بغداد 25 فبراير 2019 / يتطلع العراق من خلال مشاركته في قمة شرم الشيخ التي عقدت على مدى يومين لمناقشة مجموعة من القضايا التي تهم العالمين العربي والأوروبي إلى كسب المزيد من الدعم لمواجهة التحديات الأمنية منها والاقتصادية في هذا البلد الذي مزقته الحروب المتعاقبة وأخرها الحرب ضد تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية (داعش).
وفي هذا السياق قال المحلل السياسي، إبراهيم العامري، استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد ، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "القمة العربية - الأوروبية مهمة للغاية بالنسبة للعراق"، مبينا أن "العراق يرى أن انفتاح أوروبا تجاه العالم العربي هو فرصة يجب استغلالها، لتحسين أوضاع هذا البلد الذي مزقته الحروب ولا زال يواجه عقبات اقتصادية ونشاط لمسلحي تنظيم (داعش)".
وأضاف أن "العراق وبدون أدنى شك يدرك أهمية الثقل الدولي للاتحاد الأوروبي وتأثيره ، حيث أن الاتحاد الأوروبي هو كيان ضخم لديه كل الإمكانيات العلمية والتقنية والثقافية التي يتطلع إليها العراقيون للاستفادة منها".
وتابع العامري" إن دول الاتحاد الأوروبي تعتبر العراق منطقة مربحة للاستثمار من قبل شركاتها، حيث يحتاج هذا البلد إلى استثمارات ضخمة لإعادة بناء البنى التحتية المدمرة ويحتاج إلى جهود هائلة لتفعيل اقتصاده".
وأكد "أن المشاركة الاقتصادية الأوروبية مع العراق تتزايد ، ومن المتوقع أن تستمر في الزيادة حسب مستوى الاستقرار في العراق، وهناك أيضا مساعدات أوروبية لإعادة الإعمار في العراق فضلا عن المساهمة في دعم الملف الانساني"، مشيرا إلى أن "دول أوروبا تريد أن ترى العراق أكثر استقرارا ، لذلك قام العديد من كبار القادة الأوروبيين بزيارة العراق خلال الأشهر الماضية لإظهار الدعم للعراق وحكومته في كل المجالات".
ويعاني العراقي من ضائقة اقتصادية بسبب الحروب المتتالية وتفشي الفساد في مختلف مؤسسات الدولة وارتفاع معدل البطالة في البلاد وانخفاض مستوى الخدمات الاساسية وخصوصا الماء والكهرباء والخدمات الصحية وخصوصا في المناطق التي خضعت لسيطرة تنظيم (داعش) لنحو ثلاث سنوات، فضلا عن استمرار نشاط مسلحي التنظيم في عدد من مناطق العراقية على الرغم من الاعلان عن تحرير جميع المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيم المتطرف عام 2017 ولذلك فهو بحاجة إلى الدعم الدولي لتجاوز هذه التحديات .
ومن جانبه اعتبر،المحلل السياسي، الدكتور عبدالعزيز الجبوري ، أستاذ السياسة في الجامعة العراقية في بغداد ، أن العراق "بحاجة إلى خطوات عملية لمعالجة مشاكله"، لافتا إلى أن "هذا البلد، قد وصل إلى أسوأ أوضاعه في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 ، بعد تدمير الدولة العراقية نفسها ، وهي الاستراتيجية التي أغرقت البلاد في فوضى الحروب والنزوح القسري والحكومات الطائفية واججت الكراهية المتبادلة حتى اصبح ارضا خصبة لواحدة من أكثر الجماعات دموية وتطرفا وهي تنظيم ( داعش) ".
واضاف "بما أن العراق يحتاج إلى دعم ملموس ، ليس فقط من الاتحاد الأوروبي ولكن أيضا من دول الجامعة العربية التي يعتبر العراق أحد أعضائها ، لذلك أعتقد أن الحلول متعددة الأطراف هي أفضل طريقة لحل مشاكله"، معتبرا أن "القمة العربية الأوروبية، تعد بداية جديدة لكل من العالم العربي والاتحاد الأوروبي ، وقد تناولت القضايا ذات الأهمية البالغة للعراق ، مثل مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية ، بالإضافة إلى زيادة فرص التعاون والتنسيق والتشاور بين الجانبين العربي والأوروبي".
وخلص إلى القول أن"أهمية القمة العربية - الأوربية تتزايد إذا أخذنا بعين الاعتبار السياسة الأمريكية المتقلبة تجاه أزمات الشرق الأوسط ، مما يعطي فرصة أكبر للاتحاد الأوروبي للعب دور أقوى في المنطقة"، موضحا الأوروبيين يريدون إرسال رسالة من خلال هذه القمة إلى الأمريكيين مفادها،اننا لن نتخلى عن مصالحنا السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط بسهولة".
وراى المحلل السياسي، الدكتور ناظم علي عبدالله، خبير المنتدى العربي لتحليل السياسات الايرانية، انه "يمكن للعراق الاستفادة من القمة العربية- الاوربية لتجاوز التحديات التي يمر بها من خلال تنسيق المواقف مع دول الاتحاد الأوروبي والدول العربية واستخدام هذا المنبر الدولي لعرض التحديات التي تواجهه ومن ابرزها ملف مكافحة الارهاب والتطرف وملف اعادة الاعمار وملف الدعم الانساني لالاف العوائل التي تضررت من الحرب مع (داعش)".
ورأى ان "القمة العربية - الأوروبية التي اختتمت أعمالها اليوم كانت فرصة جيدة لحوار مباشر وصريح حول جميع القضايا التي تهم الجانبين.
وأشار عبدالله إلى أن "هناك وجهة نظر أوروبية تقوم على اساس تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول العربية، تسعى أوروبا من خلالها لدعم الاستقرار بالمنطقة العربية خاصة الدول التي تعاني من إضطرابات أمنية، وباعتبار أن العديد من الدول العربية هي دول جوار لأوروبا فان تحقيق الأمن والاستقرار في هذه الدول سينعكس بشكل إيجابي عليها من الناحية الأمنية ومن ناحية تدفق المهاجرين اليها والذين يفر معظمهم بسبب التدهور الأمني والاقتصادي في بلدانهم".
وكان الرئيس العراقي برهم صالح قد اكد في كلمة له أمام القمة العربية- الاوربية في وقت سابق اليوم"أن "العراق الخارج لتوه من معركتِه ضد الإرهاب يرى أن الإعمارَ والتنميةَ، هما الاستحقاق الأهم الذي يساعد في ترسيخِ النصر، هذا ما يعيننا على إعادةِ المهجَّرين والنازحين، وهذه مصلحةٌ مشتركة ما بين العراق ودول المنطقة والدول الأوربية ودول العالم الأخرى من حيثُ الجدوى الاقتصادية التي تتيحها الاستثمارات والبناء، في معالجةُ ظواهرِ الهجرة وتبعاتِها، مرهونٌ بمعالجةِ أسبابِها في المنطقة وبتوفير البيئةِ الدولية المساندة للإصلاحِ والتنمية المستدامة".
يذكر أن أعمال القمة العربية - الأوروبية التي اختتمت أعمالها اليوم كانت قد انطلقت بمدينة شرم الشيخ المصرية امس، لبحث سلسلة من المواضيع التي تهم الجانبين وفي مقدمتها تطوير العلاقات الثنائية وملف مكافحة الإرهاب والهجرة والقطاع الاقتصادي وتنمية التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة وبمشاركة أكثر من 50 دولة أوروبية وعربية.