غزة 21 يونيو 2018 / يمارس الفلسطيني عبد الفتاح عسلية، هواية أشبه بالكابوس للبعض، لكنها بالنسبة له تمثل نوعا مثيرا من أساليب الحياة من خلال تربية أنواع مختلفة من الأفاعي السامة القاتلة في منزله.
ويكرس عسلية (32 عاما) جل وقته في الاعتناء بالأفاعي وزيادة أعداد ما يمتلكه منها.
ويخصص الرجل الفلسطيني غرفة داخل شقته، التي لا تزيد مساحتها عن 170 مترا في منزل عائلته في شمال قطاع غزة للاحتفاظ بصناديق زجاجية يضع بداخلها أصنافا متعددة من الأفاعي تزيد عن 25 أفعى، بينها السام.
ويقول عسلية لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه يهوى تربية الأفاعي واقتناءها منذ صغره وكان دافعه الرئيسي فضول الاكتشاف، قبل أن يجد تناغما غير مألوف مع هذا النوع من الحيوانات الزاحفة.
ويضيف وهو يمسك بين يديه أفاعي العربيد الأسود، التي تختلف أحجامها ويصل طول بعض منها إلى مترين، أنه يتعامل معها بكل بساطة ومن دون خوف أو تردد.
وواجه عسلية لسنوات طويلة معارضة قاطعة من عائلته في الاحتفاظ بالأفاعي في المنزل، قبل أن يتغير الموقف منذ نحو ثلاثة أعوام.
ويحرص الرجل في تريبته للأفاعي، على إغلاق نوافذ الصناديق بالنايلون المقوى لزيادة درجة الحرارة فيها، مشيرا إلى أن الأفاعي تعيش في درجة حرارة معينة وتحتاج إلى ظروف مناسبة لتبقى على قيد الحياة، وهو ما يجتهد في توفيره لها.
لكن مهمته هذه ليست باليسيرة بالنظر إلى ظروفه الاقتصادية الصعبة كونه يعمل في مجال البناء، ودخله المتواضع لا يساعده على اقتناء أدوات تلزمه في تربية الأفاعي أو توفير الطعام المناسب لها.
لذلك يلجأ عسلية لاصطياد الفئران والسحالي والضفادع والزواحف الصغيرة ليقدمها غذاء لما يمتلكه من أفاع.
ويشير إلى أن كل أفعى تحتاج إلى طعام يناسب حجمها، والبعض منها يحتاج إلى الطعام مرة في الأسبوع ومع اقتراب الشتاء تطول المدة وقد تحتاج إلى الطعام مرة كل شهر أو أكثر.
ويخشى عسلية من موت الأفاعي نظراً لعدم مقدرته على توفير درجة الحرارة اللازمة التي تحتاجها، بسبب أزمة انقطاع الكهرباء التي يعانيها قطاع غزة ولا تتوفر لأكثر من 16 ساعة يومياً.
ويمتلك عسلية أكثر من 15 نوعا من الأفاعي، منها (بقلاوية الجبل) و(بقلاوية الصحراء) و(أفعى الزيتون)، و(ثعبان العرابيد)، وثعبان ابو السيور، وهو أسرع ثعبان في الشرق الأوسط.
كما يمتلك (الأفعى الكاذبة) و(أفعى الفئران)، و(أفعى التراب) و(الزعرة السامة)، إضافة إلى (أفعى فلسطين).
ويوضح أن أفعى فلسطين واحدة من بين أخطر خمسة أفاعٍ تعيش في الأراضي الفلسطينية من بين أكثر من 30 نوعاً من الأفاعي.
ويحصل عسلية على الأفاعي في معظم الأوقات عن طريق مهاتفة بعض المزارعين أو السكان ممن يقطنون بجوار المناطق الزراعية والأراضي شبه الخالية والتي قد يكثر بها تواجد الأفاعي.
ويقول إنه يحتفظ على هاتفه المحمول بمقاطع فيديو حول كيفية التعامل مع الأفاعي وينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لمساعدة السكان، خاصة المزارعين في ملاحقتها واصطيادها لينقل بعضها إلى منزله منعاً لقتلها.
ويشرح عسلية أن أفعى العربيد الأسود هي أكثر الأفاعي التي حصل عليها من المزارعين المحليين.
ويكثر تواجد العربيد في بيئات البحر الأبيض المتوسط مثل الحقول الزراعية والأخشاب.
وبالرغم من الخطر الشديد الذي قد تسببه الأفاعي على حياة الأشخاص، إلا أن عسلية يعرض على أطفاله الأربعة رؤية الأفاعي ولمسها ويشجعهم على الاقتراب منها وحمل غير السام منها.
وتحاول ابنته الكبرى يسرى ذات الأعوام الستة التسلية مع الأفاعي الصغيرة من وراء الزجاج.
وتعرف يسرى أسماء الأفاعي وأكثرها خطراً، ورغم أن والدها يغلق باب الغرفة طوال غيابه عن المنزل، لكنه يسمح لهم برؤيتها بعد عودته وأحيانا وضع الماء لها.
ويهدف عسلية إلى تحويل هوايته وحبه للأفاعي إلى مصلحة عامة وتقديم خدمة للسكان عبر التعريف بالأنواع الخطيرة وأماكن عيشها.
ولم يحصل عسلية على درجة علمية أو دورات تدريبية في التعامل مع الأفاعي، لكنه تعرف عليها وتعلم الكثير عنها من خلال الممارسة وجمعها بواسطة أداة صيد الأفاعي التي يصنعها بنفسه.
ووفقا لدراسة صادرة عن جمعية "الحياة البرية في فلسطين" فإن عدد الأفاعي التي تعيش في الأراضي الفلسطينية يقدر بـ 34 نوعا منها تسعة أنواع سامة.
وينصح عسلية السكان بعدم قتل الأفاعي والاتصال به أو بالجهات المعنية من الدفاع المدني عند وجود أي نوع منها حفاظاً على سلامتهم.
ويعد دور عسلية مهما بالنسبة للسكان في ظل شكوى عامة من تقصير حكومي تجاه التعامل مع مثل هذه الأنواع من الحيوانات الزاحفة الخطيرة.
ويعقب مدير عام الخدمات البيطرية في وزارة الزراعة في غزة حسن عزام، قائلا ل(شينخوا) إنهم يقدمون الخدمات المجانية للمزارعين حال تلقيهم أي شكوى خاصة بالحيوانات.
ويأمل عسلية أن يتمكن يوما من جمع كل أنواع الأفاعي التي تعيش في الأراضي الفلسطينية وأن تتوفر لديه الإمكانيات التقنية والمادية اللازمة لتوفير بيئة أفضل لتربيتها.