تعليق: هل ستسلك جماعة الإخوان المسلمين طريق "الإرهاب" ؟

اعتقلت السلطات المصرية قياديين من جماعة الإخوان المسلمين وأصدرت قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين وحظر جميع أنشطتها، والصحف والمجلات وصادرت جميع أصول الجماعة، وذلك في إطار المواجهة القائمة بين السلطات المصرية والجماعة، مما يدفع بجماعة الإخوان المسلمين للعودة إلى العمل السري والوضع " غير القانوني" الذي كانت عليه ما قبل 60عاما.

وإذا نظرنا إلى مسار تاريخ تطوير جماعة الإخوان المسلمين خلال 80 عاما، فإن إجبار الجماعة للعودة إلى العمل السري ضربة كبيرة، ولكنها ليست مدمرة. ويثبت ذلك تجربة جماعة الإخوان المسلمين في العودة من العمل السري 4 مرات على مدى السنوات 80 الماضية.

ويعزى هذا إلى أرض الواقع، حيث من المحتمل أن تعود جماعة الإخوان المسلمين مثلما كانت عليه في الماضي، وتشهد مرة أخرى انقسامات داخلية ـ إعادة هيكلة السلطة ـ التنمية في سبات، والمراحل التي مرت بها على المسرح. ولكن الذي يخشاه العالم الخارجي من أن تسمح تجربة الحكم القصيرة للإخوان المسلمين في إعادة النظر في العودة إلى السلطة بالاعتماد على سياسة الانتخابات من خلال تراكم الرأي العام. وفي الواقع استطاع الجيش المصري الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين بكل سهولة بالرغم من الدعم الشعبي الكبير للجماعة. ولكن ما يثير القلق أكثر هو، هل أن جماعة الأخوان المسلمين سوف تسلك طريق" الإرهاب" للظهور مرة أخرى، إذا ما نفع الصراع السلمي.؟

إن هذه المخاوف لا أساس لها، سواء من ناحية قوة جماعية الإخوان المسلمين نفسها، أو ثورة جماعة الإخوان المسلمين ضد السلطة العسكرية المصرية، حيث أن الجماعة ليست على استعداد في أن تستمر في الاكتئاب. وعلاوة على ذلك، فإن فقدان الولايات المتحدة في ليبيا مؤخرا عشرات من العربات المدرعة المتقدمة، و مسدسات "غلوك"،وما يقرب 100 بندقية M4، بالإضافة إلى نظرات للرؤية الليلية التي تعطي للجنود ميزة في ساحة المعركة، يشتبه في وقوعها بين أيدي ميليشيات مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين.

ومع ذلك، إذا نظرنا من ناحية الوضع الحالي فإن اختيار جماعة الإخوان المسلمين سلك طريق " الإرهاب"، ومواجهة السلطات العسكرية من خلال المواجهة المسلحة، سوف يجعل خسارتها فادحة لم تشهدها طيلة 80 سنة الماضية.

أولا، فقدان جماعة الإخوان المسلمين السنوات العديدة التي قضتها لوضع قاعدة جماهيرية. وقد اعتمد حزب الحرية والعدالة التابعة للإخوان المسلمين على الشعب المصري للوصول إلى السلطة لأول مرة في أول انتخابات بعد تنحي الرئيس المصري حسني مبارك. وبالرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين اجتاحت لعبة السلطة السياسية مع السلطات العسكرية المصرية، إلا أن العديد يرى أن جماعة الإخوان المسلمين تعرضت لمعاملة غير عادلة، وسوف يعودون في يوم من الأيام، لكن إذا اختارت جماعة الإخوان المسلمين سلك طريق " الإرهاب" واعتمدت على العمليات الإرهابية الثقيلة للعودة إلى السلطة، وجعل الشعب المصري يعاني من ويلات الحرب الأهلية، فإن عودتهم إلى السلطة يبقى مشكوك فيها.

ثانيا، اختيار جماعة الإخوان المسلمين طريق " الإرهاب" هو خروج عن الهدف الأصلي للجماعة، وفقدان مصادر دخلها. حيث أن جماعة الإخوان المسلمين لم تكن منظمة إرهابية منذ نشأتها قبل 80 سنة ماضية، وكان هدفها الأساسي إحياء الإسلام والسعي لإقامة دولة إسلامية، وهذا احد أهم أسباب حصول الجماعة على الدعم الشعبي الواسع والمساعدات المالية الكبرى في العالم العربي. فعلى سبيل المثل، تقدم الدول الخليجية مساهمات مالية سنوية تقدر بالمليارات من الدولارات لجماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى التبرعات الفردية التي تصل إلى الجماعة من أعضائها الذين يعيشون في ليبيا والأردن وغيرها من الدول. و يمكن للمرء أن يتصور كم سوف تفقد الجماعة من موارد مالية إذا ما سلكت طريق " الإرهاب".

ثالثا، اختيار جماعة الإخوان المسلمين سلك طريق " الإرهاب" سوف يلاقي قمع عسكري أكثر قسوة، وحتى ذلك الحين، ناهيك عن التنمية في سبات، فإن حفاظ الجماعة على قوة فعالة يصبح مشكلة.

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن إجبار جماعة الإخوان المسلمين للعودة للعمل سرا، سوف يؤدي حتما إلى انقسام الجماعة، وقد يتحول بعض أعضائها إلى هيئات مستقلة، لتنتقم من السلطة بشكل متطرف وإرهابي. ومع ذلك، هل هؤلاء الأشخاص أو الفضائل تمثل التيار الرئيسي لجماعة الإخوان المسلمين أم لا، لا يزال ذلك يستحق الاهتمام.

تعتبر جماعة الإخوان المسلمين أقدم منظمة إسلامية في تاريخ العالم العربي، ويجب أن تختار سلك طريق الأعمال الخيرية كوسيلة لحشد الاحتجاجات العامة باعتبارها السبيل الرئيسي للنضال السياسي السلمي. ويمكن للمرء أن يتصور أن غياب جماعة الإخوان المسلمين لن يكن طويلا في ظل العملية المكثفة لإعادة هيكلة السلطة في مصر.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/