"إنها منطقة تعد بمثابة ممر إستراتيجي هام يربط الصين بالخارج مع متاخمتها لـثماني دول برا، وتلعب دورا بارزا في دفع مبادرة الحزام والطريق الصينية قدما، ويمكننا الإحساس بما أحرزته من تقدم متميز في بناء اقتصادها وكذا بعمق ثقافتها الفريدة"، هكذا جاءت انطباعات مراسلين أجانب بعد زيارة قاموا بها لمنطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم استمرت أسبوعا وغطت غالبية أرجاء المنطقة.
فقد نظم المكتب الإعلامي لمجلس الدولة الصيني مؤخرا زيارة لوفد يضم صحفيين من 16 دولة إلى منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم بشمال غرب الصين، للتعرف على أحدث أوجه تطورها وإظهار أجمل صورها لكل المتابعين في العالم.
"لم أتصور أن أتذوق هنا نفس طعم ونكهة المأكولات البحرية لبلادي"، جاءت عبارة الإعجاب هذه على لسان قيصر رضا خان من هيئة الإذاعة والتليفزيون الباكستانية التي تعد أكبر مؤسسة إعلامية في بلاده. فمع قيام منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم بفتح ممر جوي مباشر لإيصال المنتجات البحرية من ميناء جوادر الباكستاني الذي يعد أقرب الموانئ بالنسبة لشينجيانغ، باتت عملية نقل هذه المنتجات لا تستغرق سوى 16 ساعة لتختصر بذلك المدة الزمنية بواقع النصف مقارنة بما كان عليه الأمر في السابق حين كان النقل يتطلب أكثر من 30 ساعة.
وفي حقيقة الأمر، لم يكن الممر الجوي المذكور سوى جزء من خطة بناء الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني، وهي خطة اقترحتها البلدان عام 2013 وتعتبر حلقة هامة لتطبيق الحزام الاقتصادي لطريق الحرير مع وضع منطقة شينجيانغ في مكانة إستراتيجية هامة كونها همزة وصل تربط الصين بالخارج.
ووفقا لأحدث الإحصاءات، حدد البلدان 39 مشروعا في إطار خطة الممر الذي يبدأ من مدينة كاشغار بمنطقة شينجيانغ الصينية ووصولا إلى ميناء جوادر الباكستاني، حيث تغطى هذه المشروعات مجالات الميناء والطاقة والبنية التحتية والمواصلات وغيرها، من بينها نحو 20 مشروعا تم إنجازه أو قيد الإنشاء، وهو ما يتيح عشرات الآلاف من الوظائف لعمال البلدين.
وعند الحديث عن العروة الوثقى التي تربط منطقة شينجيانغ بطريق الحرير، لا بد أن نذكر تاريخا يرجع إلى ما قبل 2100 سنة. ففي عام 140 قبل الميلاد، سافر تشانغ تشيان المبعوث الملكي في عهد أسرة هان الصينية إلى آسيا الوسطى مرتين مرورا بهذه المنطقة لشق طريق للتجارة يمتد من الشرق إلى الغرب ويربط آسيا بأوروبا. وعبر مئات السنين وسط صدى أجراس الجمال، قام المبعوثون الدبلوماسيون ورجال الأعمال والسياح والعلماء والحرفيون من مختلف البلدان الواقعة على طول ذلك الخط قاموا برحلات مكوكية على طريق الحرير لتبادل المنتجات ولطلب العلم، ما دفع بتقدم الحضارة البشرية وكتابة فصل خالد للصداقة.
وفي الوقت الراهن، تم إحياء هذه المنطقة بعدما طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير عام 2013، ما جعل المنطقة أكثر انفتاحا على الخارج لتغدو بذلك نافذة للتبادلات الصينية مع آسيا الوسطى وجنوب وغرب آسيا حتى البلدان الأوروبية.
"وباعتبارها منطقة حدودية للصين، تجاور شينجيانغ شرقا سوقا كبيرة داخل البلاد ذات أكثر من 10ملايين نسمة. كما تواجه غربا سوقا أخرى تغطي بشكل رئيسي آسيا الوسطى وكذا جنوب وغرب آسيا وهي أيضا ذات أكثر من 10 ملايين نسمة"، هكذا قال لي جيه مسؤول الدائرة الدولية للمكتب الإعلامي لحكومة منطقة شينجيانغ المحلية عند حديثه عن الأهمية البالغة التي تحظى بها شينجيانغ في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير.
ويظهر تقرير صدر عن مركز الدولة للمعلومات حول بناء الحزام والطريق عام 2017 أن منطقة شينجيانغ تشهد تطورا هائلا من خلال ميزة موقعها كمحور للحزام الاقتصادي لطريق الحرير، حيث شهدت منطقة شينجيانغ في عام 2013 أسرع وتيرة في نمو حجم الصادرات والواردات بين جميع المناطق الإدارية ال32على مستوى المقاطعة بالبر الرئيسي الصيني، بزيادة نسبتها 91.9 في المائة.
ولا شك أن أبرز الإنجازات في دفع بناء محور الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، الذي يعد جزءا هاما في مبادرة الحزام والطريق الصينية، لا شك أنها تتمثل في إقامة مركز لتجميع البضائع ليكون همزة وصل لخطوط قطارات الشحن بين الصين وأوروبا في مدينة أورومتشي، بحيث يعمل على نقل سلع ومنتجات تضم أكثر من 200 نوع مثل الأجهزة والإلكترونيات، والمنتجات الكيماوية والزراعية وغيرها.
"لقد فتحت هذه الخطوط طريقة آمنة وفعالة ومريحة للتبادل التجاري الدولي، ما يمنح منطقة شينجيانغ إمكانيات كبيرة ويتيح فرصا نادرة لتنمية دول طريق الحرير"، حسبما قال فهد عبد الله مراسل وكالة الأنباء السعودية في تقريره حول هذه الخطوط التي أصبحت حاليا بمثابة نموذج في النقل البري يحتذى به العالم.
ومنذ بدء تنفيذ مركز تجميع البضائع في مايو عام 2016، ازدادت المقاصد التي بلغتها هذه الخطوط تدريجيا لتصل إلى 24 مدينة في 17 دولة بقارتي آسيا وأوروبا حتى أنها بلغت ميناء روتردام الهولندي البعيد، ومع تحقيق ذلك تم تقليص المدة الزمنية لعملية النقل بواقع الثلث مقارنة بما كان عليه الأمر قبل تشغيل الخطوط.
ومن جانبه، ذكر نان جون، نائب المدير العام لشركة شينجيانغ للنقل البري أن عملية النقل في المدينة صارت أكثر تكرارا مع تسيير ثلاث رحلات يوميا مقارنة برحلة واحدة في بداية التشغيل، مضيفا أنه تم تشغيل أكثر من 1200 قطار حتى الآن مع توقع عقود تنفيذ أكثر من 1400 قطار قبل نهاية العام الجاري.