لندن 18 يناير 2019 / بعثت الحكومة البريطانية في الآونة الأخيرة بإشارات متناقضة ومربكة فيما يتعلق بسياستها تجاه الصين.
فرغم تأكيده مجددا على التزامه الرسمي "بعلاقات في عصر ذهبي" مع الصين، إلا أن 10 داوننغ ستريت ينخرط في أعمال استفزازية ببحر الصين الجنوبي.
فقد اختتمت بريطانيا والولايات المتحدة هذا الأسبوع تدريباتهما المنسقة التي استمرت ستة أيام في المياه الآسيوية. وجاءت المناورات العسكرية بعد أشهر من قيام السفينة الحربية البريطانية "إتش إم إس ألبيون" بالإبحار إلى المياه الإقليمية قبالة جزر شيشا الصينية.
هذه التوغلات البحرية من جانب بريطانيا تنتهك سيادة الصين وتقوض المصالح الأمنية الصينية. كما أنها تخلق حالات جديدة من عدم اليقين على بعد آلاف الأميال من بلادها.
ربما هدفت المناورات العسكرية الأخيرة إلى أن تكون محاولة لعرض القوة واستعراض لما يسمى بأجندة "بريطانيا العالمية". فمن خلال فعلها ذلك، يبدو أن لندن تظهر أنها لا تزال قادرة بالكامل على الحفاظ على نفوذها في المنطقة الآسيوية، في الوقت الذي تغرق فيه محليا في فوضي بريكست.
غير أن استعراض كهذا للعضلات العسكرية يلحق الضرر بالعلاقات الصينية البريطانية، ولن يساعد بأي حال من الأحوال في تعزيز الهدوء في المياه الإقليمية. لذا، فهو ليس بالتأكيد الدور الصحيح والمرحب بأن تلعبه بريطانيا في المنطقة.
قبل ثلاثة أشهر فقط، قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي للقادة الصينيين إنها سعيدة للغاية بالحديث عن كيف يمكن للبلدين مواصلة البناء على العصر الذهبي للعلاقات البريطانية الصينية، وهو ما يعد جزءا من أجندتها لـ"بريطانيا العالمية" ويهدف إلى تحقيق روابط تجارية أوثق مع الاقتصادات سريعة النمو في آسيا بعد بريكست.
وإذا كان إرسال سفن بحرية إلى بحر الصين الجنوبي هو الطريقة التي تسعى بها لندن إلى تقوية الروابط الثنائية مع بكين، فقد اختارت للأسف طريقة خاطئة.
وإن تأكيد الحكومة البريطانية على أن البلاد لها الحق في "أن يكون لها صوت" في منطقة آسيا الباسيفيك لا يبرر اندفاعها إلى إحداث موجات في بحر الصين الجنوبي.
كما أن ما يسمى بـ"حرية الملاحة" لا يستتبع بأي حال من الأحوال الحرية في تهديد سيادة أراضى دولة أخرى.
فمن أجل صالح علاقات أكثر تقاربا بين بريطانيا والصين، ثمة حاجة إلى أن يحترم البلدان المصالح الجوهرية لبعضهما البعض، بينما يتعين على لندن في الوقت الراهن إيضاح سياستها تجاه الصين.