بقم/ لي شين فانغ، خبير الشؤون الافريقية ونائب مدير معهد دراسات غرب اسيا وافريقيا التابع لأكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية
يعتبر هذا العام مهما للغاية بالنسبة لتنمية العلاقات الصينية الافريقية الشاملة بعد التقدم والاستمرارية التي شهدتها خلال السنوات الاخيرة. وقد تبادل الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما رسائل التهنئة في يناير العام الجديد، وبمناسبة الذكرى العشرين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. كما أصدر رئيسا الدولتين ثلاث رسائل هامة: ـ
الأولى، العلاقات الدبلوماسية بين البلدين شهدت تطورا بشكل شامل وعميق منذ اقامتها. وأن توطيد وتعميق التعاون الشامل بين الصين وجنوب افريقيا يتفق مع المصالح الأساسية للبلدين وشعبهما. الثانية، موافقة الصين على رفع مستوى الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني ـ الافريقي الذي يعقد هذا العام في الصين الى قمة منتدى وفقا لاقتراح الرئيس زوما والرغبة العالم للبدان الافريقية. الثالثة، التزام الصين وجنوب افريقيا بصفتهما رئيسي منتدى التعاون الصيني الافريقي بتعزيز الشراكة الصينية الافريقية ونتائج قمة جوهانسبرغ لعام 2015. وتبرز رسائل التهنئة من رئيسي البلدين أن الربيع الجديد للتعاون الصيني الافريقي المربح للجانبين قد حلّ.
يقوم وزير الخارجية الصيني وانغ يي بزيارة إلى إفريقيا في أول جولة خارجية له في العام الجديد، تشمل أنغولا والغابون وساو تومي وبرنسيب ورواندا تستمر من 12 – 16 يناير، ويعتبر اختيار افريقيا كأول محطة لزيارات وزراء الخارجية الصينية في العام الجديد تقليدا دبلوماسيا صينيا قائما منذ 28 عاما حتى الآن. كما لا تبين الزيارة هذه ما توليه الصين من اهتمام كبير بتنمية العلاقات الودية بين الصين وافريقيا وتعزيز الوحدة والتعاون بين الجانبين فحسب، وإنما تظهر أيضا أن الصين تتعامل مع الدول على قدم المساواة دون تمييز في علاقاتها مع الدول وبصرف النظر عن حجم الفقر في افريقيا وسواء كانت الدول ساحلية او غير ساحلية او حتى الدول الجزرية. حيث تعتبر الدول التي تشملها زيارة وانغ يي الى افريقيا والمتمثلة في أنغولا والغابون وساو تومي وبرنسيب ورواندا فقيرة نسبيا في الموارد، وصغيرة المساحة، ودول ساحلية وغير ساحلية وجزرية وذات نفوذ دولية ضعيف.
تستضيف الاكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية يوم 18 يناير الجاري في بكين ندوة دولية في موضوع: " دخول التنمية الصينية العصر الجديد وفرص جديدة للتعاون بين الصين وافريقيا." وقد ضخ دخول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية حقة جديدة حيوية جديدة في العلاقات بين الصين وأفريقيا، وخلق فرصا جديدة للتعاون المربح بين الصين وافريقيا. وأن كيفية الاستفادة من الحيوة الجديدة واغتنام الفرص الجديدة يدعوا للمشاركة النشطة لمراكز البحث الصينية والافريقية والدعم الفكري من الأكاديميين لكلا الجانبين. وتعقد هذه الندوة في ظل هذه الخلفية التي يمكن وصفها بأنها الوقت المناسبة.
ومن خلال التبادل مع نظرائي الافارقة في السنوات الأخيرة، لم يتوقفوا عن الثناء على ما حققته الصين من نجاحات في مجال البنية التحتية والتخفيف من وطأة الفقر وتحضر المدن، واعتقدوا أن هذه التجارب الناجحة ذات أهمية خاصة بالنسبة لأفريقيا. وعلى سبيل المثال، في مجال بناء المنية التحتية، تفتقر القارة الافريقية الى شبكة بنية تحتية عابرة للحدود متماسكة، نتيجة الحكم الاستعماري وعدم وجود خطة موحدة وتنسيق بين المستعمرين، ما جعل تكاليف النقل والامداد للنقل بين البلدان الافريقية مكلفة للغاية. وفي الوقت الراهن، تصل تكلفة شحن بحري حاوية 20 طن من اليابان الى ميناء مومباسا في كينيا 1200 دولار أمريكي، في حين تكلفة شحن نفس الحاوية من مومباسا الى العاصمة الأوغندية كمبالا 2500 دولار أمريكي، وتكلفة شحنها الى العاصمة الكيجانية الرواندية يكلف 4500 دولار أمريكي. لقد دخل خط سكة حديدة مومباسا - نيروبي الذي يتم بناءه تحت مساعدة الصين قيد العمل، وسيمتد هذه الخط في المستقبل الى اوغندا، ورواندا وبلدان أخرى، كما سيقلل كثيرا من تكاليف الخدمات اللوجستية عبر الحدود والنقل، وسيواصل تعزيز الترابط والتكامل في منطقة شرق أفريقيا.
وفي أغسطس من هذا العام، سيجتمع قادة بريكس في جوهانسبرغ. وتعتبر جنوب افريقيا قاطرة التنمية الاقتصادية في أفريقيا. وتهدف مشاركتها بالنيابة عن البلدان الأفريقية في منطقة البريكس إلى تعزيز التنمية الاقتصادية في القارة الأفريقية. وأن تجمع قادة بريكس هذه المرة في جنوب افريقيا من شأنه أن سيعزز التعاون التجاري بين افريقيا ودول بريكس، ومن البديهي أن يسرع ذلك تنمية القارة الافريقية.
وفي هذا العام، ستعقد في الصين قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي، التي تعتبر احتفالا تاريخيا لتعزيز التعاون الصيني الافريقي الموحد، ومن المؤكد أن يتم اثناء استعراض نتائج قمة جوهانسبرج للمنتدى التعاون الصيني الإفريقي ادخال تدابير جديدة ستعزز بفعالية التلاحم بين مبادرة " الحزام والطريق" وجدول " أعمال 2063" في أفريقيا، وتواصل في تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وافريقيا.
دخلت الاشتراكية ذات الخصائص الصينية حقبة جديدة بعد جهود امتدت لعقود طويلة، ما ينبغي أن يمتاز هذا العصر بجو جديد ومكانة جديدة. وعليه، دعونا نعتنق الربيع الجديد للتعاون الصيني الافريقي المربح للجانبين بحماس كامل، ونتزود بالقوة لمواصلة تعزيز التنمية الشاملة والعميقة للعلاقات الصينية الافريقية ولا نخيب آمال هذا العصر العظيم والربيع الرائع.