بكين 2 أبريل 2018 /حثت الصين اليوم (الإثنين) الولايات المتحدة مرة أخرى على إلغاء اجراءاتها الحمائية ،وسط تصاعد الاحتكاكات بين أكبر اقتصادين فى العالم .
وقالت وزارة التجارة الصينية فى بيان إلكترونى إن الإجراءات تنتهك فقرة الاستثناءات الأمنية بقواعد منظمة التجارة العالمية وتتعارض مع مبدأ عدم التمييز فى التجارة متعددة الأطراف .
وبالرغم من التحذيرات القوية من جماعات الأعمال وخبراء التجارة، فقد وقع الرئيس دونالد ترامب الشهر الماضى على مذكرة سوف تفرض تعريفات تجارية على واردات تصل قيمتها إلى أكثر من 60 مليار دولار من الصين وقيودا على الاستثمارات الصينية فى الولايات المتحدة .
وجاء هذا الإجراء فى أعقاب اتخاذ الإدارة الامريكية منحى متشددا تجاه الصين ،حيث اتهمت عجزها التجاري مع كبار الشركاء التجاريين بالتسبب فى متاعبها الاقتصادية المحلية وخسارة الوظائف . وقررت فرض تعريفة بقيمة 25 فى المائة على واردات الصلب و 10 فى المائة على الألومنيوم مع اعتبار الصين الهدف الأكبر .
وقالت وزارة التجارة "إن مصالح الصين قد أضررت بشدة " .
ومن أجل إحداث توازن بين الخسائر التى تسبب فيها الإجراء الأمريكي ،اقترحت الوزارة إجراءات مضادة على منتجات أمريكية تبلغ قيمتها ما يقرب من 3 مليارات دولار أمريكى يوم 23 مارس .
وارتكازا على تأييد محلى وضعت هذه السياسة موضع التنفيذ . وأعلنت وزارة المالية اليوم عن تعريفة تبلغ قيمتها 15 فى المائة على 120 مادة من الولايات المتحدة بما فيها الفاكهة وتعريفة تبلغ قيمتها 25 فى المائة على ثمانى مواد تتضمن لحوم الخنزير .
وقال محللون إن الصين أعدت إجراءات لتعزيز الواردات وتوسيع الدخول في السوق من أجل تهدئة التوتر مع الولايات المتحدة ولكن دون جدوى .
وقد أخفق الجانبان فى الوصول إلى توافق حيث ان الولايات المتحدة رفضت الإجابة على طلبات الصين عن طريق منظمة التجارة العالمية للتشاور ،وفقا لما ذكرت وزارة التجارة."وإن الصين كعضو فى منظمة التجارة العالمية لديها الحق فى عدم الوفاء ببعض الالتزامات السابقة للولايات المتحدة " .
معركة خاطئة
يعتبر العجز التجارى للسلع الأمريكية مع الصين السبب الرئيسي لموقف الرئيس ترامب، ولكن الرقم متضخم ولايظهر الصورة الكاملة للعلاقات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة .
وقال ستيفن روتش وهو زميل كبير فى معهد جاكسون للشئون العالمية بجامعة يال فى اجتماع لمركز فكري فى بكين ،إن ترامب يبالغ في العجز .
كما ذكر روتش أن جزءا ضخما من العجز يأتى من التأثير المتعاقب للعرض وهو ما يعني أن المكونات تجمع فقط فى الصين ولكن تنتج فى المنشأ في مكان آخر وقدر أن الرقم يمكن أن يخفض بشدة إذا تم تعديله وفقا لذلك .
وقال روتش " إن السياسيين ليس لديهم صبر على الإحصاءات ويجدون أن من الأيسر توجيه الاتهام للصين " .
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لديها فائض ضخم في تجارة الخدمات مع الصين وأن الفجوة تتسع .
كما أن عجز تجارة الخدمات للصين بلغ فى مجمله 255 مليار دولار أمريكى العام الماضى ،وتسهم الولايات المتحدة في ذلك الإسهام الأكبر . ومن 2006 إلى 2016 زاد العجز مع الولايات المتحدة أكثر من 30 مرة .
ونظرا لذلك ،فإن قرار زيادة التعريفات غير مناسب وخطير، ومن المحتمل ان يتسبب فى خسائر للدولة وشركائها التجاريين .
وقال روتش " إننى قلق للغاية من احتمال تصاعد النزاع التجارى بين الولايات المتحدة والصين ". وأضاف " من المحتمل أن ترامب يخادع ... ولكننا لا يمكن ان نتحمل تجاهل المخاطر . فحصة المغامرة عالية للغاية للجميع " .
التعاون :التعاون فحسب
بالرغم من الاحتكاكات فإن الصين لا تزال مهتمة بالتعاون الاقتصادى من أجل المنفعة المشتركة.
وقالت وزارة التجارة " ان التعاون هو الخيار الصالح الوحيد بالنسبة للصين والولايات المتحدة "،داعية إلى إجراء حوار ومشاورات من أجل تجنب وقوع المزيد من الضرر للصورة الأوسع للتعاون بين الصين والولايات المتحدة .
ولعدة عقود ،توسعت العلاقات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة باطراد وحققت منافع هائلة لشعبى كلا البلدين .
وقال لونغ قوه تشيانغ ،نائب مدير مركز بحوث التنمية فى مجلس الدولة ،إن الاحتكاكات التجارية قد لا يمكن تجنبها ولكن ما يهم هو تضييق شقة الخلافات عن طريق المحادثات العقلانية واستكشاف جبهات جديدة للتعاون .
و"يعتقد اقتصاديون أن خطة التعريفات سوف تؤثر عكسيا على أى حال.
ووفقا لما قال جستين ييفو لين ،عميد معهد الاقتصاد الهيكلى الجديد بجامعة بكين فإن " المستهلكين الأمريكيين سوف يتحملون تكلفة التعريفات التى فرضتها إدارة ترامب " .
وقال لين إنه فى الوقت الذى لن يتغير فيه الطلب الاستهلاكي الأمريكي لمجرد رفع تكلفة المنتجات المستوردة ،فإن الولايات المتحدة إما ستواصل الاستيراد من الصين أو سوف تستورد من فيتنام والهند ودول أخرى حيث تعد الأسعار أعلى بالفعل . وستكون النتيجة هى نفسها : أن المستهلكين الامريكيين سوف يدفعون أكثر مقابل نفس المنتجات.