القاهرة 2 فبراير 2020 (شينخوا) اعتبر محللون فلسطينيون ومصريون، اليوم (الأحد)، أن الإجماع العربي خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب أمس السبت بالقاهرة على رفض الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط يقضي على أية فرصة لتنفيذ الخطة ونجاحها على أرض الواقع.
وأعلن وزراء الخارجية العرب في قرار صدر في ختام اجتماع طارئ عقد أمس بالجامعة العربية، بناء على طلب فلسطيني، "رفض صفقة القرن الأمريكية الإسرائيلية".
وأكدوا "عدم التعاطي مع هذه الصفقة المجحفة أو التعاون مع الإدارة الأمريكية في تنفيذها بأي شكل من الأشكال".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن خطته للسلام المعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن" الثلاثاء الماضي، موضحا أنها تقدم حلا واقعيا لدولتين، وتعترف بالقدس عاصمة "غير مقسمة" لإسرائيل.
وفي هذا الصدد، قال الدبلوماسي الفلسطيني السابق بركات الفرا، إن الدول العربية تبنت بالإجماع خلال الاجتماع الوزاري الموقف الفلسطيني بخصوص صفقة القرن، وهو ما يقضي بالتأكيد على أية فرصة لتنفيذ هذه الصفقة.
وأضاف الفرا، وهو سفير فلسطين الأسبق بالقاهرة ومندوبها الأسبق بالجامعة العربية، لوكالة أنباء (شينخوا)، أن العرب رفضوا الصفقة لأسباب موضوعية، فهي "خطة أمريكية إسرائيلية صرفة بعيدا عن مجلس الأمن، وبالتالي منحازة لإسرائيل".
وتابع أن "هذه الخطة لن تؤدي للسلام، ولن تحقق الاستقرار في المنطقة، وتجاوزت كل الخطوط الحمراء".
وأردف أن إسرائيل ستستولي بموجب الخطة على 30 % من مساحة الضفة الغربية، كما ستبقى 15 مستوطنة تحت سيادتها، وتساءل "كيف تظل هذه الأرض تحت السيادة الإسرائيلية وتتحدث عن دولة فلسطينية؟".
وشدد على أن الخطة الأمريكية "ولدت ميتة"، لأنها لا تلبي الحد الأدني لطموحات الشعب الفلسطيني في تأسيس دولته المستقلة على حدود العام 1967.
وعن احتمالات قيام إسرائيل بفرض الخطة على أرض الواقع، قال الفرا إن "أيا ما تفعله اسرائيل سيكون عملا غير شرعي لن تعترف به الأمم المتحدة، لأنها قرارات أحادية بلا سند قانوني".
وشاطره الرأي الدكتور سمير غطاس عضو البرلمان المصري، مؤكدا أنه "دون شك، صفقة القرن ولدت ميتة، ومصيرها الفشل".
وقال غطاس، وهو أيضا رئيس منتدى (الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية)، لـ (شينخوا)، إن الفلسطينيين أجمعوا فور الإعلان عن الصفقة على رفضها، ثم جاء الرئيس محمود عباس إلى القاهرة، وقدم قرارا لجامعة الدول العربية، وطلب الموافقة عليه.
وقسم غطاس، الذي التقى الرئيس عباس يوم الجمعة الماضي بالقاهرة، الدول العربية إلى ثلاثة فئات من حيث مواقفها من صفقة القرن، حيث شاركت بعض الدول فى مؤتمر إعلان الصفقة، بينما دعت عدة دول من بينها مصر الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي لدراسة متأنية للصفقة، في حين أعلنت دول مثل تونس والجزائر رفضها الكامل للصفقة.
وكان ممثلو دول الإمارات وسلطنة عمان والبحرين قد حضروا المؤتمر الذي أعلن خلاله ترامب صفقة القرن، ما أعطى انطباعا بموافقة هذه الدول على الصفقة.
وتابع أن "العرب أحرجوا (بعد أن قدم عباس القرار خلال الاجتماع الوزاري)، ووافقوا عليه برفض صفقة ترامب"، مشيرا إلى أن عباس قام بصياغة استراتيجية من عدة مراحل لمواجهة صفقة القرن، التي لا تستند لأي شرعية، وضربت بعرض الحائط كل القرارات الدولية.
ورأى أن "السلطة الفلسطينية لا يمكن أن تقبل أية تسوية إذا كانت القدس الشرقية خارج هذه التسوية وتحت السيادة الإسرائيلية".
وأشار إلى أن خطة ترامب تمنح الفلسطينيين دولة بعد أربع سنوات إذا استوفت عدة شروط، منها أن يعترف الفلسطينيون بأن إسرائيل دولة يهودية، على الرغم من أنه لا يوجد دولة فى العالم تعترف بإسرائيل كدولة يهودية.
ومن بين الشروط أيضا، وفقا لغطاس، أن يتم تجريد الفصائل الفلسطينية مثل حماس والجهاد الاسلامي من السلاح، وهو ما يعنى الدخول فى حرب أهلية بين الفلسطينيين.
وتضم الشروط كذلك ألا تنضم الدولة الفلسطينية لأي منظمة دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية وغيرها إلا بموافقة إسرائيل.
واستطرد أن "ترامب يتبجح ويقول إن فلسطين ستكون دولة متصلة الأطراف، بينما هذه الدولة لن تضم غور الأردن، الذي يمثل حدود فلسطين مع الخارج.. ولن تكون لها أية منافذ برية أو سيادة على البحر والجو، وبالتالي ستكون عبارة عن دولة جزء من إسرائيل، وبالطبع منزوعة السلاح".
وأوضح أن الرئيس عباس كما حصل على موقف عربي موحد برفض صفقة القرن سيحصل أيضا على قرارات مماثلة من منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي وحركة عدم الانحياز ثم سيذهب إلى مجلس الأمن الدولي لرفض الخطة الأمريكية.
إلا أن الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة اعتبر أن التحرك الفلسطيني المرتقب فى هذه المنظمات لحشد التأييد للقضية الفلسطينية غير كاف.
وقال فهمي لـ (شينخوا)، إن الرئيس عباس سيذهب خلال أيام إلى مجلس الأمن لبدء معركة جديدة، ونتوقع أن تمارس الإدارة الأمريكية عمليات تخريبية منظمة، وبصورة مباشرة، فى الملف الفلسطيني من خلال استخدام حق الفيتو.
ورأى الخبير المصري، أن "الموقف العربي من صفقة القرن جيد فى هذا التوقيت".
وأوضح أن قرار وزراء الخارجية العرب يمثل رسالة بأن هناك موقفا عربيا واحدا برفض الصفقة، وليس مواقف متباينة.
لكنه توقع أن يوجه الموقف العربي خلال الفترة المقبلة تحديات حقيقية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تضغط على الدول العربية في محاولة لإحداث انقسام في الموقف العربي من خطة السلام، والبناء عليه.
غير أن الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز (العربي للدراسات السياسية) رأى أن الموقف العربي برفض صفقة القرن غير كاف، ودعا العرب لوضع آليات للتعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ترتقى إلى خطورة ما يفعله البلدان في القضايا العربية لاسيما الفلسطينية.
وطالب برهن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية مع العرب، سواء كانت اقتصادية أو عسكرية أو سياسية، بموقفها من القضايا العربية.
ورأى أن "تعويل أو رهان الجانب العربي على الشرعية الدولية والقرارات الأممية رهان فاشل"، وتساءل باستنكار "أين القرارات الأممية التى نفذت؟ وأين الموقف الدولي مما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية؟".