أجرى وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في 13 مايو الجاري، زيارة عمل إلى الصين، وهي أول محطة له في "جولة إنقاذ الاتفاق النووي". في ذات اليوم الذي وصل فيه ظريف إلى بكين، صرح إلى وسائل الإعلام بأنه سيبحث مع الجانب الصيني "كيفية إتخاذ إيران للقرارات"، حيث تأمل في وضع "خطة مستقبلية" لاتفاق نووي إيراني واضح مع جميع الأطراف. وخلال اجتماعه مع ظريف يوم 13 مايو الجاري، قال عضو مجلس الدولة الصيني ووزير الخارجية وانغ يي إن الصين ترغب في الحفاظ على الاتصال والتنسيق مع الأطراف المعنية بما في ذلك إيران، ومواصلة العمل بجد للحفاظ على اتفاق شامل بطريقة موضوعية وعادلة ومسؤولة. إلى جانب بكين، سيزور ظريف موسكو وبروكسل أيضًا ويلتقي وزراء خارجية روسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وهي الأطراف الموقعة على الاتفاقية النووية الإيرانية.
في هذا السياق، قال ماراندي، الأستاذ بجامعة طهران لصحيفة غلوبال تايمز التابعة لصحيفة الشعب اليومية:" إن العلاقات الإيرانية الصينية تتمتع بأسس متينة. وأن إيران بحاجة الآن للمساعدة من الصين، والصين بحاجة إلى دعم إيران".
وعلقت صحيفة "الهندوسي" الهندية في 12 مايو الجاري، قائلة بأن الصين واحدة من الدول القليلة التي حافظت على علاقات ودية مع إيران. حيث لعبت الصين دورا رئيسيا في التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني. كما يحتاج الانتعاش الاقتصادي لإيران للمساهمة الأجنبية، مثل المشاركة في مشاريع البنية التحتية التي تقودها الصين. وبصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي، يمكن للصين أن تقدم مساعدة إستراتيجية هائلة لإيران. في ذات الوقت، أصبحت الصين خلال السنوات الأخيرة الشريك التجاري الرئيسي لإيران، إذ زادت صادرات إيران من النفط إلى الصين في عام 2017 بنسبة 11٪ على أساس سنوي.كما ذكرت شبكة سبوتنيك الإخبارية الروسية بأن قيمة التجارة الثنائية بين الصين وإيران قد وصلت إلى 60 مليار دولار.
بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن انسحابها من الاتفاق النوو الإيراني، قالت عدة وسائل إعلام أجنبية إن "الصين هي المستفيد الأكبر" من هذا القرار. وقالت رويترز في 12 مايو الجاري، إن الصين قد تحصل على الظروف المواتية لتسوية النفط المستورد باليوان. بالإضافة إلى ذلك، مع انسحاب الشركات الأوروبية، قد تتولى الصين إنجاز بعض المشاريع الكبرى في إيران.
على عكس هذا الرأي، يرى ين قانغ، الباحث بمركز أبحاث غرب آسيا وإفريقيا التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية، أن الحكومة الأمريكية قد تلجأ إلى فرض عقوبات على جميع الشركات التي تربطها علاقات تجارية مع إيران. وبصفتها ثاني أكبر اقتصاد في عالمي، فإن تحركات الصين في هذا الجانب ستمثل مصدر قلق للولايات المتحدة. وفي ظل الوضع الدولي المعقد الحالي، ستتعامل الصين مع خياراتها بعناية وتنظر إلى الوضع العام.
سيجري ظريف محادثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 14 مايو الجاري. وذكرت صحيفة "ديلي ستار" اللبنانية يوم 13 مايو الجاري، أنه رغم مرور العلاقات الروسية الإيرانية ببعض الصعوبات في السابق، لكن العلاقات بين البلدين استمرت في التحسن بعد الحرب الباردة. ومنذ التوصل الى الاتفاق النووي الإيراني، فإن معظم الشركات التي توافدت على إيران كانت شركات أوروبية ، لذلك فإن انسحاب ترامب من الاتفاق سيوفر لروسيا مساحة اقتصادية.
سيلتقي ظريف في 15 مايو الجاري مع ممثلي الدول الأوروبية تحت رعاية الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي موغيريني. وقالت وكالة رويترز البريطانية في 13 ديسمبر، إن إيران تأمل في أن تؤكد أوروبا بوضوح على أن الإتحاد الأوروبي لن ينسحب من الإتفاق إذا لم تنسحب إيران. ونقلت صحيفة ستريتس تايمز السنغافورية عن دبلوماسيين أوروبيين في إيران قولهم: "لقد تحول مزاجنا من النشوة إلى خيبة أمل. نحن ننتظر رد صانعي القرار في الاتحاد الأوروبي. إذا قدموا تنازلات للولايات المتحدة، فإن الجهود التي بذلت منذ عام 2015 ستذهب في مهب الريح". وكان وزيرالخارجية الأمريكي بومبيو، قد صرّح في 13 مايو الجاري، بأن بلاده تأمل في أن تتفاوض خلال المرحلة المقبلة مع شركائها الأوروبيين حول إتفاقية نووية جديدة.
يعتقد المحللون أن إيران عازمة على الوقوف على أرضية أخلاقية عالية خلال الأسابيع المقبلة. في ذات الصدد، يرى إميل البيتار المحلل السياسي بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والإستراتيجية في تصريح لوكالة فرانس برس في 13 مايو الجاري: "للمرة الأولى تتاح الفرصة لإيران لإثبات أنها ليست دولة مارقة، بل أنها تتحلى بنوايا طيبة للتفاوض". يذكر أن الرئيس الإيراني روحاني قد أشار في 13 مايو الجاري إلى أنه إذا إلتزمت الدول الخمس الأخرى بالاتفاقية فإن إيران أيضا ستبقى.