الأخبار الأخيرة
الصفحة الرئيسية >> العالم
أخبار ساخنة

أخبار بصور

ملفات خاصة

تعليق: اعتداء أورلاندو يدق "جرس إنذار" للأمريكيين

2016:06:14.16:38    حجم الخط    اطبع

بكين 14 يونيو 2016 / شهدت الولايات المتحدة أشد حوادث إطلاق النار دموية في تاريخها الحديث، إذ قتل 49 شخصا على الأقل وأصيب 53 آخرون يوم الأحد في اعتداء وقع بملهى "بلس" الليلي للمثليين في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا، وأعلنت السلطات الأمريكية أن منفذه هو الشاب عمر متين ذو الأصول الأفغانية.

وقد أعرب الرئيس الصيني شي جين بينغ في محادثة هاتفية مع نظيره الأمريكي باراك أوباما يوم الاثنين، نيابة عن الصين حكومة وشعبا، عن خالص تعاطفه مع الرئيس أوباما والولايات المتحدة حكومة وشعبا وقدم خالص التعازي لضحايا الحادث.

يأتي هذا الحادث المأساوي ليثير سؤالا قديما يقول: ترى ماذا وراء الوقوع المتكرر لحوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة؟ هل البندقية هي ما يلقى عليه باللائمة والانتقادات؟ أم أن هذه الحوادث المتكررة تبرز مشكلات متجذرة في المجتمع الأمريكي ويلزم النظر فيها بعقلانية وموضوعية حتى يتسنى للولايات المتحدة أن تصلح من سياساتها لتسير في اتجاه صحيح؟

فكلما وقع هذا النوع من الاعتداءات في الولايات المتحدة، تتعالي الأصوات المنادية بالسيطرة على تداول السلاح في بلد ولد والبندقية في يده. صحيح أن الشراء الحر للسلاح وانتشاره في الولايات المتحدة من أسباب وقوع هذه الأحداث الدامية فيها، إلا أنه ليس السبب الجذري وراءها. فالسويد على سبيل المثال تسمح لمواطنيها بإمتلاك السلاح بصورة مشروعة، ولكنها من أكثر بلدان العالم أمنا. فالأداة لا تعد في حد ذاتها مصدر المشكلة، وإنما مستخدم الأداة والمفاهيم الراسخة في ذهنه.

فلدى مرتكب جريمة أورلاندو سمات عديدة تتنوع بين كونه مسلما ومهاجرا وأمريكيا من أصل أفغاني ينتمى للجيل الثاني ومواليا لتنظيم الدولة (داعش) ومتطرفا وكارها للمثليين...وأهمها "التطرف" الذى يكاد يكون سمة مشتركة لدى جميع مرتكبي حوادث إطلاق النار الدامية في الولايات المتحدة.

وفي الواقع، لا يرتبط التطرف بأي دولة أو طائفة أو حزب أو دين، حيث دعت منظمة التعاون الإسلامي يوم الاثنين إلى "عدم إصدار أحكام مسبقة في هذه المجزرة الدموية". فالتطرف ينمو في تربته الخاصة التي تتمثل في الوضع الخارجي والظروف الداخلية.

فلماذا الولايات المتحدة تحديدا؟

معروف للجميع أن الولايات المتحدة شنت حربا في أفغانستان عام 2001، ومنذ ذلك الحين، خاضت باستمرار معارك مع الإرهاب، ومع ذلك أخذ نفوذ الإرهاب يتسع مع اتساع قوة تنظيمى القاعدة وداعش. وفي الآونة الأخيرة وبفضل تضامن المجتمع الدولي، تسنى كبح قوة داعش إلى حد كبير وتقلصت المناطق التي يسيطر عليها، غير أن مفاهيم التطرف مازالت قائمة في أذهان المتطرفين فيما يتفشى وباء التطرف عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرهما من الوسائل الحديثة ليصيب سهمه أولئك الذين يسهل التأثير عليهم وتحويلهم إلى متطرفين جدد. وهؤلاء المتطرفون الجدد قد يعيشون في أي مكان ويترجمون تطرفهم العقلي إلى أعمال عنف. وهكذا، تحول نمط الإرهاب من هجمات مخططة جماعية إلى أعمال عنف عشوائية فردية يصعب التحكم فيها.

ومن ناحية أخرى، لم تأت الرياح بما تشتهى الولايات المتحدة، إذ أن سياساتها التدخلية لتعميم "الديمقراطية" في منطقة الشرق الأوسط جعلت المنطقة ترزح تحت وطأة أوضاع مضطربة وغير مستقرة، كما ساعدت في صعود المنظمات الإرهابية وانتشار وبائها وتمدده إلى خارج المنطقة. فلم يستفد أحد من "الديمقراطية" المفروضة سوى العم سام، وأصبح هذا النوع من التدخل مصدر كراهية شعوب المنطقة لواشنطن.

