الموصل، العراق 25 مايو 2017 / تسارع القوات العراقية الخطى لللإيفاء بوعد رئيس أركان الجيش العراقي باستعادة جميع أحياء الجانب الغربي في الموصل قبل حلول شهر رمضان المبارك، وأنهت كافة استعداداتها للهجوم على حيي الشفاء والزنجيلي والمدينة القديمة وسط الموصل وهو ما تنبقى من الموصل.
وقال العقيد عمار جدوع حسين معاون قائد اللواء الثالث في قوات الرد السريع لوكالة انباء ((شينخوا)) من أحد المواقع القريبة من حي الزنجيلي إنه "أنهينا كل الواجبات المكلفين بها وحققنا انتصارات كبيرة على التنظيم الإرهابي ووجهنا له ضربات قاصمة، وتسيطر القوات العراقية حاليا على مدينة الموصل بأكملها ما عدى حيي الشفاء والزنجيلي والمدينة القديمة ، وهذه المناطق الثلاث محاصرة من كل الجهات".
وأضاف العقيد "أننا جاهزون لتنفيذ أي واجب نكلف به لاقتحام أي من المناطق الثلاث الباقية، جنودنا معنوياتهم عالية ، ولديهم خبرات كبيرة في حرب الشوارع، وهذه الخبرات زادت في المعارك التي خضناها في الرمادي والموصل".
وفي رده على سؤال حول إمكانية استعادة المناطق الثلاث قبل حلول شهر رمضان أجاب العقيد أن "العزيمة والقدرة متوفرة لدينا وأنهينا كل الاستعدادات، ونحن بانتظار الأوامر من قيادة العمليات المشتركة لتنفيذها على أحسن وجه".
من جانبه قال الملازم اول ثائر اديب القيسي أمر السرية الثانية في الفوج الثاني بقوات الرد السريع "بعد تحرير حي 17 تموز، أحد أهم معاقل التنظيم الإرهابي بالجانب الغربي للموصل، فان عملية استعادة حيي الزنجيلي والشفاء، والمدينة القديمة باتت وشيكة جدا، لأن العدو فقد الكثير من مقاتليه فضلا عن معامل تصنيع العبوات والسيارات المفخخة ومخازن الأسلحة وقواعده اللوجستية في حي 17 تموز".
وتابع القيسيأ أنه "وجدنا اسلحة كثيرة ومعدات ومصانع للأسلحة والكثير من موارد التنظيم الإرهابي في حي 17 تموز"، مضيفا أنه " لقد وجهنا ضربة قاصمة للعدو بتحرير حي 17 تموز، لأن العدو حول أغلب البيوت في هذا الحي الى مصانع ومخازن للأسلحة والمتفجرات والعبوات الناسفة، وبسيطرتنا على هذا الحي فإن التنظيم المتطرف فقد أهم مصادر تزويده بالأسلحة ومعدات المعركة".
ومضى يقول إنه "حتى المضافات (مكان لاستراحة وتجمع الإرهابيين) في هذا الحي تختلف عن بقية المضافات في الأحياء والمناطق الأخرى فالمضافة يوجد فيها معمل لتصنيع الأسلحة والمتفجرات، وقبو لتخزين المواد الغذائية وأماكن لتصنيع الصواريخ الموجهة" مبينا أن ما لفت انتباه في هذا الحي كثرة المضافات وكثرة الاسلحة الموجودة فيها.
يذكر أن التنظيم الإرهابي أطلق على حي 17 تموز في بداية احتلاله للموصل عام 2014 اسم (حي الفتح)، لأنه انطلق منه لاحتلال بقية الاحياء، وبعد خسارته لأغلب أحياء الجانب الغربي أطلق عليه اسم حي (الثبات)، أي أنه أصدر أوامره لعناصره بالثبات والاستماتة وعدم خسارة هذا الحي مهما كلفت الأمور، لكن القوات العراقية استطاعت من استعادته بعد معارك شرسة وقوية وكبدته خسائر كبيرة بالأرواح والمعدات.
من جانبه قال العميد الركن عبدالله الجبوري الضابط السابق في الجيش العراقي "ان استعادة ما تبقى من الموصل أصبح قريبا جدا، لأن التنظيم فقد الأحياء المهمة التي كانت قواعد له وتمده بالمقاتلين والأسلحة وخاصة السيارات المفخخة ومنها حي 17 تموز وحي الإصلاح الزراعي".
وأضاف الجبوري أنه "على القوات العراقية أن تشن هجوما في آن واحد على المناطق الثلاث الباقية ومن عدة محاور لتشتيت العدو واستثمار انهيار معنويات عناصره" مؤكدا على وجوب استخدام الطيران المكثف لمراقبة ومعالجة القناصين والسيارات المفخخة بالتزامن مع شن الهجوم على المناطق الثلاث.
وأعرب الجبوري عن اعتقاده بان معركة استعادة المناطق الثلاث يمكن أن تنتهي خلال يومين اذا ما نفذت القوات العراقية هجماتها بتنسيق عال ونفذت من قبل قوات النخبة المدربة على حرب الشوارع وخاصة جهاز مكافحة الإرهاب الذي استعاد أغلب أحياء الجانبين الشرقي والغربي بالموصل ومشاركته في أي معركة يرهب التنظيم المتطرف.
