تقرير إخباري: تركيا والولايات المتحدة تسعيان لحل الخلافات في سوريا وسط توتر في العلاقات الثنائية

أنقرة 28 إبريل 2018 / قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن تركيا والولايات المتحدة اتفقتا على اتخاذ خطوات في منطقة منبج السورية تماشيا مع خارطة طريق سبق الاتفاق عليها بين البلدين.

وأفاد جاويش أوغلو بعد اجتماع مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في بروكسل يوم الجمعة "لقد أكدنا الموافقة على خارطة طريق كانت قد توصلت مجموعة العمل المشتركة الخاصة بنا إلى اتفاق مبدئي حولها".

وتابع "سننفذ نموذج منبج في مناطق أخرى من سوريا وخاصة شرق نهر الفرات، وبالتالي سنقوم باتخاذ خطوة مع الولايات المتحدة بشأن قضية تثير التوتر في علاقاتنا الثنائية".

وأضاف الوزير "إذا تم تنفيذ خارطة الطريق، فسوف يتم سحب وحدات حماية الشعب الكردية السورية من منبج، وإلا فإننا سنضطر إلى التدخل ضد الإرهابيين مثلما فعلنا في عفرين".

ولفت جاويش أوغلو إلى أن "مرحلة الموافقة على خارطة الطريق لم تستكمل بعد" وسوف يكون هناك جدول زمني لتنفيذها.

والتقى الوزيران على هامش اجتماع لحلف شمال الأطلسي (الناتو) وذلك بعدما تمت المصادقة على تعيين بومبيو لمنصب وزير الخارجية في الكونغرس. وكانت أنقرة تنتظر هذا الاجتماع منذ إقالة وزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيلرسون من قبل الرئيس دونالد ترامب.

في مارس، اجتمع تيلرسون مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في محاولة لإصلاح العلاقات مع الدولة الحليفة في "الناتو" في أعقاب أشهر من الخلافات التي يرجع معظمها لدعم الولايات المتحدة للأكراد السوريين.

وكان تيلرسون قد اتفق مع نظيره التركي على تشكيل مجموعات عمل تركز على فرز المناطق الإشكالية في العلاقات الثنائية، وفي مقدمتها قضية بلدة منبج السورية المتنازع عليها، حيث تهدد تركيا بشن عملية عسكرية من أجل طرد مقاتلي وحدات حماية الشعب خارجها.

وقد عُقد الاجتماع الأول لمجموعة العمل في واشنطن يومي 8 و9 مارس الماضي، وورد أن مسؤولين من الدولتين الحليفتين في "الناتو" قد اتفقوا على وضع اللمسات الأخيرة على خطة حول أمن وحكم منبج.

وكان من المقرر أن يتم الانتهاء من خارطة الطريق للخطة من قبل تيلرسون وجاويش أوغلو، بيد أن إقالة وزير الخارجية الأمريكي السابق قد أخرت العملية.

في الوقت الحالي، تتمركز قوات أمريكية إلى جانب مقاتلي وحدات حماية الشعب في منبج بعد هجوم ضد تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (داعش)، وهو تحرك أغضب أنقرة، التي ترى في المجموعة الكردية فرعا سوريا لحزب العمال الكردستاني.

وقال جاويش أوغلو في بروكسل "إذا تم تنفيذ خارطة الطريق هذه، فسوف يتم سحب وحدات حماية الشعب من منبج وسيتم تنفيذ عملية شفافة من أجل أمن وحكم المدينة".

وأشار الوزير التركي إلى أن بومبيو "مصمم بشدة" على حل القضايا المتعلقة بسوريا، مضيفا "طلب مني زيارة واشنطن في أقرب وقت ممكن حتى نتمكن من حلها بسرعة".

وقال حسن أونال، وهو أستاذ بقسم العلاقات الدولية بجامعة أتيليم، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه من المحتمل أن تحاول الولايات المتحدة كسب الوقت ومنع الجيش التركي من شن هجوم عسكري آخر في منبج.

