رام الله 5 مارس 2019 /يحبس الفلسطينيون أنفاسهم مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في إسرائيل المقررة في التاسع من شهر أبريل المقبل وسط مخاوف من تصعيد أكبر ضدهم في إطار المزايدات الانتخابية.
ويقول مراقبون فلسطينيون في تصريحات لوكالة أنباء (شينخوا)، إن الملف الفلسطيني يعد الأكثر حضورا في التنافس الانتخابي بين الأحزاب الإسرائيلية بما في ذلك اتخاذ خطوات أكثر عدائية لكسب دعم الرأي العام قبيل الانتخابات المقبلة.
ويشهد الجزء الشرقي من مدينة القدس خاصة المسجد الأقصى حوادث توتر شبه يومية فضلا عن تصعيد ملحوظ في خطط جديدة للاستيطان في الضفة الغربية.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي قبل أيام رفع جاهزيته لعملية عسكرية محتملة في قطاع غزة أعقبه تدريب مفاجئ للقوات المرابطة قرب القطاع وهو ما يعتبره الفلسطينيون أنه يندرج في إطار التنافس الحاصل في الانتخابات.
وكتبت صحيفة (القدس) المحلية واسعة الانتشار في عنوان مقالها اليومي (لسنا وقودا لانتخابات إسرائيل)، محذرة من تنافس قادة الأحزاب الإسرائيلية في حملتهم الانتخابية على إطلاق تصريحات "متطرفة وعنصرية" ضد الفلسطينيين.
وتستعد القوى السياسية الإسرائيلية لخوض الانتخابات البرلمانية وسط توقعات بأن تكون الغلبة لصالح أحزاب اليمين، فيما تحاول أحزاب اليسار المتراجعة منذ سنوات الإبقاء على موطئ قدم لها في الخريطة السياسية.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة ناجي شراب أن الانتخابات المقبلة في إسرائيل "ستجري لأول مرة في ظل تحولات وتحالفات غير متوقعة وفي سياقات سياسية تعمل لصالح المعسكر اليميني".
ويشير شراب إلى أن المؤشرات ما قبل نحو شهر من إجراء الانتخابات البرلمانية في إسرائيل "ترجح أن تسفر عن تشكيل حكومة يمينية متشددة أو أكثر تشددا وضعف قوى اليسار التي من المستبعد أن تحقق اختراقات كبيرة في الانتخابات القادمة".
وينبه إلى التراجع الحاصل لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا في استطلاعات الرأي على خلفية ما يواجهه من تهم فساد.
ويعتقد شراب بأن نتنياهو ينتظر أن يقدم شيئا ملموسا ليرفع من شعبيته قبيل الانتخابات المقبلة مثل المزيد من التصعيد في الضفة الغربية والقدس أو شن حربا جديدة على قطاع غزة لتحقيق إنجازات تساعده على كسب الانتخابات مجددا.
وفي هذا السياق، يقول رئيس مؤسسة الدراسات الديمقراطية في رام الله جورج جقمان إن الملف الفلسطيني حاضر بقوة في الانتخابات الإسرائيلية خاصة في نطاق المزايدات الداخلية.
ويضيف جقمان "أن الرأي العام في إسرائيل يتجه إلى اليمين منذ عدة سنوات وبالتالي يتسابق السياسيون لكسب الدعم الانتخابي وكلما تطرفوا بمواقفهم يكون الضحية هم الفلسطينيون".
ويرى أن فرص تصعيد عسكري إسرائيلي على قطاع غزة تبدو حتى الآن محدودة بسبب معارضة القيادات العسكرية لهذا الخيار بخلاف الشخصيات السياسية التي يتحكم بمواقفها كسب دعم الرأي العام.
ويعتبر جقمان أن الجمود الحاصل في القضية الفلسطينية من المتوقع أن يتم تكريسه بما في ذلك ما تم إعلانه من تأجيل طرح صفقة القرن الأمريكية إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية مع الأخذ بعين الاعتبار بأن التوقعات لا تنبئ بحكومة قادمة في إسرائيل تدعم حل الدولتين أو إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية.
وفي السادس من فبراير الماضي أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن أمله في أن تفرز الانتخابات الإسرائيلية المقبلة من يؤمن حقا بالسلام، مبديا الاستعداد للعمل معه.
وقال عباس في حينه "آمل أن تفرز الانتخابات الإسرائيلية المقبلة حكومة تسعى للسلام وستكون يدنا ممدودة للعمل معها من أجل إحلال السلام في المنطقة ولكافة شعوب الأرض".
وتوقفت مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل نهاية مارس عام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد بين الجانبين منذ عدة عقود.
ويعتقد مدير مركز (مسارات) للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري أن الانتخابات الإسرائيلية "تشهد منافسة حامية بين اليمين المتطرف واليمين الجديد بين أيهما أكثر عداوة وتطرفا ضد الفلسطينيين وسط غياب أي رغبة جدية في صنع السلام".
ويقول المصري إن تتبع المزايدات الانتخابية الحاصلة في إسرائيل يظهر "أن هناك خططا إسرائيلية متعددة تلتقي فيها أحزاب اليمين المتطرف واليمين الجديد، على نقاط، مثل: معارضة قيام دولة فلسطينية، وفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة".
ويضيف "كما نلحظ وجود إجماع بين تلك الأحزاب على الرغبة ببقاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية من النهر إلى البحر حتى بعد الحل النهائي، ودفع تكثيف الاستيطان وتشريعه وتوسيعه، وبقاء كامل القدس تحت السيادة الإسرائيلية، إضافة إلى عدم الاستعداد لأي حل عادل لقضية اللاجئين ومواصلة العمل على تصفيتها".
وأشار إلى أن هذا التصعيد الحاصل في أحزاب اليمين في إسرائيل يترافق مع المتغيرات الجديدة التي رافقت فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية وتبني سياسة أمريكية "أكثر تطرفا" في دعم إسرائيل من الإدارات الأمريكية السابقة.
ويحذر من "توجه إسرائيلي نحو سياسة جديدة سيتم في سياق تطبيقها فك السلطة الفلسطينية وترويضها لتقبل التكيف مع متطلبات صفقة القرن الأمريكية وإقرار قانون القومية العنصري وتداعياته في زيادة أخطار قيام إسرائيل بضم الضفة الغربية أو أجزاء واسعة منها".
ويخلص المصري إلى أن التنافس الحاصل في إسرائيل يقوم على "إنهاء ما تبقى من دور سياسي للسلطة الفلسطينية ترسيخا لتغييب الحقوق الفلسطينية بالكامل ومواصلة العمل لدفن خيار الدولة الفلسطينية لصالح تكريس سيادة دولة إسرائيل".