تحرير وترجمة/د. فايزة سعيد كاب
إلتقي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في العاصمة الفنلندية هلسنكي يوم 16 يوليو في اول اجتماع رسمي يجمع قادة البلدين بعد سنة ونصف من تولي ترامب منصبه. ووفقا لخبر نشرته وكالة الانباء الصينية، عقد فلاديمير بوتين ودونالد ترامب مؤتمرا صحفيا مشتركا في ختام القمة التي جمعة قادة البلدين، وقال بوتين أن الرئيسين حافظا على إجراء اتصالات دورية عبر الهاتف وخلال الاجتماعات في مختلف المناسبات، ولقد حان الوقت لإجراء نقاش عميق حول العلاقات الثنائية والشؤون الدولية الملحة. مضيفا، أن قضايا عديدة تستحق اليوم توجيه الاهتمام اليها. ومن جانبه، قال دونالد ترامب إنه سيطرح قضايا متعلقة بـ "التجارة والقوات المسلحة والصواريخ والأسلحة النووية والصين." مضيفا: "أعتقد أن لدينا فرصا كبيرة معا كبلدين لم نكن على وفاق في السنوات الماضية ".
وحول القمة، يعتقد المحللون في تعليق لجاو يان نشر بصحيفة الشعب اليومية، النسخة الدولية، أن حل التناقضات الهيكلية بين البلدين في اجتماع واحد صعب للغاية، لكن من المتوقع أن يطلق الجانبان اشارة التيسير من خلال النتائج الرمزية، والتي سيكون لها تأثير لاحقا على النمط الجغرافي للشرق الاوسط واوروبا.
تعاني العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا العديد من الامراض المستعصية. يعتقد المحللون أن السياسة الامريكية تجاه روسيا باتت رهينة السياسة الداخلية في امريكا، حيث أن المعارضة الداخلية تجاه روسيا شديدة للغاية. بالإضافة إلى ذلك، هناك اختلافات جوهرية بين البلدين في بناء نظام دولي.
ويعتقد ديميتري سوسلوف، نائب مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية في كلية الاقتصاد الروسية، أن روسيا والولايات المتحدة تعيشان اليوم مواجهة منظمة، حيث أن الولايات المتحدة مترددة في التخلي عن الهيمنة العالمية، وتؤيد روسيا في انشاء نظام عالمي متعدد الأقطاب. وقد أدت الخلافات الأساسية الى خلق تناقضات ومواجهات بين البلدين حول القضية السورية والقضية الأوكرانية.
لكن، تتمتع القمة الامريكية ـ الروسية بأهمية رمزية قوية في ظل هذه المواجهة، وتطلق اشارة إلى تحسن العلاقات بين الطرفين.
يعتبر الوضع في الشرق الاوسط وخاصة إيران وروسيا محور المناقضات بين ترامب وبوتين. يعتقد المحللون أن القمة من المتوقع أن تحقق بعض النتائج، وتحديث تغيرات جديدة في النمط الجيوسياسي في الشرق الاوسط، بالرغم من المصالح والمواقف المختلفة بشأن القضايا ذات الصلة بالمنطقة.
يعتقد الباحث الأمريكي في المجلس الأطلسي الأمريكي ستيفن سيستانوفيتش أن ترامب يتطلع إلى الحد من حجم القوات الامريكية في سوريا، ودور إيران في القضية السورية والحد من إمكانية الصراع بين إيران وإسرائيل في ظل دخول الحرب السورية مرحلة جديدة.
ومن جانبها، قالت نورهان الشيخ أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن روسيا قد تقترح على الولايات المتحدة تخفيض دعمها لبعض الجماعات المسلحة السورية. وتتوقع نورهان أن يصل قادة البلدين الى توافق معين من خلال الحد من الوجود العسكري لإيران في سوريا، وفي المقابل تخفيض الولايات المتحدة العقوبات ضد إيران.
العقلية الأوروبية تجاه روسيا معقدة للغاية، من ناحية، أوروبا بحاجة الى التعاون مع روسيا في مجال الطاقة، ومن ناحية أخرى، تتعامل معها بحذر. ولم يتردد الاتحاد الأوربي بعد اندلاع الازمة الأوكرانية في الاضرار بمصالحه الاقتصادية وانضمامه إلى الولايات المتحدة في فرض عقوبات صارمة على روسيا. ومع ذلك، فإن ارسال ترامب بعد توليه منصبه من وقت لآخر اشارات لتحسين العلاقات مع روسيا جعل الاتحاد الاوروبي يشعر باليقظة.
قال توماس فالاسيك مدير مركز كارنيغي الأوروبي أن بعض الدول الأوروبية بدأت تشعر بالقلق من تخفيف الولايات المتحدة من تواجدها في أوروبا مثل الحد من عدد قواتها، ما قد يدفع الدول الأوروبية الى مواصلة التدريبات العسكرية في أوروبا الشرقية، ويؤدي ذلك الى تفاقم التوترات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم التنسيق للمواقف بين الدول الاوروبية في العلاقات مع روسيا، قد تخلق التغيرات الجديدة في العلاقات الامريكية الروسية اختلافات جديدة داخل أوروبا.
يعتقد ديفيد كريكمانز، الأستاذ المشارك في جامعة أنتويرب في بلجيكا، أنه يجب على اوروبا أن تسعى الى " توازن سياسة القوى" بين واشنطن وموسكو، ومواجهة مشكلة عدم التماسك الداخلي الكافي الذي يعتبر أحد التحديات الرئيسية التي تواجه اوروبا.