دمشق 3 ديسمبر 2012 / أمام الافران الحكومية في مناطق عدة بسوريا تصطف جموع غفيرة من الرجال والنساء والاطفال في طوابير طويلة من اجل الحصول على ربطة خبز واحدة في ظل أزمة خانقة تجددت مؤخرا لكنها أنعشت هذه المرة بيعه في السوق السوداء.
ويتكرر هذا المشهد أمام الافران الخاصة ومحلات بيع السمون والكعك، كمصدر بديل عن الخبز في الوقت الحالي، حسب ما لاحظ مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) الذي قام بجولة على هذه الافران.
وتؤكد الحكومة ان المادة متوفرة لكن الضغط ناتج عن خروج عدد من المطاحن في محافظة حلب شمال سوريا بسبب الظروف الامنية في البلاد.
ودفع هذا الزحام اسعار الخبز الى ارتفاع خيالي، حيث وصل سعر الربطة الواحدة (8 ارغفة) الى اكثر من 250 ليرة سورية (اي ما يعادل 3. 5 دولار)، في حين ان سعرها النظامي المحدد من قبل الحكومة 15 ليرة سورية.
كما ساعد هذا الوضع عددا من السوريين على امتهان بيع الخبز المدعوم من الدولة بالسوق السوداء كعمل لهم، يدر عليهم ارباحا كبيرة من جراء الاسعار المرتفعة والخيالية التي يبيعونها للميسورين من السوريين.
فقد بيعت الربطة الواحدة في دمشق ما بين 50 الى 120 ليرة سورية، في حين وصل سعرها في محافظة حلب والرقة الى اكثر من 250 ليرة إن وجدت.
ويقول الشاب السوري عمر (24 عاما) لوكالة أنباء ((شينخوا)) "الظروف الحالية اجبرتني على شراء الخبز من الفرن وبيعه للمواطنين باسعار اغلى بقليل" في حي المزة بدمشق.
وتابع عمر العاطل عن العمل "اكتفي بربح قليل" بعدما خسرت عملي بسبب اغلاق معمل كنت به في منطقة داريا بريف دمشق.
ويجني عمر وهو متزوج ولديه اطفال ما بين 500 الى 1500 ليرة يوميا من وراء بيع الخبز في السوق السوداء.
وأوضح انه "ينتظر ساعة ويحصل على كمية كبيرة ويبيعها، ثم يعاود الدخول الى الدور من جديد للحصول على الخبز مرة اخرى".
وتقول خديجة (36 عاما) وهي موظفة حكومية إنها اشترت ربطة خبز من "اطفال صغار ب100 ليرة سورية" بعدما فشلت في الحصول عليها من فرن حكومي في حي ركن الدين بدمشق بسبب الزحام.
وعزا مدير عام المخابز عثمان حامد، أزمة الخبز الى الكثافة السكانية الجديدة في دمشق الناتجة عن الحركة السكانية بين الاحياء، توقف بعض المخابز عن العمل.
ويقول حامد لـ((شينخوا)) إن نحو 90 بالمئة من سكان ريف دمشق صاروا في العاصمة، فيما استقبلت مناطق الحجر الاسود والتضامن ومخيم اليرموك سكان مناطق اخرى الشهر الماضي، في حين وفد الى مدينة التل بريف دمشق اهالي دوما وعربين.
ولفت حامد خصوصا الى توقف مخابز دوما وحرستا وداريا عن العمل.
وكان عدد من المناطق في سوريا قد تعرض لأزمة خبز أكثر من مرة خلال العام الجاري، لاسباب عدة منها، توقف عدد من المخابز عن العمل وعدم تمكن وصول العمال الى المخابز وصعوبة ايصال الطحين الى المخابز جراء مشاكل بالنقل.
وتقول السورية هناء فروج (39 عاما) "منذ اسبوع اخصص ساعتين صباح كل يوم للبحث عن الخبز في صحنايا بريف دمشق للحصول على ربطة واحدة"، مضيفا ان الجشع وصل بالتجار الى "رفع سعرها الى 75 ليرة ان وجدت".
ويقول ابو سامي (47 عاما) انه "اشترى ربطة الخبر من احد افران المزة التابعة للدولة بـ 50 ليرة سورية بعد انتظار اكثر من ساعة ونصف دون جدوى في الحصول على مادة الخبز".
ولفت ابو سامي الى "ان بعض الموظفين في الفرن يتعاونون مع اشخاص خارجه وبمجرد رؤيتهم يعطونهم الخبز لبيعه للمواطنين بسعر السوق السوداء، ثم يتقاسمون الارباح في نهاية اليوم"، داعيا السلطات السورية الى منع حدوث ذلك.
ويقول وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في سوريا قدري جميل في حديث امام اعضاء مجلس الشعب (البرلمان) نشرته صحيفة ((الوطن)) القريبة من الحكومة اليوم (الاثنين) إن "البلاد تعاني من مشكلة طحين".
وتابع ان سوريا تنتج يوميا في الاحوال العادية لتغطية الاستهلاك المحلي بين 8-9 آلاف طن من الطحين، لكن "بشكل مفاجئ توقفت 23 مطحنة في حلب، ما ادى الى انخفاض انتاج البلاد من الطحين 40 بالمئة، وهذه المشكلة لا يمكن حلها بوسائل اقتصادية وإنما عسكرية، كما أن النقل متوقف".
وتتواجد نصف مطاحن سوريا في محافظة حلب، حسب جميل.
ولفت الى ان الحكومة بدأت أمس بوضع اليد على مطاحن خاصة سواء بالتراخيص او بقوة بالقانون في محافظات دمشق وحمص والسويداء.
وتعاني محافظة السويداء (جنوبا) من ازمة الخبز الخانقة، وتبيع الجهات الرسمية بها ربطتين لكل مواطن، في حين ان عدد كبير من سكان المحافظة يقومون حاليا بشراء القمح وطحنه وانتاج مادة الخبز محليا في خطوة للاستغناء عن الافران الخاصة والحكومية.
وقال الوزير السوري إن الحكومة توجهت لبعض الأصدقاء لأول مرة في تاريخ سوريا لاستيراد الطحين، موضحا أن سوريا تستورد في السنة 40-50 ألف طن من الطحين، ولكن إذا استمرت الأزمة فسنضطر لاستيراد 100 ألف طن شهريا وهو "ما سنقوم به".
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn