تعليق: الجيش المصري يقف عند مفترق الطرق (2)

لقد عرف عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالسياسة القوية وقمع المتظاهرين بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين بلا رحمة، ولكن معظم الشعب المصري لا يزالون يكنون له كل الود والحب. وقد خرج مئات الآلاف من الشعب المصري في مسيرة لرفض استقالة جمال عبد الناصر بعد هزيمة يونيو 1967، كما خرج الملايين من الناس إلى الشوارع للمشاركة في جنازته بعد ما وافته المنية عام 1970. وهذا المشهد يتناقض تماما مع مشهد جنازة الرئيس أنور السادات بعد اغتياله، وفرقا كبيرا مع مصير حسني مبارك بعد الإطاحة به. لماذا يا ترى هذا التناقض؟ لقد وقف جمال عبد الناصر إلى جانب عدد كبير من الشعب، وقام بالعديد من الإصلاحات والإجراءات الاشتراكية والتأميم والإصلاح الزراعي، والدعوة إلى الاتحاد العربي، ضد إسرائيل، ومقاومة الغزو الاستعماري القديم والجديد. ولان هذه السياسات تتفق مع مصالح الشعب المصري، استطاع جمال عبد الناصر أن يبث روح العزة والكرامة والكبرياء الوطني في نفس الشعب المصري للمرة الأولى بعد أن تعرضوا للقهر والإهانة من العدو الخارجي منذ عام1798. لذلك، لا يزال الشعب المصري يشعر بأن جمال عيد الناصر أقرب إلى وصفه بـ " الرئيس القوي" بدلا من " الديكتاتور"، بالرغم من بعض العلل التي ظهرت خلال فترة حكمه .

ومن هذا المنظور، فإن الشعب المصري لا يشعر بالاستياء من التدخل العسكري، وإنما مستاءون من " التدخل العسكري السيئ". وخاصة بعد تحطم تجربة أسطورة الديمقراطية المؤلمة، ونضج الشعب المصري والاهتمام بشكل متزايد في عملية التحول الديمقراطي، بالإضافة إلى القلق بشأن مستقبل الحكومة الجديدة. لذلك، إذا أراد الجيش المصري توطيد السلطة عليه أن يهتم أولا في الراية التي يحملها والطريق الذي يسلكه مستقبلا، بدلا من المحاكمة المتسرعة لمحمد مرسي التي قد تزيد من تفاقم المواجهة السياسية، وتعديل الدستور للسماح للفريق السيسي شغل منصب الرئاسة قانونيا، والمصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين.

وإن عدم إمكانية الجيش المصري استخدام لغة واضحة وإجراءات عملية ليثبت أن النظام الجديد يمثل مصالح الشعب، سوف يؤدي بهذا النظام حتما لنهاية ومصير نظام محمد مرسي.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/