دار السلام 27 فبراير 2019 / إن خط سكك حديد تنزانيا - زامبيا (تازارا) الذي شيدته الصين بدأ تشغيله في عام 1976 وأصبحت حافزا اقتصاديا لدول شرق وجنوب إفريقيا، كما تحول أيضا إلى رمز للصداقة بين الشعب الصيني والشعوب الإفريقية.
وبعد نحو 40 عاما، يعمل خط سكك حديد مومباسا - نيروبي القياسي بمثابة محرك جديد للنمو الاقتصادي الكيني ويجعل منطقة شرق إفريقيا بأكملها أكثر دينامية.
إن خطي السكك الحديدية هذين لم يحدثا فقط تغييرا في حياة الشعوب، وإنما كانا أيضا شاهدا على تطوير التعاون الصيني الإفريقي.
-- الصداقة والتنمية
لقد عاصر التنزاني بنديكت هنري مكانياجو (69 عاما)، الذي تقاعد من العمل في خط تازارا عام 2002، التغيرات التي جلبها خط السكك الحديدية هذا، للبلاد وله هو أيضا.
ولد مكانياجو في منطقة مبيا بجنوب غرب تنزانيا. وقبل أن يمر بها خط تازارا، كانت هذه البلدة الحبيسة فقيرة ويصعب الوصول إليها.
غير أنه، عند اكتمال خط تازارا، بدأت البلدة الصغيرة في جذب المهاجرين المزارعين ورواد الأعمال وأصبحت محورا تجاريا إقليميا في غضون سنوات قليلة. وصارت مدينة مبيا الآن حاضرة ومركزا تجاريا متناميين للمناطق الجنوبية من تنزانيا ولدولتين مالاوي وزامبيا المجاورتين.
"لقد غيرت السكك الحديدية أيضا حياتي"، هكذا قال مكانياجو، الذي انضم إلى فريق بناء تازارا في عام 1970 عندما كان في أوائل العشرينات من العمر، حيث أقام صداقات مع نظرائه الصينيين وتلقى تدريبا على أداء وظائف مختلفة. واستفادة من خبرته العملية الثرية، حصل مكانياجو فيما بعد على ترقية ليصبح رئيس محطة مبيا.
ووفقا للإحصاءات الرسمية، نقل خط تازارا أكثر من 30 مليون طن من البضائع وأكثر من 40 مليون مسافر منذ بدء تشغيله.
وقال مارك مواندوسيا وزير الاتصالات والنقل التنزاني السابق إن "أولئك المحظوظين منا بأن شهدوا بناء خط تازارا سيظلوا ممتنين للصين إلى الأبد".
في شهر إبريل من العام الماضي، قال وزير الخارجية التنزاني أوغسطين ماهجيا إن بناء خط تازارا شكل أساسا صلبا للصداقة والتعاون بين تنزانيا والصين.
صرح بذلك ماهجيا في مناسبة تذكارية أقيمت لتكريم أكثر من 60 عاملا وفنيا صينيا توفوا أثناء بناء تازارا.
تم بناء تازارا كمشروع "تسليم مفتاح" بين عامي 1970 و1975 من خلال الاستعانة بقرض صيني بدون فوائد، وبدأ تشغيله التجاري في يوليو 1976 ويغطي مسافة 1860 كلم من دار السلام في تنزانيا إلى نيو كابيري مبوشي في زامبيا.
-- تعميق التكامل الإقليمي
بدأ تشغيل خط سكك حديد مومباسا - نيروبي القياسي في مايو 2017، ليصبح أحدث إضافة إلى قائمة السكك الحديدية التي شيدتها الصين في إفريقيا.
وساهم خط السكة الحديد هذا البالغ طوله 480 كلم في اختصار مدة الرحلة من العاصمة الكينية إلى ميناء مومباسا، أكبر ميناء في شرق إفريقيا، من 12 ساعة إلى أكثر من أربع ساعات بقليل.
وفي الوقت الذي تجلب فيه السكك الحديدية راحة وكفاءة طال انتظارهما، فإنها تنجح أيضا في تلبية احتياجات الحركة في الحياة البرية، ما يصل بالتأثير على الحيوانات إلى الحد الأدنى.
وتشير التقديرات إلى أن السكك الحديدية الحديثة التي تمولها الصين عززت الناتج المحلي الإجمالي لهذا البلد الإفريقي بواقع 1.5 في المائة وساهمت في توفير 46 ألف فرصة عمل للأهالي. وتم التعاقد من الباطن مع حوالي 300 شركة محلية خلال إنشائه، وفقا للأرقام الرسمية.
وقال رافائيل توجو الأمين العام لحزب اليوبيل الحاكم في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) إن كينيا ودول إفريقية أخرى تعتبر الصين شريكا إستراتيجيا في سعيها إلى تعزيز التجارة وتطوير البنية التحتية.
وذكر توجو "إذا سألت أي كيني عن الصين، فإن أول سيخطر بباله هو خط السكك الحديدية القياسي الذي يربط بين مومباسا ونيروبي، وكذا قوانغتشو التي يزورها الكينيون لشراء الملابس وغيرها من المنتجات".
واتفق رواد الأعمال أصحاب المشاريع الناشئة في كينيا على أن خط سكك حديد مومباسا - نيروبي القياسي لم يعمل فقط على تعزيز صورة الصين في البلاد، بل يلعب أيضا دورا أساسيا في تحويل التجارة الإقليمية.
وأكد شادراك كيمو (30 عاما)، وهو صاحب متجر للأجهزة، أن مصادر إيراداته توسعت بفضل وجود وسيلة نقل أسرع وأرخص وأكثر كفاءة لمواد البناء وفرها خط سكك حديد مومباسا - نيروبي القياسي.
وقالت ليليان أوينجا المديرة التنفيذية لمجلس الأعمال لشرق إفريقيا إن التجار القادمين من كينيا وأوغندا وجنوب السودان وشمال تنزانيا أصبح في مقدورهم الآن استيراد وتصدير السلع دون أي عائق بفضل خط سكك حديد مومباسا - نيروبي القياسي.
وذكرت أوينجا في اجتماع مائدة مستديرة للأعمال عقد مؤخرا في نيروبي أن "هذا الخط خفض مدة نقل الواردات والصادرات من وإلى منطقة شرق إفريقيا".
وأضافت أن الخط ساهم في تحسين الخدمات اللوجستية مع خفض تكلفة نقل البضائع السائبة في المنطقة.
كما يعتبر مشروع البنية التحتية الضخم هذا، الذي نفذته شركة الصين لبناء الطرق والكباري التابعة للشركة الصينية لبناء المواصلات، أحد النتائج المبكرة لمبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين وتهدف إلى بناء شبكة من التجارة والبني التحتية تربط آسيا بأوروبا وإفريقيا بطول مسارات طريق الحرير القديم.
وقال جيريشون إيكارا أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة نيروبي إن قطارات الركاب والبضائع الحديثة ستعزز النمو والرخاء والتلاحم في منطقة شرق إفريقيا الأكبر.