تعليق: الثقة بين بكين وسول بالغة الأهمية للسلام في شبه الجزيرة الكورية

تأتي أول زيارة دولة يقوم بها رئيس كوريا الجنوبية مون جاي- إن إلى الصين وتبدأ اعتبارا من اليوم (الأربعاء) في وقت بدأ فيه تحسن تدريجي يدب في العلاقات بين البلدين، التي اعتراها جمود في وقت من الأوقات جراء نشر سول لمنظومة مضادة للصواريخ مثيرة للجدل. وجاء هذا التحسن بفضل التفاعلات المكثفة رفيعة المستوى بين الجانبين في الأسابيع الأخيرة.

وتتيح هذه الزيارة فرصة جيدة للجانبين لإصلاح الثقة المتبادلة المتضررة والتي تعد بالغة الأهمية ليس لإعادة تنشيط العلاقات الثنائية فحسب، وإنما أيضا لإحلال السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية.

فقد حاججت سول قائلة إنها تنشر منظومة الدفاع للارتفاعات العالية(ثاد) لحماية نفسها من هجمات صاروخية قد تشنها جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، بيد أن هناك الآن توافقا عالميا بأن هذه المنظومة المدعومة من الولايات المتحدة يمكنها بالكاد أن تضمن سلامة كوريا الجنوبية حيث ستختار بيونغيانغ على الأرجح استخدام صواريخ ذات ارتفاع منخفض لإصابة أهداف ليست على مسافة بعيدة جدا، لأسباب تتعلق بالدقة والتكلفة.

ولكن ثمة شيء واحد مؤكد يكمن في أن منظومة ثاد التي تنشرها كوريا الجنوبية، والقادرة على التجسس على مناطق شاسعة من أراضي الصين وروسيا، تشكل في الواقع تهديدا محتملا للسلام الإقليمي.

ومازالت الصين ثابتة على موقفها المتمثل في معارضة نشر منظومة ثاد، ولكنها تقدر تأكيد كوريا الجنوبية بعدم الإضافة إلى المنظومة القائمة أو المشاركة في نظام الدفاع الصاروخي الذي تقوده الولايات المتحدة أو تطوير تحالف عسكري مع اليابان والولايات المتحدة.

ورغم التعامل بشكل جزئي مع المناخ الضار الناجم عن منظومة ثاد، إلا أن مستقبل العلاقات الثنائية مازال مرتبطا بالتزام سول بوعودها فيما يتعلق بهذه المسألة.

وتعتبر الصين وكوريا الجنوبية أيضا طرفين أساسيين في القضية النووية بشبه الجزيرة الكورية، حيث تتفوق مصالحهما المشتركة بكثير على خلافاتهما.

وكما صرح وزير الخارجية الصيني وانغ يي في وقت سابق بأنه يتعين على الأطراف المعنية التفكير بجدية في مقترح الصين المتمثل في "التعليق المزدوج" وأن تكون على استعداد لاتخاذ الخطوة الأولى لإبعاد شبه الجزيرة الكورية عن المواجهة، من أجل إرساء أساس لاستئناف المحادثات.

وتدعو مبادرة التعليق مقابل التعليق كوريا الديمقراطية إلى تعليق أنشطتها النووية والصاروخية،والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إلى تعليق مناوراتهما واسعة النطاق.

فالوضع متزايد التقلب في شبه الجزيرة الكورية يمكن أن يقود إلى سيناريو كارثي لا تريد بكين ولا سول رؤيته. وهذا هو السبب الأكثر إلحاحا وراء ضرورة قيامهما بتعزيز التواصل والتعاون على أساس احترام المصالح الجوهرية والمخاوف الكبيرة للآخر، وتعويض الوقت الذي لم يتسن خلاله تطوير العلاقات الثنائية في العام الماضي.

 ok