اعترف ريام دالاتي، مصور فيديو "كيماوي دوما " وبثته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، على حسابه على موقع "تويتر"، إن المشهد الذي صور داخل مستشفى (دوما) كان مفبركا من قبل المسلحين المحليين، ما أثار دهشة العالم. وقد أصبح فيديو "كيماوي دوما "بعد اسبوع من نشره قبل نحو 10 أشهر في سوريا، ذريعة لشن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا دون إذن من مجلس الامن الدولي سلسلة من الضربات الصاروخية الجوية باستخدام أكثر من 100 صاروخ لضرب الاهداف التابعة للجيش السوري.
وفي ظل هذه المهزلة، ارتكبت الدول الغربية اخطاءا ليست بسيطة مثل الاستماع الى المعلومات الخاطئة فقط.
من هي "الخوذ البيضاء"؟ "الخوذ البيضاء"، منظمة المساعدات الانسانية التي تنشط في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، تدعي انها أنشئت بشكل عفوي من قبل السكان المحليين السوريين وغير مرتبطة بأحد الفصائل السياسية أو تابعة لها، ويعود اسمها نسبة للمتطوعين الذين كانوا يرتدون الخوذات البيضاء أثناء عملية الإنقاذ. وفي السنوات القليلة الماضية، ذكرت هذه المنظمة مرارا وتكرارا استخدام القوات الحكومية السورية والروسية الأسلحة الكيميائية لتوفير "أدلة حديدية" لشن الدول الغربية الحرب ضد سوريا.
ومع ذلك، فإن الفيديو الذي نشره فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة في نهاية عام 2018 قد كسر "الصورة المثالية" للخوذة البيضاء بلا رحمة. ووفقا للدراسة الاستقصائية، فإنه تحت غطاء الاغاثة الانسانية، تلقت المنظمة منذ فترة طويلة تمويلات غربية، وسجلت بعناية مقاطع فيديو مختلفة تحتاجها الدول الغربية. وفي السابق، كانت مقاطع الفيديو التي بثتها وسائل الاعلام الغربية وتصور استخدام القوات الحكومية السورية والروسية للأسلحة الكيمياوية شبه حصرية من المنظمة. ويتضح بعد ذلك أن بعض الدول الغربية "بذلت جهودا مضنية " لكسب شرعية الحرب على سوريا.
منذ فترة طويلة وعادات بعض الدول الغربية التي تحب أن تكون "الشرطة العالمية" لم تتغير، حيث كانت دائما حريصة على التدخل في الشؤون الداخلية لبلد آخر، بلغت الاطاحة بالنظام الشرعي للبلد، والانخراط في سياسة القوة والدفع بسياسة الزورق الحربي. وتستخدم كل الوسائل للتدخل القسري في شؤون البلدان أخرى كما تشاء بغض النظر عما إذا كانت مؤهلة لذلك.
وبطبيعة الحال، تستخدم الدول الغربية اليوم العديد من الحيل الجديدة بالمقارنة مع شن الحروب المباشرة في الماضي. حيث تمتلك الحق في التحدث على المنابر الدولية والوقوف في أعلى مستويات الراي العام، والتوصل الى خيال مذهل، وكتابة وتأليف واخراج القصص خاصة. وفي نفس الوقت، وفي ظل الموارد الاعلامية الدولية الغنية، ونشر القصص حول العالم، تتباهى بعقلانية الحرب، وتحاول كسب المزيد من الدعم. وعند بداية الحرب بالفعل، تصبح "ابطالا" في "الأفلام الكبيرة".
وليس بعيدا عن سوريا، بذلت الدول الغربية في الحرب العراقية جهودا كبيرة ايضا في وسائل الاعلام للتحايل على مجلس الامن الدولي وشن حرب على أرض العراق بحجة امتلاك الأخير أسلحة دمار شامل ويدعم الإرهابيين سراً.ما هي النتيجة؟ تم تدمير العراق، قتل المدنيين، ولم يتم العثور على ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل.
هناك المزيد من الأنماط والاهداف التي لم يتغير. لم تسأم هذه الدول الغربية من صنع الأكاذيب، لكنها تريد صب المياه القذرة في دول أخرى، والعثور على أعذار أخلاقية لتدخلها ورئاسة العدالة لتحقيق نواياها السياسية والاستراتيجية.ومهما حاولت الدول الغربية رسم سيناريوهات التدخل بإحكام، فإنها تبقى مجرد اشكال جديدة لأهداف وتأملات قديمة لم تتغير.
ولسوء الحظ أن النص المقلوب رأسا على عقب لا يمكن أن يستمر الى الابد. وعندما يتم الكشف عن الحقيقة سيستيقظ الجمهور، والكشف عن الحقيقة المتكرر سيجعل الجمهور في تأهب ــ ـــ فعدالة الجنود المستقيمين مجرد كذبة اخرجت بإحكام.