على صعيد متصل قال الخبير في شؤون الإرهاب هاشم الهاشمي في بيان يوم الخميس إنه "على القوات العراقية تجزئة المدينة القديمة الى مناطق بحسب تسمية الأبواب التي هي خمسة أبواب جنوبا "السراي، الطوب، لكش، الجديد، البيض" وفي الشمال بابين "سنجار، والمسجد"، وبالتالي التعامل مع التنظيم الإرهابي بتكتيك الجيوب المعزولة والفلول المطاردة لتصفيتها الواحدة تلو الأخرى، بقوات قنص وفصائل راجلة، وقوات نخبوية خاصة لديها خبرة وتكيف مع أساليب تنظيم داعش داخل الشوارع والأزقة المغلقة".
وتابع الهاشمي أن "المعركة المقبلة هي المعركة الحاسمة بهجوم مشترك من الشرطة الأتحادية والرد السريع وقوات جهاز مكافحة الإرهاب، وبإسناد القوة الجوية وطيران الجيش العراقي وبدعم التحالف الدولي الجوي، هذه هي معركة القضاء على نخبة جيش الخلافة المزعومة".
وأعرب الهاشمي عن اعتقاده بأن أهالي المدينة القديمة الذين يحتجزهم التنظيم الإرهابي سيساعدون القوات العراقية في كشف أساليب التنظيم الإرهابي في التخفي مع المدنيين وكشف أسمائهم وتقديم إحداثيات عن تواجدهم وحتى حركاتهم داخل المدينة نتيجة للمعاملة السيئة لهم من قبل التنظيم المتطرف.
يذكر أن المدينة القديمة بالموصل تكتسب رمزية خاصة لدى القوات العراقية لوجود جامع النوري فيها، وهو المكان الذي أعلن منه المدعو أبو بكر البغدادي ما يسمى بدولة الخلافة بعد احتلال الموصل وعدة محافظات عراقية في يونيو عام 2014، فضلا عن أهميتها الخاصة لدى أهالي الموصل لوجود أعرق وأقدم الأسواق والمباني الأثرية فيها.
إلى ذلك خاطب الفريق الركن عبدالامير يارالله قائد عمليات قادمون يا نينوى الخميس أهالي مناطق المدينة القديمة والزنجيلي والشفاء قائلا إنه "أكملت قواتكم المسلحة تدمير العدو الداعشي في عموم مناطق الساحل الأيمن (الغربي)، وما تبقى شراذم تحاول العبث بأرواح المدنيين في مناطقكم واستخدامكم دروعا بشرية".
وأضاف أن " الحكومة العراقية والقائد العام حريصون عليكم ومسؤولون عن سلامتكم ومصرين على إكمال التحرير، ولتحقيق هذه الغايات الوطنية النبيلة وتجنيبكم أية خسائر يريدها العدو حجة لاضطهادكم، ولفسح المجال لقواتكم المسلحة لإكمال مهامها في التحرير سريعا، نطلب منكم جميعا الخروج والتوجه على الفور إلى الممرات الآمنة التي سنحددها لكم ميدانيا، وستجدون بانتظاركم أدلاء وحمايات وعجلات توصلكم إلى الأماكن الآمنة".
ويرى المراقبون أن دعوة أرفع قائد عسكري عراقي في الموصل لأهالي المناطق التي لاتزال تحت سيطرة التنظيم المتطرف بالخروج من مناطقهم عبر الممرات الآمنة هي إشارة بقرب اقتحام هذه المناطق لاستعادتها خلال فترة وجيزة.
وقال المحلل السياسي صباح الشيخ إنه "من خلال هذه الدعوة أعتقد أن القرار باقتحام المدينة القديمة وحيي الزنجيلي والشفاء اتخذ وترك وقت تنفيذه للقيادات الميدانية، وأتوقع أن يبدأ الهجوم خلال الساعات الـ (48 ساعة) المقبلة"، لافتا إلى أن رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية قال يوم الأربعاء خلال لقائه مع مجموعة من الفنانيين العراقيين إننا "على أبواب تسجيل النصر النهائي، مبينا أن هذا مؤشر واضح على قرب اقتحام الأحياء المتبقية.
وأكد الشيخ أن القوات العراقية قادرة على استعادة هذه المناطق في وقت قصير لأن أعداد الإرهابيين المتبقين لا يتجاوز 400 ارهابي فضلا عن الكراهية التي يكنها لهم أهالي تلك المناطق لأنهم تسببوا بقتل الكثير منهم وتدمير منازلهم وممتلكاتهم.
وفي تطور آخر ومؤشر على قرب اقتحام المدينة القديمة قال الفريق رائد شاكر جودت قائد الشرطة الاتحادية في بيان قصير إنه "نفذت قوات من الشرطة الاتحادية واجبات قتالية محددة على أهداف للدواعش في باب الطوب داخل المدينة القديمة وسيطرت على مباني حيوية مكنت قواتنا من فرض قدرتها النارية على المنطقة المحيطة بمنارة الحدباء في جامع النوري".
وبدأت القوات العراقية في 19 فبراير الماضي عملية استعادة الجانب الغربي للموصل من عدة محاور، واستكملتها في الرابع من مايو الجاري بعملية أخرى لاستعادة الجزء الشمالي من الجانب الغربي، أسفرت لحد الآن عن استعادة جميع الأحياء ما عدا حيي الشفاء والزنجيلي والمدينة القديمة.
وكان رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الأول الركن عثمان الغانمي أعلن مطلع الشهر الجاري أن القوات العراقية ستستعيد الجانب الغربي من الموصل بالكامل قبل حلول شهر رمضان المبارك الذي يصادف يوم 27 من هذا الشهر.