العلاقات الجزائرية ـ الصينية على ضوء الزيارة التاريخية المرتقبة لرئيس الوزراء الجزائري (2)

أصدرت الصين والجزائر بيانا مشتركا في بكين يوم 20 سبتمبر 1958

إن المعرفة المبكرة لأهمية الجزائر الجيو استراتيجية والجيو اقتصادية والجيو أمنية عزز من هذه العلاقات بعد الاستقلال في المجال السياسي والاقتصادي والعلمي والعسكري.

من ناحية الجيو استراتيجية : تعتبر الجزائر بوابة إفريقيا،و ومركزا للبحر الأبيض المتوسط ،موقع الجزائر الإستراتيجي بين القارتين الافريقية والأوروبية يعد ميزة استثنائية ويمكن أن توفر للمستثمرين الصينيين في الجزائر الكثير من الوقت وتكاليف النقل، وخاصة مع توافر مختلف طرق النقل الجوي والبحري والبري بين الجزائر والأسواق في القارتين. وقد شهدت العلاقات الجزائرية ـ الصينية المزيد من الحيوية والأهمية في ظل التطور الملحوظ الذي تشهده العلاقات الصينيةـ الأفريقية منذ تسعينات القرن الماضي وإعطاء هذه العلاقات أبعاد عملية اقتصادية وتجارية وتبادل المصالح ، والأرقام تعبر أصدق تعبير عن حجم هذه العلاقات بين الصين والدول الإفريقية حيث تجاوز التجارة بين الجانبين 200 مليار دولار عام 2013 مقابل 29.4 مليار دولار عام 2004. كما قدمت الصين مساعدات إلى 49 دولة إفريقية بحوالي عشرة مليارات دولار وأقرضت ثماني دول إفريقية عام 2007 بإجمالي 94مليار دولار، هذا من أجل تنفيذ مشروعات البنية التحتية محطات تزويد المياه والصرف الصحي وإنشاء الطرق البرية والبحرية والمستشفيات وبفائدة مدنية. تنشط الشركات الصينية في مجال البناء والتنقيب عن النفط في العديد من الدول في افريقيا. وحصلت الشركات الصينية على مشاريع في الدول الإفريقية عام 2010 بأكثر من 29 مليار دولار. مجالات عمل الشركات الصينية تتركز على التنقيب عن النفط والفحم والكوبالت والذهب والمنجنيز واليورانيوم والذهب والماس والزنك وتنتشر الشركات الصينية في العديد من الدول التي تزخر بهذه الثروات ومنها الكونجو ونيجيريا زامبيا السنغال وكينيا والسودان والجزائر وتشاد وإثيوبيا.

من ناحية الجيو اقتصادية: تعتبر الجزائر دولة منتجة للطاقة لديها احتياطي من النفط يقدر ب 2.2 مليار برميل، بينما تمتلك احتياطا ضخما من الغاز يجعلها تحتل المرتبة التاسعة في العالم ب450 مليار متر مكعب هذا إلى جانب ثروات أخرى ما تزال في مرحلة الاكتشاف مثل الذهب واليورانيوم ومعادن أخرى في الصحراء. كما يبلغ حجم سوق استيراد السلع والمنتجات الصينية 35 مليون نسمة، ولعل أهم دلالة على ذلك المعطيات المتعلقة بحجم التبادل التجاري بين الجزائر والصين، إذ انتقل الحجم الإجمالي للتبادلات التجارية من 200 مليون دولار سنة 2000 إلى 10 ملايير دولار سنة 2014 مع تحقيق ربح هام لفائدة الطرف الصيني. دور أكبر للشركات الصينية في إقامة البنى التحتية الإعمار والمواصلات والاتصالات والكهرباء بالإضافة إلى زيادة حجم الاستثمارات الصناعية في المجال الصناعي في الجزائر، وهذا ما أكده توقيع الصين والجزائر عام 2014 على مخطط يمتد لخمس سنوات للتعاون الإستراتيجي الشامل بينهما ويهدف المخطط إلى "إعطاء دفع أكبر للعلاقات الاقتصادية الجزائرية- الصينية، سيما الاستثمارات المباشرة للصين في كافة القطاعات الأولوية للمخطط الخماسي المقبل للجزائر 2015-2019 كفيل بالمساهمة في زيادة وتوسيع وتنويع المبادلات في شتى المجالات وفي أشكال مبتكرة تكون في مستوى قدرات وطموحات البلدين". أن اتفاقية الشراكة الإستراتيجية والمخطط الخماسي "تميزان بداية شراكة استثنائية بين الصين والجزائر الأولى من نوعها التي تبرمها الصين مع بلد عربي".و أن الشركات الصينية التي تعمل في الجزائر والتي "اكتسحت" السوق الجزائري تسيطر حاليا على نصف المشاريع الهامة في الجزائر مثل الطريق السريع الذي يربط شرق الجزائر بغربها على مسافة 1216 كم والتي بلغت كلفته 11 مليار دولار أمريكي. وشمل التعاون ، المجال الفضائي حيث وقع البلدان في عام 2013 على اتفاقية للتعاون الثنائي في مجال العلوم والتكنولوجيا والتطبيقات الفضائية بين الوكالة الفضائية الجزائرية ونظيرتها الصينية وتتعلق بالإستعمال السلمي للفضاء الخارجي منها على الخصوص الشق الخاص بالتدريب. ويشار إلى أن حوالي 790 مؤسسة صينية تنشط في الجزائر، سيما في قطاعات البناء والأشغال العمومية والاستيراد والتصدير. وقد عهد انجاز العديد من المشاريع لمؤسسات صينية خاصة في قطاع البناء على غرار انجاز مسجد الجزائر الكبير وأوبيرا الجزائر إضافة إلى مشاريع سكنية. كما أن نحو 30 ألف صيني يعملون حاليا في الجزائر في عدة مجالات بالخصوص مجال البناء والتجارة، وهي أكبر عمالة أجنبية من حيث العدد.