في الوقت الذي تظهر فيه الإدارة الجديدة بالولايات المتحدة علامات على الإنغلاق على الذات، أعرب مسؤولون ومحللون ماليزيون عن أملهم في أن تلعب الصين دورا أكبر في تعزيز التجارة الحرة.
فقد كشف الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن خطة المائة يوم الأولى له في منصبه، وعلى رأسها الانسحاب من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ.
ومن المرجح أن تنتظر ماليزيا حتى تخطر الولايات المتحدة الأطراف الأخرى رسميا بأنها لا تعتزم التصديق على اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، هكذا قال شهرمان لقمان المحلل البارز بمعهد ماليزيا للدراسات الإستراتيجية والدولية رغم أنه من الواضح الآن أن هذه الاتفاقية التجارية التي تضم 12 دولة قد "أصبحت إلى حد كبير ميتة".
وكانت ماليزيا قد روجت بصورة نشطة لاتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ حيث أنها ستوفر للبلاد أفضلية الوصول إلى أربعة أسواق لا تربطها بها اتفاقية تجارة حرة ألا وهي الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وبيرو.
وقال أوه إي سون المحلل الماليزي بجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة إن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ يمكن أن تكون قابلة للتطبيق من الناحية النظرية بدون الولايات المتحدة حيث أنها ستمثل ثلث الاقتصاد وحجم التجارة العالميين.
بيد أن وجود اتفاقية شراكة عبر المحيط الهادئ بدون الولايات المتحدة تعد مسألة أقل جاذبية بالنسبة لماليزيا لأن ماليزيا تعتبر الاتفاقية فرصة أخرى لضمان ترتيبات تجارة تفضيلية مع أكبر اقتصاد في العالم عقب فشل المفاوضات في السابق في إبرام اتفاقية تجارة حرة ثنائية، على حد قول شهرمان.
وإن أكثر ما يقلق ماليزيا هو المشاعر المناهضة للتجارة والمناهضة للعولمة التي تلوح في الأفق في أنحاء عديدة من العالم والتي من شأنها أن تعيق نمو التجارة، وهو نبأ سئ بالنسبة لدول تجارية ومن بينها ماليزيا.
ومن جانبه قال أونج كا تشوان الوزير الثاني بوزارة التجارة الدولية والصناعة الماليزية إنه ليس بإمكان السوق المحلية المحدودة في ماليزيا، والتي يصل عدد سكانها إلى حوالي 30 مليون نسمة، توليد ما يكفي من الطلب اللازم لاستدامة النمو الاقتصادي .
وأشار خلال مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا إلى أن "حتى سوق كبير مثل الولايات المتحدة لابد أن يكون له تفاعل مع الصين".
وأصر أونج على أن اتجاه التجارة الحرة مازال "لا يمكن وقفه" رغم المشاعر التي وقفت وراء قرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي وانتخاب ترامب المؤيد للحمائية اقتصاديا رئيسا للولايات المتحدة.
-- آمال معلقة على الصين
وقال مسؤولون ماليزيون إنهم سوف يستكشفون خيارات أخرى إذا ما لم تتجسد اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ بما فيها اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية مع الأعضاء الأخرين باتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ.
وتركز ماليزيا حاليا على التفاوض بشأن الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية التي تضم الأعضاء العشرة برابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) وشركائها التجاريين الرئيسيين الستة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ومن بينهم الصين.
وقد يكون الخيار الآخر هو إقامة منطقة تجارة حرة لإقليم آسيا والمحيط الهادئ، وهي مسألة دفعها الصين بصورة نشطة خلال الاجتماع الذي عقد مؤخرا لمنتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ (الأبيك).
وكانت عملية إقامة منطقة تجارة حرة لإقليم آسيا والمحيط الهادئ قد انطلقت خلال اجتماع قادة اقتصادات منتدى الأبيك لعام 2014 في بكين بالمصادقة على خارطة طريق لها. وفيما بعد، أجريت "دراسة إستراتيجية جماعية" لها وذلك وفقا لما اتفق عليه أعضاء الأبيك، وسيتم إبلاغ قادة الاقتصادات بالنتائج بحلول نهاية عام 2016.
وقال المحلل الماليزي إن منطقة تجارة حرة لإقليم آسيا والمحيط الهادئ لن تذهب بعيدا مثل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ في إزالة الحواجز "فيما رواء الحدود" أمام التجارة، ولكنها باتت الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وأضاف "هناك نمو في المشاعر المناهضة للتجارة حول العالم وخاصة في الغرب. والأمر متروك الآن للصين والدول الأخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بشأن الإبقاء على قوة الدفع الرامية إلى تحقيق تجارة أكثر تحررا".
ومن ناحية أخرى، أظهرت الصين حكمة عظيمة في دفع نمو التجارة، هكذا قال أونج، لافتا إلى أنه "بسبب اختلاف مستوي النمو الاقتصادي والظروف الوطنية بين الدول والمناطق، قد يأتي الدفع من أجل تحرير التجارة الحرة بشكل أعمي بنتائج عكسية".
وأكد الوزير الماليزي إن الصين، بما تمتلكه من مميزات في تشييد البني التحتية وتطوير التكنولوجيا، دفعت من أجل تحقيق تجارة حرة من خلال تقاسم تجاربها بصورة فاعلة مع الشركاء وتحسين الترابط، مضيفا أن مبادرة "الحزام والطريق" تمثل اتجاها جديدا للتجارة الحرة.