من الوهلة الأولي، قد لا يلحظ سوى القليل من الناس اختلاف دونكان كلارك عن غيره من رجال الأعمال الأجانب في حى الأعمال المركزي ببكين بمظهره الرشيق وبلغته الإنجليزية التي تتخلها اللغة الصينية الفصحي. ولكنه عمل في الحقيقة مستشارا لجاك ما مؤسس مجموعة (علي بابا) عندما تم تأسيس هذه المجموعة التي تعد أكبر شركة للتجارة الإلكترونية وذلك في شقة صغيرة عام 1999.
وفي هذه الآونة ، قام البريطاني دونكان كلارك بتأليف كتابا عن جاك ما وشركته يحمل عنوان "علي بابا: الدار الذي بناها جاك ما".
وجلس كلارك مرتديا قميص أعمال أزرق فاتح، مع مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) الذي أجرى معه مقابلة خاصة في مكتبه بشركته الاستشارية التي تقع مجاورة لمبني التليفزيون المركزي الصيني للتحدث عن كتابه عشية قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في مدينة هانغتشو الصينية -- وهي بالمصادفة مسقط رأس جاك ما الذي سيحضر القمة بصفته رئيسا للجنة الخاصة المعنية بتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم بمجموعة الأعمال (بي 20) لدول مجموعة العشرين.
فعما يدور هذا الكتاب؟ يقول كلارك باختصار إنه يدور حول أمرين "الإنترنت قادم إلى الصين، وصعود القطاع الخاص. وما يون شخص ذو كفاءة".
ثم هناك بالقطع حديث عن "جاك"، وهو الأسم الذي ينادي به كلاك غالبا ما يون مؤسس ورئيس مجموعة (علي بابا). وعلى أية حال، ما الفائدة من كتاب حول علي بابا دون الإشارة إلى جاك؟
وقال كلارك "حس الفكاهة لدى جاك هو أول شيء تلحظه؟" مضيفا أن جاك يقول "أشياء غريبة" منها على سبيل المثال إن شركته ستغدو أكبر من أمازون الأمريكي وأنه سوف يحكم العالم -- وجميعها رؤى كبيرة يتحدث عنها فيما يجلس في غرفة صغيرة.
وأشار كلارك إلى أن جاك استطاع أن يثبت نفسه "كقائد فريق ومتواصل عظيم". فهو يملك موهبة سرد القصص "وجعل من حوله يشعرون بالراحة... إنه يجعلك تشعر كما لو كان يتحدث إليك حتى إن كنت في غرفة تعج بثلاثة آلاف شخص". إن جاك في الواقع "إستراتيجي للغاية"، وهو رجل يقوم دوما "بالبحث، والتعلم وبناء الأفكار".
وفي الواقع يعد جاك شخصية براغماتية من الصميم. ويمكن القول إنه ولد حقا وسط الثقافة التجارية في الصين. وأوضح كلارك أنه "يفهم ما يجب أن يكون عليه التاجر الصغير، كما أنه يفهم عملائه ".
وقال كلارك إنه لم يجر مقابلات مطولة مع جاك ولكن قضى بعض الوقت مع الرجل رقم 2 بالنسبة لجاك وهو جوي تساي، مشيرا إلى أنه تحدث إلى موظفي علي بابا الحاليين والسابقين وكذا منافسيه. وقال إنه من الصعب إيجاد أصوات معارضة لأن جاك يتبع "أسلوب إدارة مختلف" عن ستيف جوبز، في إشارة إلى مؤسس شركة آبل.
وألمح كلارك إلى أن كتابه يترجم حاليا إلى 14 لغة، مشيرا إلى أن "الكثير من الناس في البرازيل وروسيا وأوكرانيا واندونيسيا وفيتنام ومنغوليا يشترون السلع من على مواقع علي بابا الإلكترونية، وهم مهتمون بالشركة وأيضا بقصته".
ورغم ذلك، فكتابه ليس عن التكنوجيا فقط "فالناس لا يحبون التكنولوجيا، إنهم يحبون الناس"، هكذا قال الكاتب، مضيفا أنه على هذا النحو، فإن قصة عن هذا القائد ذو الكاريزما لمجموعة علي بابا سيجذب مزيدا من القراء.
وذكر كلارك "أظن أن مجموعة علي بابا تعد نافذة للحصول على فهم أعمق للصين،" معربا عن أمله في أن يتمكن القراء من معرفة المزيد حول ما يجرى في الصين، ومنها سبيل المثال ما يتعلق بالإنترنت ورجال الأعمال ومقاطعة تشجيانغ.
وقال كلارك إن جاك ساعد على جعل هانغتشو، وادى السليكون في الصين، مركز تكنولوجيا كبيرا ونهض بالتجارة في تشجيانغ. "آمل أن تتمثل إحدى سمات هذا الكتاب في أن يكون من النوع الذي يفتح أعين الناس على قوة تشيجانع. وسوف تحقق مجموعة العشرين ذلك بصورة أكبر".
وعندما سئل عن الطريقة التي استفاد بها جاك من تطور الإنترنت وانفتاح الصين، قال كلارك إن جاك ولد في المكان والزمان الصحيحين، حيث فُتحت هانغتشو مبكرة أمام السياحة وتتمتع منذ فترة طويلة بتقليد التجارة.علاوة على ذلك، "استفاد جاك من أزمات معينة. وفي الواقع، إذا نظرتم للوراء، ستجدون أن أزمة ما كانت فرصة سانحة له".
وضرب كلارك مثالا على ذلك بالسارس، عندما اضطر الكثير من الناس إلى التزام منازلهم ولجأوا إلى التسوق عبر الإنترنت. وهذا هو بالتحديد الوقت الذي انطلق فيه موقع تاوباو، المملوك لعملاقة التجارة الالكترونية ، في عام 2003. كما ساعدت الأزمة المالية العالمية عام 2008 على فتح السوق الصينية بالنسبة له حيث لم تتمكن الكثير من المصانع وقتها من التصدير إلى الولايات المتحدة.
وأشار كلارك إلى أن جاك يمكنه المساعدة في تسهيل تحويل الصين من الصناعات التحويلية إلى مجتمع يحركه المستهلك، قائلا إن "جاك يقدم حلا للصين...كيف يمكن التحرك من صنع في الصين إلى استهلاك في الصين أو تصميم في الصين".
واختتم كلارك حديثه قائلا إن "مفتاح نجاح علي بابا يكمن في مرونة جاك، وهو أمر سيخدمه أيضا بصورة جيدة مستقبلا، "إنه يحاول أن يكون كل شي لجميع الناس، وينجز الأمور بشكل جيد جدا".