هذا هو الوضع الخارجي الذي ساهم في نمو تربة خصبة للتطرف داخل الولايات المتحدة التي عليها العمل الآن على نبذ محاولتها الرامية إلى إعادة بناء العالم بالمفاهيم والمعايير الأمريكية التى ثبت بالدليل القاطع أنها غير صالحة للدول الأخرى.

أما بالنسبة للظروف الخاصة الداخلية، فهى تشير بوضوح إلى عدم وجود اندماج حقيقي داخل المجتمع الأمريكي. فحقا أن الولايات المتحدة دولة ذات أعراق وثقافات متنوعة ومختلفة، لكن هذا التنوع لم تنبت في جذوره حالة الاندماج والتعايش المتناغم، بل تجمدت عند سطحه المختلط وبرزت معها منذ زمن طويل تناقضات بين النمو السريع لعدد المهاجرين والأقليات وهيمنة العرق الأبيض الأمريكي على الحياة السياسية والاقتصادية.

فأظهرت الإحصاءات أن أكثر من 96% من الأسر الغنية، التي تعتبر من الطبقة العليا في المجتمع الأمريكي، من الأسر البيضاء. وتفاقمت فجوة الثروة بين الأسر البيضاء والأقليات، وأخذت الفجوة تتسع مع مرور الأيام. وأدى تدهور حالة عدم المساواة في الدخل والثروة إلى دائرة مفرغة من عدم تساوى الفرص في المجتمع.

وفي الحقيقة، لم يحصل أبناء الأقليات والمهاجرون في المجتمع الأمريكي على فرص متساوية حقيقية في التعليم والتوظيف وغيرهما من القطاعات رغم كون أوباما أول رئيس أمريكي من أصول أفريقية، ومن ثم لم تتمكن هذه الطوائف من الاندماج في المجتمع واشتدت عزلتها. ودق حادث إطلاق النار "جرس إنذار" للساسة الأمريكيين لينبههم إلى أهمية تحقيق التواصل داخل المجتمع وخلق فرص متساوية بالإضافة إلى تعديل السياسات المتعلقة بالأقليات والمهاجرين.

علاوة على ذلك، زاد اعتداء أورلاندو من عوامل عدم اليقين في انتخابات الرئاسة الأمريكية. فمن المتوقع أن ترتفع شعبية المرشح الجمهوري للبيت الأبيض دونالد ترامب الذي اقترح أمس تعليق موجات الهجرة من بلدان ارتبطت في السابق باعتداءات على الولايات المتحدة أو حلفائها. غير أن ما تحتاجه الدائرة السياسية الأمريكية والمجتمع الأمريكي حقا، بعد تهدئة قلق وغضب الجماهير، هو العودة إلى المسار الصحيح لإيجاد علاج ناجع للمشكلة.

ورغم أن عين ترامب لم تقع سوى على مشكلة عدم الاندماج الحاصلة في مجتمعه، إلا أن هذا لا يعنى أن حله المطروح صحيح. وعلى الجانب الآخر، ينبغي على المرشحة الديمقراطية للبيت الأبيض هيلاري كلينتون النظر بكل شجاعة للمشكلات القائمة وكذا لإخفاق سياسات أوباما، والعمل على طرح حزمة من الحلول الفعالة ارتكازا على خبراتها الوافرة.

وخلاصة القول، فإنه على المرشح الرئاسي الأمريكي، سواء كان ترامب أو هيلاري ، عدم استغلال مشاعر جماهيره تجاه الحادث للتحريض على شيء ما لكسب شعبية، بل عليه الاستجابة لمطالب الشعب الحقيقية وحل المشكلات المجتمعية العميقة.

ولابد أن تعى الولايات المتحدة أن الصين ليست عدوا لها، وأن تعكير المياه في بحر الصين الجنوبي لن يعالج مشكلاتها المتجذرة، وأن عدوها الحقيقي كامن داخل بلادها في مفاهيمها وسياساتها القديمة، ولابد لها من النظر إلى تلك المشكلات بعقلانية وموضوعية حتى تمضى في اتجاه صحيح يجلب الخير الحقيقي للأمريكيين وشعوب العالم أجمع.

/مصدر: شينخوا/

الكلمات الرئيسية

الصينالحزب الشيوعي الصينيشي جين بينغالصين والدول العربيةصحيفة الشعب اليوميةالثقافة الصينيةكونغفوشيوسالعلاقات الدولية كونغفوالأزمة السوريةقضية فلسطينالمسلمون الصينيونالإسلام في الصين

الصور

السياحة في الصين

الموضوعات المختارة

المعلومات المفيدة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×