دمشق 24 مارس 2017 / اعتبر مراقبون ومحللون سياسيون في سوريا يوم الجمعة إن المعارك العنيفة التي تشهدها عدة مناطق في دمشق وحماة (وسط سوريا) تهدف إلى تغيير موازين القوى على الأرض وفرض شروط سياسية في جولة محادثات جديدة تجري حاليا في جنيف.
وقبل أيام من استئناف جولة المحادثات السورية في جنيف، شنت العديد من الجماعات المسلحة التي تنتمي لتنظيم (جبهة النصرة) المرتبطة بتنظيم القاعدة ، يوم الأحد الماضي، هجوما واسع النطاق على مناطق تسيطر عليها الحكومة شرق العاصمة دمشق مع تنفيذ عدة تفجيرات انتحارية لفتح ثغرة في تحصينات الجيش السوري.
وسقطت خلال الهجمات، التي شنها مقاتلو المعارضة المسلحة، قذائف هاون ورصاص متفجر على مناطق بالعاصمة، لا سيما الأحياء الشرقية القريبة من المناطق التي يسيطر عليها المسلحون في الضواحي الشرقية للمدينة.
وقد سارعت القوات السورية للتصدي لتلك الهجمات التي تفاجئت بها دمشق، بينما تمكن المسلحون من التقدم والسيطرة على نقاط على خط المواجهة بين المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة والمسلحين.
واستهدف قصف جوي ومدفعي شنه الجيش السوري مواقع المسلحين في عمق الغوطة الشرقية لإحباط هجومهم، الذي يعد أكبر هجوم ضد العاصمة منذ أكثر من عامين.
وقال الجيش السوري يوم الأحد الماضي، إنه أحبط الهجوم، الذي شنه مقاتلي المعارضة المسلحة في وقت لاحق من نفس اليوم، وكذلك الهجوم الذي بدأ صباح يوم الاثنين الماضي.
والهدف من الهجوم الذي شنه المسلحون هو الوصل بين المناطق التي يسيطر عليها المسلحون في أحياء جوبر والقابون وبرزة، والتي من شأنها إحباط مخطط الجيش السوري الأخير الذي قطع الطريق بين تلك المناطق لإبقاء المسلحين أضعف، وجعل محيط العاصمة أكثر أمانا.
واستهدفت الغارات الجوية التي شنها سلاح الجو السوري يوم الجمعة مواقع المسلحين في ريف الغوطة الشرقية، ولا سيما حي جوبر، الذي يعد نقطة انطلاق رئيسية للهجمات على دمشق.
ولم يكتف مقاتلو المعارضة المسلحة بشن هجمات في شرق دمشق، وإنما شن مقاتلو (جبهة النصرة) وجماعات أخرى هجوما كبيرا قبل يومين ضد مواقع الحكومة في مدينة حماة (وسط سوريا) ، على أمل الوصول إلى المدينة من ريفها.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن إن المسلحين لا يبعدون سوى أربعة كيلومترات عن مدينة حماة، بينما قال مسؤولون حكوميون إنهم على بعد سبعة كيلومترات من المدينة.
وأضاف المرصد الذي يعتمد على شبكة من النشطاء على الأرض أن "المسلحين يحرزون تقدما ضد القوات الحكومية في حماة بعد أن حصلوا على تعزيزات".
وقال إن ريف حماة الشمالي الشرقي يشهد معارك عنيفة مع استهداف جماعات المعارضة المسلحة مواقع القوات الحكومية في عدة مناطق وسط غارات جوية تشنها القوات الجوية السورية على مواقع المسلحين في المناطق التي استولوا عليها في ريف حماة الشمالي.
وأضاف أن القوات السورية جلبت أيضا قوات احتياطية ونشرتها بالقرب من مطار حماة العسكري لمنع الجماعات المسلحة من الاقتراب.
ويعتقد مراقبون أن الهجومين على دمشق وحماة لديهما أبعاد سياسية أكثر من مجرد أهداف ميدانية وخاصة في هذا الوقت الذي تجرى فيه محادثات جنيف.
وقال المحلل السياسي أحمد الأشقر في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) بدمشق إن "المسلحين، الذين يقاتلون على هذه الجبهات، تدعمهم تركيا التي تهدف الى تفعيل حلفائها على الأرض في هذا الوقت بالذات من أجل الحصول على دور سياسي للمسلحين الذي تدعمهم في مستقبل سوريا".
وجاءت هذه الخطوة بعد أن أصبحت الولايات المتحدة تدعم بشكل واضح قوات سوريا الديمقراطية التي تضم في صفوفها أكراد وعرب ليكون لها دور رئيسي في تحرير مناطق إستراتيجية من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (داعش) .
وقد نشرت الولايات المتحدة مؤخرا قوات برية جديدة لمساعدة الجماعات الكردية في مسعاها للهجوم على مدينة الرقة شمال سوريا، المعقل الرئيسي لتنظيم (داعش).
وقال محللون إن تلك الهجمات جاءت أيضا متزامنة مع التقدم الأخير للجيش السوري في عدة مناطق، إذ أن هذه الهجمات تهدف إلى إبقاء القوات السورية منشغلة بالدفاع في حماة ودمشق بدلا من التقدم في مناطق أخرى.
وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان لها يوم الخميس إن الهدف الحقيقي للهجمات في حماة ودمشق هو التأثير على محادثات جنيف وإحباط محادثات أستانة والنتائج التي تم التوصل إليها.
ومن المقرر أن يجتمع وفد الحكومة السورية في جنيف مع مبعوث الأمم المتحدة ووسيطها ستيفان دي ميستورا في وقت لاحق اليوم في بداية جولة جديدة من محادثات جنيف التي فشلت حتى الآن في تحقيق أي تقدم نحو التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.
وقال بشار الجعفري، رئيس الوفد السوري لمحادثات جنيف في تصريحات صحفية يوم الجمعة، إنه تم التركيز على ملف مكافحة الإرهاب في جلسة محادثات مع دي ميستورا، متهماً أطرافاً شاركت في مشاورات أستانة بالمشاركة في الهجوم الأخير شرق دمشق وحماة.
ولفت الجعفري إلى أن الجولة الخامسة من المفاوضات السورية في جنيف، بدأت على "وقع تصعيد من قبل إرهابيي تنظيم (جبهة النصرة) والمجموعات المنضوية ضمنه، وهي ليست المرة الأولى التي يتزامن فيها تصعيد الإرهابيين مع أي مبادرة سياسية سواء في جنيف أو أستانة".