بقلم/ وو سي كه، المبعوث الخاص الصيني السابق لشؤون الشرق الأوسط
أقر مجلس الشيوخ الأمريكي تمديد العقوبات المفروضة على إيران لمدة 10 سنوات أخرى حتى عام 2026. وسيتم تمرير مشروع القانون إلى البيت الأبيض كي يوقعه أوباما ليصبح قانونا فعالا. وقد تسبب هذا الخبر في رد فعل قوي من الجانب الايراني.
وشهدت القضية النووية الايرانية صعودا ونزولا خلال 19 عاما. وإختارت إدارة أوباما شعارها الداعي إلى « التغيير» ومراجعة الرؤية تجاه القضية النووية الايرانية، واتخاذ نفس الموقف الصيني والبريطاني والفرنسي وروسي وألماني وغيرها من الدول الاخرى لينتج في الاخير حلا سياسيا شاملا للقضية النووية في 14 يولوي 2015 ، والذي يعتبر اتفاقا سياسيا تاريخيا واقامة معلما جديدا للحكم العالمي في العهد الجديد، و" المفتاح الذهبي " لتحقيق الحل السياسي لمشاكل مماثلة في المجتمع الدولي. ولكن ، يواجه الحل السياسي للقضية النووية الايرانية اختبارا كبيرا في ظل التغيرات السياسية الداخلية التي تشهدها الولايات المتحدة اليوم.
قد يواجه الاتفاق النووي الايراني حالتين اثنين في المستقبل:ـ أولا، عدم تمزيق الولايات المتحدة وايران لهذا الاتفاق الدولي، لكنه سيبقى مجرد إسما فقط. ويمكن للولايات المتحدة المحافظة على أبعاد الاتفاق، وإساءة استخدامه في الممارسة العملية، على سبيل المثال، اعادة تعديل البنود عن دخول الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى المواقع المختلفة وما شبه ذلك. وفي نفس الوقت ، ستعيد ايران تفسير الاتفاق، وبذل الجهود في محاولة منع أمريكا من استغلال الاتفاق. ثانيا، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الايراني من جانب واحد. لم يمرر الكونغرس الامريكي حتى الآن الاتفاق النووي الايراني، لكن الرئيس اوباما جعلها نافذة المفعول بموجب أمر تنفيذي. وبعد تولي الرئيس المنتخب ترامب منصبه سيكون له الحق في أنهاء الاتفاق. وإذا مزقت الولايات المتحدة الاتفاق من جانب واحد ، فإن إيران ستتوقف حتما عن تنفيذ الاتفاق ايضا. لذلك، سيصبح الاتفاق النووي الايراني باطلا رسميا.
وإن ظهور هذه الحالة، سيؤدي حتما الى عودة ايران الى تطوير الاسلحة النووية بسرعة. في حين أن الصعود النووي لايران غير مقبول ومرفوض من قبل دول الشرق الاوسط والعالم العربي. مما سيؤدي الى بدأ دول الشرق الاوسط في توسيع مشاريع البحث والتطوير النووي، وﺩﺨﻭل ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺴﺒﺎﻕ اﻠﺘﺴﻠﺢ النووي. وهذا يتمثل وضع عدة قنابل مؤقتة في منطقة الشرق الاوسط التي لم تشاهد الهدوء ويستمر فيها الصراع المسلح، وستنتج عواقب كارثية عالمية التي يصعب السيطرة عليها.
وبطبيعة الحال، فإن الظاهرة المذكورة اعلاه غير مقبولة دوليا. وعليه، علينا إعادة الهدوء وإعادة نظرة عالمية للقضية النووية الإيرانية مرة أخرى. وسواء وفقا ل "معاهدة حظر الانتشار النووي"، أو على أساس وعي المجتمع الدولي للقضية النووية الإيرانية، يجب ايلاء فهم واضح وإهتمام كاف للقضية النووية الايرانية.
أولا، البيئة الدولية الحالية لا تسمح لايران بإمتلاك أسلحة نووية، وأن الاتفاق النووي الايراني هو السبيل الوحيد لايجاد حل سياسي للقضية النووية الايرانية. و أن الاتفاق النووي الايراني من القرارات الدولية الأكثر موثوقية بعد موافقة مجلس الامن للامم المتحدة. ويتركز في الاتفاق على توافق القوى العظمى والمجتمع الدولي، وتعكس مواقف الأطراف، تتفق مع مصالح جميع الاطراف. والولايات المتحدة باعتبارها عضو في مجلس الأمن وجانب مهم في الدفع بالاتفاق النووي الايراني، مسؤولة عن التنفيذ الفعلي للإتفاق.
ثانيا، تواجه منطقة الشرق الاوسط حاليا لحظة حاسمة في مكافحة المنظمات الارهابية، ودول المنطقة والمجتمع الدولي بحاجة ماسة الى تشكيل قوة مكافحة الارهاب، وتعتبر إيران واحدة من القوى الايجابية الهامة لمكافحة الارهاب العالمي والاقليمي. وينبغي على المجتمع الدولي النظر باحترام الى الدور الايجابي الذي تلعبه إيران في الشؤون الأمنية الاقليمية والدولية، بدلا من الوقوع مرة اخرى في دوامة النزاعات الأيديولوجية، والعودة الى طريق العداء المتبادل.
ثالثا، تحقيق استقرار الوضع في الشرق الا وسط في أقرب وقت ممكن بما يتماشى مع مطالب ومصالح جميع الدول. وفي مواجهة تحديات الفوضى الاقليمية والعالمية، يصعب على اي دولة المحافظها على أمنها، خاصة الولايات المتحدة التي تعتبر مسؤولة على الاضطرابات في الشرق الاوسط، ويجب بذل المزيد من الجهود التي تساعد على التنمية المستقرة في دول الشرق الاوسط، لتعزيز السلام وتعزيز التنمية في بلدان المنطقة.
هل سيوقع الرئيس الأمريكي على مشروع القانون ليصبح فعالا، يتعلق مباشرة باتجاه العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، والقضية النووية الإيرانية وبقاء الاتفاق النووي الإيراني على قيد الحياة، ولكن لا يمكن أن يكون مثل تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية، أن تمديد قانون العقوبات على ايران لا علاقة له باتفاق نووي الايراني، لأنه تصريح غير مسؤول. والعالم قلق من كيفية ممارسة الرئيس اوباما لصلاحياته.