بوخارست 16 يناير 2018 / اختتم رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي يوم الثلاثاء جولته المكثفة في أوروبا الشرقية التي استمرت خمسة أيام وشملت ست دول مع وقوع حادث غير سار في رومانيا، المحطة الأخيرة من جولته، عندما أربكت استقالة رئيس الوزراء الروماني المفاجئة برنامج زيارة آبي.
وبدلا من الاجتماع مع نظيره الروماني، انضم آبي إلى برنامج قرينته لزيارة متحف القري.
وبهذه الطريقة غير المتوقعة، اضطر رئيس الوزراء الياباني إلى إنهاء جولته التي شملت ست دول أوروبية وسعى من خلالها إلى حشد مزيد من التأييد لاتفاقية تجارة حرة لليابان مع الاتحاد الأوروبي.
ولكن مقارنة بالهدف الأساسي لجولة آبي المزدحمة بالأعمال في أوروبا الشرقية، تبدو الطريقة التي اختتمت بها غير ذات أهمية.
فالسعي إلى تحقيق مصادقة سريعة على اتفاقية تجارية هو الهدف النهائي لجولة آبي.
فقد تم التوصل إلى هذه الاتفاقية التجارية بين اليابان والاتحاد الأوروبي، اتفاقية الشراكة الاقتصادية، في ديسمبر الماضي خلال رئاسة إستونيا لمجلس الاتحاد الأوروبي. ولكن عملية المصادقة عليها في أوروبا قد تواجه مخاطر، حيث تكشف أن الاتفاقية التجارية التي أبرمت مؤخرا مع كندا كادت أن تتوقف تماما بسبب رفضه قادة سياسيون في والونيا منطقة ببلجيكا لها.
ولتجنب أسوأ الأوضاع ، بدأ آبي جولته الأوروبية بإستونيا، حيث ركز بشكل مكثف على ضمان الحصول على الدعم لاتفاقية التجارة الحرة التي هناك ثمة حاجة ماسة إليها مع الاتحاد الأوروبي.
وفي الواقع، تعد هذه الاتفاقية التجارية احتياجا هو الأكثر إلحاحا بالنسبة لليابان وبالنسبة لآبي اللذين تركز سياساتهما الاقتصادية على تعزيز النمو الاقتصادي للبلاد بما في ذلك خفض متعنت لقيمة عملتها من أجل مساعدة المصدرين.
وقدرت الحكومة اليابانية بأن اتفاقية الشراكة الاقتصادية ستضيف 45 مليار دولار أمريكي للاقتصاد الياباني سنويا وستخلق 292 ألف فرصة عمل.
ومن أجل الفوز بقلوب دول شرق أوروبا، كانت وعود آبي كبيرة، بدءا من إقامة شراكات إستراتيجية مع رومانيا وثلاث من دول البلطيق وصولا إلى ضخ مزيد من الاستثمارات في المنطقة.
وفي بلغاريا، التي تتولي حاليا رئاسة المجلس الأوروبي، اتفق آبي ورئيس الوزراء بويكو بوريسوف على العمل معا لتسريع تنفيذ اتفاقية الشراكة الاقتصادية.
وفي رومانيا التي تتولى رئاسة المجلس الأوروبي في النصف الأول من عام 2019، وهي اللحظة الأخيرة والأكثر منطقية لتنفيذ التكتل التجاري لاتفاقية الشراكة الاقتصادية،ناقش آبي تطورات الاتفاقية مع الرئيس الروماني وتمكن من الحصول على دعمه الكامل. وذكر رئيس الوزراء الياباني أن المحاور المركزية لزيارته لرومانيا تمثلت في دفع التجارة والاستثمارات، مشيرا بشكل خاص إلى أن اليابان رفعت تأشيرات الدخول عن المواطنين الرومانيين.
كما رافق آبي وفد يضم 30 من قادة الأعمال اليابانيين الذين كان لديهم جداول أعمال منفصلة تحدد الفرص الاستثمارية والتجارية.
لكن الصفقة الملموسة الوحيدة التي أعلنت حتى الآن تمثلت في اتفاق لبناء وحدة إزالة الكبريت لمحطة نيكولا تسيلا لتوليد الكهرباء في صربيا.
والنتيجة كانت متوقعة وذلك بالنظر إلى الروابط الاقتصادية لليابان مع هذه البلدان الأوروبية.
ومن بين تلك البلدان، تعتبر رومانيا شريكا تجاريا قويا نسبيا بالنسبة لليابان في المنطقة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 680 مليون يورو في عام 2015 حيث تركزت الصادرات بشكل أساسي في الأثاث الخشبي والملابس والسيارات المستوردة والمعدات الكهربائية. غير أن اليابان ليست سوى المستثمر الأجنبي الـ25 في رومانيا حيث تستثمر حوالي 180 مليون يورو (216 مليون دولار أمريكي) في صناعات متعلقة بالسيارات.
كما إن تجارة اليابان مع دول البلطيق، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، متواضعة فيما تعد العلاقات الاقتصادية مع بلغاريا وصربيا ضعيفة. ولكن، أصبح من الواضح أن اليابان بدأت تسعى إلى إجراء بعض التغييرات.
فاتفاقية الشراكة الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي واليابان تعد أحد الاتفاقات الاقتصادية الأكبر والأكثر شمولا التي أبرمها الاتحاد الأوروبي أو اليابان حتى الآن ، حيث سيتم بموجبها إلغاء الغالبية العظمي من الرسوم البالغ قيمتها مليار يورو والتي تدفعها سنويا شركات الاتحاد الأوروبي المصدرة إلى اليابان، فضلا عن عدد من الحواجز التنظيمية القائمة منذ أمد طويل.
كما ستفتح السوق اليابانية التي تضم 127 مليون مستهلك أمام الصادرات الزراعية الرئيسية للاتحاد الأوروبي وستزيد من فرص التصدير بالنسبة للاتحاد الأوروبي في مجموعة من القطاعات الأخرى .
غير أن الاتفاقية بحاجة إلى مصادقة البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ قبل نهاية الولاية الحالية للمفوضية الأوروبية في عام 2019.