تعهد المجتمع الدولي في بروكسل مؤخرا بإلتزام جديد بمساعدة أفغانستان، بيد أن الحزمة المالية ربما لا تعد حلا طويل الأمد لمشاكل افغانستان الهائلة، وفقا لباحثين سياسيين وخبراء اقتصاديين.
وبدلا من المساعدة المالية فقط، أكد باحثون وخبراء هنا فعالية الحلول طويلة المدى التي تركز على الترابط وتوفر فرصا اقتصادية مستدامة لجميع الأطراف المعنية.
وذكروا مبادرة الحزام والطريق الصينية كمثال لمبادرة يمكن أن تخدم تحقيق هذه الأهداف جيدا وتربط الدول بشكل أفضل.
وفي مقابلة أجرتها معه وكالة ((شينخوا)) مؤخرا، أشار حليم الله قصري، رئيس الأبحاث بمركز دراسات السلام والنزاعات، إلى أن مبادرة الحزام والطريق هي مشروع دولي ضخم يمكن أن تستفيد منه أفغانستان.
ووفقا للقصري، فإن المبادرة مهمة للبلدين ولاسيما لأفغانستان لأنها أضعف اقتصاديا في حين أن الصين، الشريك المهم لأفغانستان، تنعم بموارد اقتصادية وافرة.
وإذا استمر تنفيذ المشروع بنجاح، ستتدفق استثمارات هائلة من دوائر الأعمال والحكومة الصينية إلى أفغانستان، وفقا للقصري، مؤكدا في الوقت نفسه أهمية المنظمات الدولية الأخرى وأصحاب المصلحة المعنيين كلاعبين رئيسيين.
وأشار إلى أن أفغانستان في السنوات الـ15 الماضية حققت إنجازات كبيرة في التنمية الاقنصادية بفضل المساعدة الدولية، لكنها لم تحل سوى المشكلات قصيرة الأمد القصير.
ومن أجل حل المشكلات الأفغانية طويلة المدى يمكن أن تخدم مبادرة الحزام والطريق كمقدمة لتعزيز الاستثمارات الأجنبية في أفغانستان.
وشاطره الرأي سيد مسعود الخبير الاقتصادي والأستاذ بجامعة كابول.
وقال إن الاستثمارات الصينية في أفغانستان تساعد في إقامة المصانع وتعزز قدرة الدولة الإنتاجية وتخلق فرص العمل ومن ثم تخفيف الفقر.
وأضاف لوكالة ((شينخوا)) في مقابلة أجرتها معه أن الصين حاليا تعد أكبر المستثمرين في أفغانستان.
وبالإضافة إلى الاستثمارات، زاد حجم التجارة الثنائية أيضا بفضل مبادرة الحزام والطريق.
واعتبر مسعود الربط الحديدي بين الصين وأفغانستان عبر دولتي آسيا الوسطي قرغيروستان وأوزباكستان بأنه وسيلة لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين الجارين والمنطقة.
وتم افتتاح خطي قطار مباشرين مؤخرا لنقل السلع بين البلدين كجزء من مبادرة الحزام والطريق.
وتظهر أحدث البيانات أن الصين تعد ثالث أكبر شريك تجاري لأفغانستان بحجم تجارة ثنائي يصل الى 1.045 مليار دولار سنويا.
ووفقا للسفارة الصينية في أفغانستان، فإن 97 بالمئة من السلع الأفغانية المصدرة إلى الصين معفاة من الرسوم.
وقال القصري " الحكومة الأفغانية تعتقد بأن الصين دولة بمقدورها أن تلعب دورا رياديا في عملية الاستقرار وكذا التنمية الاقتصادية لأفغانستان".
وأضاف " الصين لديها الوسائل والخبرة لمساعدة أفغانستان على تطوير قدراتها في المؤسسات المختلفة مثل الجيش والشرطة وعلى مختلف المستويات. لذلك نحن نقدر تحسين العلاقات مع الصين".
وقال القصري إن الصين ترى أيضا أفغانستان مهمة جدا لعدد من الأسباب.
"تحسين العلاقات الثنائية مهم للأمن القومي الصيني والبرامج الاقتصادية الخارجية، إنه مهم للاستقرار الصيني داخليا وخارجيا والأمن الاقتصادي الصيني خارجيا".
وأضاف " على سبيل المثال، اذا لم تكن أفغانستان دولة آمنة ومستقرة، اعتقد أن تنفيذ مبادرة الحزام والطريق سيكون صعبا للغاية. إذا تدهورت الأمور في أفغانستان، ستتأثر آسيا الوسطى ولا يمكن أن نتجاهل آسيا الوسطى".
وقال القصري " هناك بعض العلامات أو المؤشرات على تأثير التدهور الأمني في أفغانستان وفي آسيا الوسطى"، موضحا "على سبيل المثال، الصين وطاجيكستان تتشاركان القلق بشأن انعدام الأمن في بعض المقاطعات على الحدود. وينطبق نفس الشئ على أوزباكستان وتركمانستان".
ولا شك أن ربط وسط وجنوب آسيا يحمل أهمية استراتيجية لأفغانستان من واقع أهمية المنطقتين كمحطتين لمبادرة الحزام والطريق.
وقال القصري إن " تنمية أسواق خارج الصين يعد جزء مهما للاقتصاد الصيني. وأفغانستان سوق غير مستغلة والصين لديها القدرة لتنميتها من خلال الاستثمارات..إنها سوق ضخمة ودولة يبلغ تعدادها 30 مليون نسمة. وفي المستقبل، بحلول عام 2050، سيصل تعدادها إلى أكثر من 50 مليون نسمة".