بعض الأهالي على إرسال أولادهم لحمل السلاح ضد الجيش"، مبينا أن الأطفال في الغوطة الشرقية يعانون من ظروف صعبة .
وأضاف " رغم الصعوبات التي مرت بنا لا زلت أحب المدرسة، ومهما فعلوا، فلن اتخلى عن كتبي" ، داعيا الأطفال الذين يحملون السلاح الى نبذه، وحمل الكتاب بدلا منه في وجه الجهل والتخلف .
والكثير من الأطفال في المدارس، التي تخضع تحت سيطرة الدولة ، ينبذون المشاهد التي تصدرها التنظيمات المتشددة لأطفال يحملون السلاح في المناطق الشمالية والشرقية من سوريا، ويحلمون بمستقبل مشرق خاليا من العنف والدمار، وسيساعدون أسرهم في تحسين مستواهم الاقتصادي في المستقبل.
ومن جانبها، قالت الطالبة رنيم إدريس 12 عاما إن عائلتها تبذل قصارى جهدها لتقدم لها بيئة مواتية للدراسة لتصبح ناجحة ومتفوقة .
وأضافت " أود أن أصبح طبيبة، وهذا السبب يجعلني أدرس بجد " ، مشيرة إلى أنها مستعدة لمساعدة أي طالب ترك المدرسة في دراسته وتعليمه الكتابة والقراءة .
وتابعت تقول " أصلي من أجل وضع حد لمعاناة الأطفال العالقين في مناطق القتال حتى يتمكنوا من العودة إلى المدرسة وتطوير أنفسهم."
وبدورها قالت مانيا جبور، وهي معلمة في أحدى مدارس دمشق لوكالة (( شينخوا)) إن " وزارة التربية السورية تبذل جهودا كبيرة لدعم النظام التعليمي في البلد الذي مزقته الحرب، في محاولة للمساعدة في مواصلة الطلاب تعليمهم على الرغم من الصعوبات".
وقالت إن " وزارة التريبة تقوم بتقدم التقييم النفسي للأطفال الذين يأتون من مناطق القتال لمساعدتهم على التكيف مع التلاميذ " ، مؤكدة أن الوزارة تعمل على خلق بيئة صحية للأطفال، وتنظيم أنشطة مثل التمثيل والرياضة، والرسم لتعزيز قدراتهم الفكرية".
وأضافت إن المدارس في دمشق لديها حاليا برامج لرفع مستوى الوعي لدى الأطفال فيما يتعلق بمخاطر التعامل مع الأسلحة.
ومضت تقول " أشعر بالأسف حقا للأطفال الذين أجبروا على التعامل مع الأسلحة لأنه في النهاية هم أطفال، لا أستطيع أن أتخيل ما يمكن أن يكونوا عليه في المستقبل " ، مشيرة إلى أن حمل السلاح قد يدفعهم إلى عالم الجريمة .
وبدوره، قال كومار تيكو رئيس الاتصالات لصندوق الأمم المتحدة للطفولة في مقابلة مع ((شينخوا)) تعليقا على استخدام الأطفال في النزاعات المسلحة "أن استخدام الأطفال أصبح اتجاها متناميا".
وشدد على أن "الاتجاه الأكثر مدعاة للقلق هو تزايد استخدام الأطفال في أدوار قتالية"، مبينا أن هذا له "آثار سلبية عميقة على مستقبل هذا الجيل من الأطفال ".
وأوضحت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف ) أن 160 طفلا على الأقل قتلوا وجرح 343 طفلا في هجمات وقعت على مدارس في مناطق متفرقة من سوريا العام الماضي .
ويشار إلى أن احصائيات وزارة التربية السورية تؤكد تدمير أكثر من 5 آلاف مدرسة ومركز تعليمي في عموم المناطق السورية .
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn