تتواصل مظاهرات تحمل شعار "على قلب رجل واحد" ضد نشر منظومة الدفاع الجوي للارتفاعات العالية "ثاد"، تتواصل أمام البيت الأزرق الرئاسي في كوريا الجنوبية، داعية الحكومة الجديدة إلى تكثيف الجهود لوقف قرار النشر.
ووقف الموظف تشانغ جاي- هو المقيم في مدينة جيمشيون بمقاطعة جيونغسانج الشمالية، وهو يرتدي قبعة من القش في بداية فصل الصيف، وقف أمام البيت الأزرق بعد ظهر الخميس حاملا لافتة مكتوب عليها "معارضة ثاد".
فقد أخذ هذا الموظف عطلة من عمله للانضمام إلى مسيرة "على قلب رجل واحد" الاحتجاجية التي انطلقت يوم الثلاثاء. ويتناوب نشطاء المجموعات المدنية والسكان في إقامة هذه المظاهرات أمام البيت الأزرق والسفارة الأمريكية في سول.
"فما نطالب به هو رحيل ثاد عن سيونجو. إن ثاد تهدد، ولا تفيد، أمن واقتصاد (كوريا الجنوبية)"، هكذا قال تشانغ.
ففي عهد إدارة الرئيسة بارك جيون- هي المعزولة، اتفقت سول وواشنطن في يوليو من العام الماضي على نشر بطارية لمنظومة ثاد. وتم تغيير موقع النشر في سبتمبر إلى ملعب للجولف في قرية سوسيونغ- ري بمقاطعة سيونغجو.
ولأن جيمشيون متاخمة لسيونغجو، فسوف يتأثر السكان في كل من المدينة والمقاطعة سلبا بهذا الرادار الفائق التي تنبعث منه أشعة مايكروويف. وتتألف البطارية من ست قاذفات متنقلة و48 جهاز اعتراض والرادار "أيه أن/تي بي واي-2" ووحدة التحكم ومكافحة الحريق.
وقبل حوالي أسبوعين من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 9 مايو، تم نقل الرادار ومنصتي الإطلاق المتنقلتين في منتصف الليل إلى ملعب الجولف إلى جانب معدات ثقيلة أخرى.
وأثارت عملية النقل السرية التكهنات بأنها تهدف إلى تسييس القضايا الأمنية خلال فترة الحملات الانتخابية، وهي عملية عادت بالنفع على المرشحين المحافظين في الانتخابات السابقة.
واشتبك السكان ونشطاء السلام، الذين وقفوا بالقرب من الطريق الوحيد المؤدى إلى ملعب الجولف سعيا لمنع أي محاولة لإيصال الدرع الصاروخي الأمريكي، اشتبكوا بعنف مع الشرطة.
وتم نقل البعض إلى إحدى المستشفيات للعلاج من إصابات والبعض الآخر ساقته الشرطة بعيدا. وتعد قرية سوسيونغ- ري قرية صغيرة وهادئة، غالبية القرويين فيها من المزارعين الذين هم في السبعينات من العمر أو أكبر من ذلك سنا.
ومنذ تولى الرئيس مون جاي - إن مهام منصبه في العاشر من مايو، لم تتم تحركات أخرى بشأن عناصر منظومة ثاد، ولكن السكان مازالوا يشعرون بعدم ارتياح إزاء نظام الاعتراض الصاروخي الأمريكي هذا، الذي تم تركيب جزء منه بالفعل.
"إننا نعلم أن الأمر سيستغرق بضعة أشهر ليتم العدول عن قرار النشر. فلابد أن يقوم الرئيس مون بتسمية وزيرين جديدين للدفاع والخارجية ويعقد اجتماع قمة مع الرئيس الأمريكي"، على حد قول تشانغ.
بيد أن تشانغ أشار إلى أنه لن يستطيع "الوقوف مكتوف الأيدي ولا يفعل شيئا". فمظاهرات "على قلب رجل واحد" ستقام بصورة متتابعة أمام البيت الأزرق حتى انعقاد قمة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة في أواخر يونيو.
كما أطلق هذا النوع من المظاهرات في مطلع الأسبوع الجاري في ميدان جوانجوامون على الطريق بجوار السفارة الأمريكية في سول. وكان أول متظاهر فيها هو مشرع مستقل عن دائرته المحلية في مدينة أولسان الساحلية جنوب شرقي البلاد.
ومن المقرر أن تستمر مظاهرات "التتابع" حتى 24 يونيو، وهو تاريخ قريب من انعقاد اجتماع القمة المرتقب بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
وعقب تنصيبه، قام مون بإيفاد مبعوثين خاصين إلى الصين والولايات المتحدة لتوضيح سياساته بشأن ثاد وقضايا أخرى في شبه الجزيرة الكورية ولكن البيت الأزرق اتخذ نهجا حذرا تجاه قضية ثاد بسبب حساسيتها.
وشكل الحزب الديمقراطي الحاكم الذي يترأسه مون لجنة خاصة لمعرفة ما إذا كانت هناك أي أوجه غير شرعية أو غير قانونية في عملية صنع القرار التي تكتنف تركيب نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي.
وزار أحد المشرعين من الحزب الديمقراطي والمنتمي للجنة موقع مظاهرة يوم الأربعاء للاستماع إلى ما يطالب به المتظاهرون.
"في مرحلة مبكرة، نظر مواطنو مدينة جيمشيون لمنظومة ثاد باعتبارها قضية رادار تؤثر على صحة السكان وبيئتهم"، حسبما قال تشانغ.
وأضاف بقوله إن اعتقادا خاطئا كهذا تغير إلى المفهوم الصحيح المتمثل في أن الدرع الصاروخي الأمريكي لن يصب في المصلحة الوطنية.
وتغير الرأي العام تجاه ثاد منذ انتخاب مون رئيسا. ووفقا لاستطلاع للرأي أجرته صحيفة ((هانكيوره)) الليبرالية المحلية، رأي 56.1 في المائة من المستطلعة آراؤهم ضرورة إعادة النظر في قرار نشر ثاد.
وأجرى استطلاع الرأي هذا الذي شمل ألف شخص يومي 12 و 13 مايو ونشرت نتائجه يوم 16 مايو. وسجل هامش خطأ قدرة 3.1 نقطة مئوية مع تسجيل مستوى ثقة قدره 95 في المائة.
وتأتي نسبة الـ56.1 تقريبا ضعف نسبة الـ28.9 في المائة من المستطلعة آراؤهم الذين أيدوا عملية إعادة النظر في استطلاع للرأى أجري يومي 1 و2 مايو.
ورغم التحول المثير في الرأي العام، لا يزال الرئيس مون حذرا لأن 40 في المائة من المستطلعة آراؤهم يعبرون عن قبولهم لقرار نشر ثاد.
ويواصل السكان في سيونغجو وجيمشيون مسيراتهم على ضوء الشموع كل ليلة احتجاجا على منظومة ثاد منذ صدور قرار النشر في يوليو الماضي.
وقال تشانغ "نظرا لكون ثاد سلاحا أمريكيا، فلابد لمالكه من أن يأخذه بعيدا".