عقد مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي بين 18 و20 ديسمبر الجاري، وهو الإجتماع الأول من نوعه منذ عقد المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي. وألقى الرئيس شي خلال الإجتماع كلمة هامة، لخص فيها مسيرة التنمية الإقتصادية في الصين منذ المؤتمر الثامن عشر، وحلل الوضع الإقتصادي الراهن، ورسم إتجاه العمل الإقتصادي في عام 2018. وقد أرسل مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي 8 رسائل أساسية.
أولا، عدم تغيير منهج التقدم داخل وضع مستقر
نائب مدير قسم التوقعات الإقتصادية بالمركز الوطني للمعومات، نيولي: خلال السنوات الأخيرة، إتبعت العمل الإقتصادي الصيني سياسة التقدم وسط وضع مستقر. ولاحقا تم رفع هذه السياسة إلى مستوى المبدأ الهام في إدارة الدولة، والتمسك بها على المدى الطويل. حيث لن ينمو الإقتصاد بشكل مستقر وسليم إلا في إطار سياسات مستقرة ومتواصلة. وعلى مستوى الممارسة، يجب معالجة العلاقة بين "الإستقرار" و"التقدم". حيث يعد تسريع عملية الإصلاح الهيكلي الشرط المسبق لـ "الإستقرار"، لأن الإصلاح يدفع الإقتصاد للمحافظة على نمو صحي ومستقر.
ثانيا، التنمية عالية الجودة هي الهدف الأساسي
الباحث بقسم أبحاث الإقتصاد الكلي التابع لمركز أبحاث التنمية لمكتب الدولة، تشانغ لي تشون: يكتسي دفع التنمية عالية الجودة أهمية لاغنى عنها بالنسبة للتنمية الإقتصادية الصينية في الوقت الحالي. فمن جهة، بات التحول من التنمية عالية السرعة نحو التنمية عالية الجودة السمة الأساسية للإقتصاد الصيني؛ ومن جهة ثانية، أصبحت التنمية عالية الجودة ضرورة في ظل النمو السليم والمستقر للإقتصاد الصيني وفي ظل تغير التناقض الرئيسي داخل المجتمع الصيني.
ثالثا، الوقاية والتحكم في المخاطر المالية
نائب مدير معهد المالية بجامعة الشعب الصينية، تشاو سي جين: لقد راكم الإقتصاد الصيني في مسيرة نمو طويلة عدة مخاطر مالية. بما في ذلك مخاطر الدين، مخاطر الصدمات الخارجية ومخاطر العجز البنكي. ويمكن القول إن الاقتصاد الصيني يمر في الوقت الحالي وسيمر في المرحلة القادمة، بفترة ذروة وسهولة إندلاع المخاطر المالية. لذا على الصين أن تقوم بإجراءات الوقاية والمعالجة اللازمة للمخاطر في المجالات الرئيسية. وعلى الخدمات المالية والإقتصاد الحقيقي إيلاء أهمية أكبر للجودة خلال المرحلة المستقبلية، والعمل على رفع نجاعة الخدمات بإستمرار. من جهة أخرى، ركّز الإجتماع المركزي حول العمل الإقتصادي على "التمسك بضرب الأنشطة المالية المخالفة للقوانين واللوائح"، ماسيخلق أثرا إيجابيا على إستقرار النظام المالي.
رابعا، مواصلة الحرب على الفقر
الباحث بمركز أبحاث التنمية الريفية بالأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية، دانغ قووه يينغ: تكمن تحديات مكافحة الفقر في الوقت الحالي، في مناطق الفقر المدقع، وهي تتمركز أساسا في الأقاليم الغربية الصينية. حيث تعاني هذه المناطق من تخلف البنية التحتية وضعف إندماج القرويين في نظام تقسيم العمل، وهو ما يصعّب من ظروف التخلّص من الفقر. لذا، تعمل الدولة في الوقت الحالي على "تحفيز القوى الحيّة داخل الفئات الفقيرة". وقد كان دفع الفئات الفقيرة للتحول من الدخل الضعيف نحو الدخل العالي، خلاصة التجربة الصينية الطويلة في مكافحة الفقر. وهذا التحول يتمثل في تحفيز سكان الأرياف على الإندماج في منظومة تقسيم العمل، وهذا يحتاج إلى دفع عملية الحضرنة، وتقديم التدريبات اللازمة للفئات المعنية، وإحداث قطاعات صناعية، إلى جانب الاستعانة بآليات السوق، عدى ذلك، لايمكن الحديث عن تحفيز القوى الحيّة داخل الفئات الفقيرة.
