بكين 7 مارس 2017 / إن إطلاق الصورايخ وإجراء مناورات عسكرية وتحديث الدفاع ... مواجهة "الرد بالمثل" بين بيونغيانغ وسول، أصبحت بمثابة مسرحية قديمة مقززة تعرض سنويا على مسرح شمال شرق آسيا وتعرقل جهود جميع الأطراف المعنية في شبه الجزيرة الكورية.
فإطلاق بيونغيانغ لأربعة صواريخ باليستية يوم الاثنين، والذي يعد حتى الآن رد الفعل الأكثر جوهرية على المناورات العسكرية الجارية حاليا بين سول وواشنطن وعلى تصعيد الولايات المتحدة لعمليات النشر في قواعدها باليابان، أثار مرة أخرى القلاقل في جنوب خط عرض 38.
وعلى إثرها، تمت الدعوة إلى انعقاد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، وتعهدت الولايات المتحدة واليابان باتخاذ إجراءات مضادة ضد العمل الذي قامت به بيونغيانغ.
ولكن من الضرورة بمكان أن تتذكر جميع الأطراف المعنية أن تحرك كوريا الديمقراطية ليس سوى رد فعل روتيني على المناورات المشتركة السنوية لجارتها الجنوبية مع الولايات المتحدة، والتي ترى بيونغيانغ أنها ليست سوى عمل عدائي وتهديد لأمنها القومي.
إن اشتداد حدة التنافس يعني حرفيا إيقاظ شبح الحرب. ولكن من المؤسف أن نرى رفض الجانبين في شبه الجزيرة الكورية لأخذ عواقب حساباتهما المتعصبة بمحمل الجد.
فقد راهنت كوريا الجنوبية، بطريقة متهورة، على الولايات المتحدة. ومناوراتها المشتركة التي تستمر شهرين ووصفتها كوريا الديمقراطية "بمناورات حربية نووية" وعزمها نشر منظومة الدفاع الجوي للارتفاعات العالي صارا، مرة أخرى، مظهرا من مظاهر استجابتها القائمة على المصالح الذاتية للمستنقع الجيوسياسي الأكثر تعقيدا في العالم.
ويتعين على كوريا الديمقراطية،من جانبها،مواجهة الحقيقة المتمثلة في أنها لا تستطيع التصدى لواشنطن وسول ولا تستطيع تدعيم أمنها ارتكازا على تكنولوجيتها النووية غير الناضجة.
فالتطورات الأخيرة تحرم سول، وبيونغيانغ أيضا، من جهودهما. وإن أي جهد لدفع شبه الجزيرة إلى نقطة غليان باسم الدفاع عن النفس سيخاطر بتعرض القارب الذين يتقاسمه البلدان للانقلاب ، وهو شيء يبدو أنهما فشلا في إدراكه حتى الآن.
ومازالت مشاركة الصين في وقف نشوب حرب بشبه الجزيرة الكورية وضمان نزع سلاحها النووي قائمة كما هي لم تتزعزع ، ولكن مثل هذه النوايا الحسنة لا يمكن أن تستغلها الأطراف الأخرى لابتزاز بكين في المقابل، فالأطراف التي تتجاهل جهود الوساطة التي تبذلها الصين ينبغي أن تتحمل نصيبها العادل من العواقب المحكوم عليها بأن تكون مفجعة.
أما بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فلم يفت بعد الآوان لتذكيره بمدى تعقيد قضية شبه الجزيرة الكورية. وفي النهاية، برهنت دروس من سبقوه في هذا الصدد على ضرورة التزام الهدوء وأخذ مخاوف جميع الأطراف المعنية وليس حلفائه فقط في الاعتبار .