قالت وسائل إعلام بريطانية في 11 أكتوبر الجاري، أن السعودية قد إعترفت بشكل غير رسمي بمسؤولية التحالف العسكري الذي تقوده على الهجوم الذي إستهدف موكب عزاء في اليمن. وقد دفع هذا الهجوم الحكومة الأمريكية لمراجعة دعمها للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية. وقالت "الفايناشيل تايمز" البريطانية إن المتحدث بإسم لجنة الأمن الوطني للبيت الأبيض قال إن "التعاون الأمني بين أمريكا والسعودية لا يمثل شيكا على بياض"، وأن "الدعم الأمريكي للتحرك العسكري السعودي في اليمن قد تراجع بشكل كبير."
"إن إستهداف موكب العزاء الذي حضره عدة شخصيات مهمة، يؤكد على أن هذا الهجوم كان عملية عسكرية." يقول مدير معهد الدراسات العربية بجامعة نينغشيا، لي شاو شيان.
تداخل العديد من القوى السياسية
منذ أن شن التحالف العسكري السعودي عملياته العسكرية على اليمن في 2015، إنحسرت العمليات العسكرية المتبادلة إجمالا في نطاق غير كبير، تستمر حينا وتنقطع حينا آخر. فماسبب الهجوم واسع النطاق الذي شنته السعودية مؤخرا؟
"يتغير مستوى الصراع على ساحة المعركة وفقا لتقدم الحوار الثنائي." يقول لي شاوشيان، ويضيف لي، إن هذا الهجوم السعودي يعود مباشرة إلى فشل الجولة الماضية من مفاوضات التسوية بين مختلف فرقاء الصراع.
وكانت اطراف الصراع في اليمن قد دخلت في مفاوضات في شهر أبريل بالكويت، لكن جميع الأطراف لم تتوصل إلى توافق. وفي نهاية يوليو الماضي، أعلنت جماعة الحوثي المسلحة وحليفها الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، عن تأسيس "اللجنة السياسية العليا"، ثم أسسا لاحقا "حكومة إنقاذ". وقد جرت هذه الخطوة عكس إتجاه مفاوضات السلام.
يرى الباحث بمركز دراسات غرب آسيا وإفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية، ين قانغ، إن الحرب في اليمن لم تعد منذ فترة مبكرة حربا أهلية، بل حربا إقليمية، حيث أدى تدخل عدة أطراف أجنبية في الصراع إلى تعقيده.
ويضيف ين قانغ، جماعة الحوثي قد إستعملت الصورايخ الإيرانية عدة مرات في ضرب التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، والأمر الذي أغضب السعودية، وكان هذا الهجموم في شكل رد فعل. وتعود ضراوة جماعة الحوثي مع تقدم القتال إلى الدعم المقدم من إيران. لذا فإن الصراع في منطقة الخليج هو عبارة على صراع بين "الحلف الشيعي " الذي تقوده إيران، و"الحلف السني العربي".
من جهة أخرى، لايعد هذا "الإندفاع" السعودي بمعزل عن الوضع العام في الشرق الأوسط، حيث يرى لي شاوشيان "أن الشرق الأوسط ينقسم في الوقت الحالي إلى ساحتي حرب، ساحة لضرب داعش في العراق وسوريا، وساحة أخرى في اليمن. نظرا لمحدودية قوتها، لايمكن لللسعودية غير الإكتفاء بدور ثانوي في القضية السورية، لذلك تسعى للحصول على الريادة في ساحة المعركة باليمن. لكن تبقى العمليات العسكرية السعودية في كل من الساحتين في إطار سياسة سعودية واحدة في المنطقة. "
ضبابية شعاع أمل السلام
تشهد ساحة الحرب في اليمن إختلاطا كبيرا في الأوراق بين مختلف الأطراف وتوازنا في القوى وتدهورا في الوضع. وفي هذا السياق قالت قناة السي آن آن الأمريكية أن الفوضى المستمرة في اليمن قد دفعت إلى الأزمة إلى التحول إلى حرب متعددة الأطراف، وهوما جعل أمل السلام يتضائل.
"الفشل في حل القضية اليمنية يعود إلى التباين في مطالب مختلف الاطراف، وخاصة المطالب السعودية العالية، حيث طلبت السعودية علنا، مغادرة الحوثيين للعاصمة اليمنية، لكن هذا الطلب من الصعب التحقق." قال لي شاو شيان.
سيطرت جماعة الحوثي على العاصة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014، وتمكنت لاحقا من السيطرة على مدينة عدن شمال البلاد، وأجبرت الرئيس هادي للهروب إلى السعودية. ورغم أن جماعة الحوثي قد غادرت عدن تحت ضربات التحالف العسكري السعودي، لكن تحالف جماعة الحوثي مع الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح وحصولها على الدعم الإيراني عزز قوتها في مواجهة الحكومة المدعومة من السعودية.
ما يجعل الوضع اليمني أكثر تعقيدا هو تواجد قوة ثالثة، فقد إستغلت داعش وتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية الحرب لتعزيز نفوذهما في اليمن، وهو ما زاد من مستوى الغموض حول مصير اليمن.
"في مثل هذا الوضع، تعد العمليات العسكرية فاقدة للفاعلية، وتبقى المفاوضات والتنازل المتبادل الأمل الوحيد لخروج اليمن من أزمته. لكن هذا يحتاج مرحلة أطول." يقول لي شاوشيان.