خامسا، تنمية سوق تأجير شقق السكن
أستاذ معهد الإقتصاد بجامعة تيانجين للمالية، تسونغ إي: تمتلك الشقق السكنية صفتين طبيعيتين، فهي شقق للسكن وفي ذات الوقت أصول. وغالبا يعتمد الصينيون عمليات الشراء المباشر لتلبية حاجاتهم من السكن، وهذا من السهل أن يجعل بعض مشتري المنازل استغلالها للتمويل، ومن ثم تضغط صفة الأصول على صفة السكن. لذا، فإن تنمية سوق تأجير شقق السكن سيساعد على تضييق الفجوة بين صفة السكن وصفة الأصول في الشقق.
في ذات الوقت علينا أن نضع في الإعتبار بأن تطور سوق تأجير الشقق سيوفر مزيدا من الفرص للمستثمرين ومالكي الشقق وغيرهما من أطراف العرض للحصول على السيولة وتوريق الأصول. مايقدم دعما هاما لجهود الدولة في تفريغ المخازن وإزالة الرافعة المالية وتحقيق إستقرار في أسعار العقارات والتحوط من المخاطر، وإكساب الإقتصاد الصيني حيوية أكبر في تحسين مميزاته الرئيسية.
سادسا، وضع انفتاح جديد
باحث سامي بمعهد تشونغ يانغ للأبحاث المالية بجامعة الشعب لوو لاي جين: قام مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي المنعقد مؤخرا بوضع خريطة طريق مختلف الأعمال الاقتصادية للعام القادم. بما في ذلك الإنفتاح على الأسواق الأجنبية، الذي يمثل واحدة من الإستراتيجيات الكبيرة بالنسبة للبناء الإقتصادي والتنمية الإجتماعية في الصين. ويمكن تلخيص هيكل الإنفتاح الشامل الذي دعى له الإجتماع المركزي حول العمل الإقتصادي في 3 تدابير رئيسية، وهي: خفض عتبة دخول السوق، دعم التجارة الحرة، ورفع مستوى الإستثمار في الخارج.
سابعا، تحسين التدابير والسياسات الخاصة بمعيشة الشعب
المدير التنفيذي لمعهد المالية العامة بجامعة شنغهاي للمالية والاقتصاد ليو شياو تشوان: لقد تطرق مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي إلى القضايا الرئيسية والواقعية التي تشغل المواطن الصيني في الوقت الحالي: التعليم، رعاية المسنين والعلاج وغيرها. فعادة مايرافق التنمية الإقتصادية والإجتماعية عدة مظاهر ومشاكل جديدة، تكون على علاقة مباشرة بحياة الموطنين. مثلا قدّم الإجتماع المركزي حلولا عملية لمشكلة تزايد الضغوط على سوق الشغل بسبب عمليات الإصلاح الهيكل، ومشاكل إنتهاك الخصوصية الناجمة عن التطور السريع لتكنولوجيات الإنترنت.
ثامنا، تسريع بناء الحضارة الإيكولوجية
نائب مدير قسم إستراتيجيات التنمية وأبحاث الإقتصاديات الإقليمية بمركز أبحاث التنمية التابع لمجلس الدولة تشانغ يونغ شنغ: أولى المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي أهمية بالغة للحضارة الإيكولوجية والتنمية الخضراء. وتمثل الحرب على التلوث أكبر دعم تقدمه الحكومة للتنمية الخضراء، من خلال وضع حياة الإنسان وصحته في مركز سياسات معالجة التلوث.
وستمكن الحرب على التلوث من تقليل الكلفة الإجتماعية، كما ستدفع البيئة الإيكولوجية النظيفة بتطور جيلا جديدا من الأنشطة الإقتصادية الناشئة ذات العلاقة بالبيئة، مايحقق الأهداف البيئية والإقتصادية في الوقت.