بقلم/ ليو باو لاي، نائب رئيس معهد الشعب الصيني للشؤون الخارجية سابقا، سفير صيني سابق لدى الامارات والاردن، باحث في مركز صيني للدراسات الدولية
نفذت الطائرات الروسية يوم 16 أغسطس الجاري غارات في سوريا انطلاقا من قاعدة همدان، شمال غرب إيران استهدفت مواقع لـ" تنظيم الدولة الاسلامية" وغيرها من المنظمات المتطرفة في حلب ودير الزور وادلب وغيرها من المناطق الاخرى. وتعتبر المرة الاولى التي تستخدم فيها روسيا قواعد عسكرية لدولة ثالثة لضرب اهدافها في سوريا، وهي المرة الاولى التي تسمح فيها ايران نشر قواعد اجنبية في أراضيها. مما أثار اهتماما كبيرا من المجتمع الدولي. وتعتقد رويترز أن هذا علامة وصول التعاون بين البلدين الى أعلى مستوى. وأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر عن "أسفه" مؤخرا، وقال أن الجانب الامريكي يعتقد أن نشر روسيا قواعد عسكرية في إيران لن يساعد على انهاء الصراعات الداخلية القائمة في سوريا. فهل التقارب الروسي الايراني يشكل تحالفا؟ الجواب : لا.
يرمي التقارب بين روسيا وايران الى تعزيز التعاون العسكري ضد تنظيم " الدولة الاسلامية" وغيرها من المنظمات الارهابية الاخرى في سوريا. وتتفق روسيا وايران على ثلاث نقاط أساسية في سوريا، أولا، دعم نظام بشار الاسد. وبالنسبة لروسيا، هذا يتعلق مع مصالحها الحاصلة. أما بالنسبة لايران، هو الحفاظ على هيمنة الشيعة في السلطة. ثانيا، مكافحة تنظيم " الدولة الاسلامية". ويتفق الطرفان ضمنيا على ارسال قوات برية ايرانية الى سوريا، وتنفيذ ضربات عسكرية جوية روسية. وشهدت حلب معارك عنيفة مؤخرا، حيث تحاول المنظمات المتطرفة والمعارضة المسلحة اختراق الحصار العسكري للقوات الحكومية، ما يزداد الضغط على القوات الحكومية. وفي ظل الوضع الحالي، فإن شن روسيا ضربات العسكرية الجوية عبر ايران سيساعد بلا شك على القوات الحكومية. ثالثا، دعم التسوية السياسية للقضية السورية، ودعم أطراف الصراع في طريق محادثات السلام في جنيف.
ومع ذلك، بالنظر من مستوى أعمق، التعاون العسكري بين روسيا وايران يرتبط ارتباطا وثيقا مع المناخ الدولي. وأن قرار بوتين هذا فجأة يمكن تحسين مكانة روسيا الدولية، وزيادة وزنها في مكافحة الارهاب ، ودفع التنسيق والتعاون في تحالف4 دول لمكافحة الارهاب، وتخفيف من الدور الامريكي، واضطرارها على التفاعل والتعاون مع روسيا في مكافحة المنظمات المتطرفة في سوريا، ثم دفعها للتنسيق والتوافق مع روسيا عن تفاصيل تحقيق الحل السياسي للازمة السورية، الأمر الذي يضمن أخذ روسيا زمام المبادرة. ثانيا، التعاون العسكري مع إيران، يمكن أن يدفع شراء ايران الاسلحة الروسية، زيادة القلق الامريكي. ثالثا، يمكن نقل قلق المجتمع الدولي للازمة الاوكرانية، وتخفيف التوترات مع الاتحاد الاوروبي، ومنه تخفيف عزلتها الدولية. رابعا، يمكن دفع تركيا الى تحسين علاقاتها مع ايران والمشاركة في مكافحة تنظيم " الدولة الاسلامية" في سوريا، وبالتالي تعطيل استراتيجية أمريكا في سوريا.
وبالنسبة لايران، سياسة الدولة لا شرقية ولا غربية، لذلك لا يمكن تشكيل تحالف مع روسيا. ولايران هدفين اثنين من هذه الخطوة، اولا، تحذير أمريكا . ففي العام الماضي، بعد اتفاق النووي الايراني ، تسعى الحكومة الايرانية لاغتنام فرص رفع الحظر لتنمية الاقتصاد المحلي، وتنفيد انشطة التجارة الخارجية، إلا أن أمريكا لا تزال تمارس الضغط على ايران وتصنع المشاكل ، لذلك، قامت ايران بالتقارب من روسيا، لتحذير أمريكا لتقليل المشاكل واعادة الاصول الايرانية المجمدة في أمريكا. ثانيا، تعزيز مكانتها في المنطقة، من أجل تخفيف الضغط السعودي وغيرها من الدول السنية الاخرى.
وباختصار، روسيا وايران بحاجة الى التعاون العسكري، كلهما بحاجة الى الاخر ، ولكن الخطوات لن تكون كبيرة جدا، ناهيك عن تشكيل التحالف. وفي ظل انشغال امريكا بالانتخابات وردود فعلها المحدودة، فإنه لن يكون هناك لعبة جديدة في الشرق الاوسط.