وأضاف "أعتقد أن الولايات المتحدة تريد إبطاء تقدم الجيش التركي في سوريا بعد هجومه في عفرين ضد وحدات حماية الشعب".

ومعيدا إلى الأذهان أن الحكومة التركية دعت إلى انتخابات مبكرة، أشار إلى أن أنقرة تريد أيضا كسب الوقت نظرا لأنها ستواجه صعوبة في شن عملية جديدة في منبج.

وفي نفس اليوم الذي عُقد فيه اجتماع وزيري الخارجية، أجرى رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال جوزيف دونفورد ونظيره التركي خلوصي آكار محادثة هاتفية ناقشا فيها "قضايا الأمن الإقليمي وتبادلا وجهات النظر حول التعاون في القضايا"، وفقا لما ذكره بيان صادر عن الجيش التركي.

كما كان شراء تركيا لأنظمة الدفاع الجوي الروسية "إس 400" المضادة للصواريخ الباليستية أيضا جزءا من المحادثات بين جاويش أوغلو وبومبيو.

وقال الوزير التركي إن العقوبات الأمريكية قد تم تبنيها بعد أن أنهت تركيا وروسيا عملية شراء أنظمة إس 400، لكن تركيا مستعدة لمناقشة الشراء المستقبلي لأنظمة مضادة للصواريخ الباليستية من الولايات المتحدة أو الحلفاء الآخرين إذا قدمت اقتراحا جيدا.

وبينما تتحرك أنقرة وواشنطن قدما في حل نزاع منبج، فإن هناك عوائق أخرى في العلاقات الثنائية كقضية القس الأمريكي أندرو برونسون، المحتجز في تركيا بتهمة "الإرهاب"، لديها القدرة على تأجيج التوترات الثنائية، حيث يهدد بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي أنقرة بمنع تسليمها مقاتلات أمريكية من طراز أف 35.

إذ أنه في الوقت الذي تحاول فيه أنقرة حل القضايا الإشكالية المعلقة مع وزارة الخارجية، قدم ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ في الكونغرس الأمريكي مشروع قانون لمنع نقل مقاتلات أف 35 إلى تركيا، التي زعموا أنها تعرض أمن حلفاء "الناتو" للخطر من خلال شراء أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية إس 400.

وفي الأسبوع الماضي، أرسل 66 من أعضاء مجلس الشيوخ في الكونغرس الأمريكي رسالة إلى الرئيس التركي أردوغان وصفوا فيها الإدعاءات الموجهة ضد برونسون بأنها "مجموعة سخيفة من اتهامات مجهولة المصدر" وألمحوا إلى أن هناك تدابير أخرى جارية لضمان احترام تركيا لحقوق مواطني وموظفي الولايات المتحدة الموجودين في تركيا دون خوف من الاضطهاد.

وليس فقط برونسون، إذ يتم أيضا احتجاز مواطنين أمريكيين آخرين وموظفين محليين في القنصلية الأمريكية في تركيا بتهمة الإرهاب.

وقالت كانسو كامليبل، وهي كاتبة تعليقات في صحيفة ((حرييت)) الإخبارية اليومية، "دون أدنى شك أن مشروع القانون هذا هو محاولة للضغط أكثر على أنقرة قبيل جلسة الاستماع الثانية بشأن برونسون المزمع عقدها في 7 مايو من خلال إظهار أن الجانب الأمريكي لن يقوم بعد الآن بتأجيل اتخاذ تدابير تتراوح من الإضرار بالتعاون العسكري إلى الإضرار باقتصاد تركيا".

وأضافت أنه إذا كانت واشنطن مقتنعة بأنه لا يوجد ضوء في نهاية النفق بما يخص قضية برونسون، فقد يمضي الكونغرس قدما في التصويت على مشروع قانون العقوبات مباشرة بعد الانتخابات المقرر إجراؤها في 24 يونيو في تركيا.

ولفتت كاملبيل إلى أن مصادر مطلعة على المناقشات في الكابيتول هيل أبلغتها بأن مشروع القانون بشأن مقاتلات أف 35 يمكن تمديده ليشمل عقوبات تستهدف أفراد أو مؤسسات تركية.