القاهرة 13 فبراير 2020 (شينخوا) اعتبر خبراء مصريون، أن الزيادة السكانية الكبيرة في بلادهم تشكل عبئا كبيرا على مصر، التي أصبحت أمام خيارين "إما تنظيم الإنجاب أو زيادة الفقر".
وبلغ عدد سكان مصر في الداخل يوم الثلاثاء الماضي 100 مليون نسمة، مقابل 99 مليون نسمة في 22 يوليو الفائت، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وزاد سكان مصر خلال العام 2019 بمعدل مولود كل 17.9 ثانية، بما يعادل 4813 شخصا يوميا، يمثلون الفرق بين المواليد والوفيات.
وبلغ عدد المواليد خلال 2019 مليونين و313 ألفا و904 أطفال، مقابل مليونين و382 ألفا و362 مولودا في عام 2018، ليصل بذلك "معدل النمو السكاني 1.79% بين عامي 2018 و2019".
الأسباب
وقالت الدكتورة هالة منصور أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، ان أبرز أسباب الزيادة السكانية هو أن الكتلة الكبيرة من السكان هي الشباب، الذين يتزوجون وينجبون، وبالتالي حتى إذا أنجبت الأسرة الواحدة طفلين فقط سوف تزداد الكثافة السكانية.
وأضافت منصور لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن "المشكلة الأكبر هي أن قطاعا عريضا من فئة الشباب ينتمي للطبقة الفقيرة، التى لا تستجيب لبرامج التوعية بالثقافة السكانية وتنظيم الأسرة".
وتابعت أن هذا القطاع "يتعامل مع القضية السكانية بشكل شخصي، حيث يمثل الطفل بالنسبة للأسر المنتمية لهذا القطاع مصدر دخل وليس عبئا".
وأردفت أن "الخلل الذى نقلق منه هو أنه عندما ننظر للهرم السكاني لمصر خلال العشر سنوات القادمة، في حال لم يتم تنمية هذا القطاع واستيعابه لتنظيم الأسرة، فسوف يتم تشويه الهرم السكاني، لأن الأغلبية ستكون من هذه الشريحة المجتمعية التى ترتفع فيها معدلات الفقر والإدمان والأمراض الاجتماعية".
التداعيات
واعتبر الخبير الاقتصادي وليد جاب الله، أن الزيادة السكانية تشكل "عبئا كبيرا على مصر واقتصادها".
وقال جاب الله لـ ((شينخوا))، إنه "إذا كانت العناصر الأساسية للإنتاج هى الموارد الطبيعية والمال والتنظيم والقوى العاملة، فإن مصر تمتلك بالفعل قوى عاملة بوفرة، لكن مواردها الطبيعية والمادية محدودة، وعندما تكون الزيادة السكانية أكبر بكثير من مواردها تتحول إلى عبء رهيب على الدولة".
واستطرد أن "تكلفة فرصة العمل الواحدة وفقا لإحدى دراسات البنك الدولي تتراوح بين 25 و30 ألف دولار، وصناعة عدد من فرص العمل يكفى للزيادة السكانية الحالية هو عبء كبير جدا، لا تتحمله الاستثمارات الداخلية، ويحتاج إلى استثمارات خارجية كبيرة ومستدامة".
وتابع أنه "لكي تحقق مصر التنمية لابد أن يكون هناك توازن بين عناصر الإنتاج فى المجتمع، وبالتالي السيطرة على تضخم الزيادة السكانية مع زيادة الاستثمارات قدر الإمكان".
وواصل أن "مصر تحتاج إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادي تتجاوز بكثير (معدل نمو) الزيادة السكانية، وإذا كان الاقتصاد المصري نجح فى تحقيق معدلات نمو عالية فإنه من المهم أن تكون تلك المعدلات أكثر استدامة، وفى المقابل لابد أن نعمل على خفض معدلات زيادة السكان".
وسائل الحل
وقال الدكتور عمرو حسن المقرر السابق للمجلس القومي للسكان، "نحن أمام خيارين إما تنظيم الإنجاب أو زيادة الفقر والجوع".
ووفقا لآخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والتي أعلنت في يوليو 2019، فإن نسبة الفقر في مصر ارتفعت إلى 32.5% من عدد السكان، وفقا لنتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2017 - 2018.
وأضاف حسن لـ ((شينخوا))، أن "الفقر إذا كان نتيجة لزيادة عدد السكان فإنه سبب أيضا"، مشيرا إلى أنه "فى 11 ديسمبر 2018 بلغ عدد سكان مصر 98 مليون نسمة، والثلاثاء الماضي وصل عدد السكان داخل مصر إلى 100 مليون نسمة، ما يعني زيادة مليوني نسمة خلال سنة وشهرين".
وتابع أن "المجتمع المصري يتناسل بصورة مذهلة تحرمه من أن يتمتع بمستوى معيشة المجتمعات العصرية، ومصر أصبح لديها فائض ضخم من السكان يزيد على إمكانيات البلد الراهنة".
وأكد أن "حل المشكلة السكانية هو مفتاح التخطيط القومي لمصر، التي لن تنطلق إلا إذا تحررت من عبء الزيادة السكانية".
وزاد أن "الدولة المصرية دخلت فى مواجهة المشكلة السكانية منذ عام 1965، أي أن عمر هذه التجربة 55 عاما خضعت خلالها للمراجعة والتقييم .. وما تحقق لا يتكافأ مع ما نطمح إليه".
وتوقع أن تتبنى الحكومة "حوافز إيجابية" لتشجيع المواطنين على تنظيم الأسرة، وأكد أن "أكبر مشروع استثماري لو قامت مصر بتبنيه يحقق لها أرباحا وفوائد هو مشروع تنظيم الأسرة".
وأشار إلى "تحركات تتم حاليا فى مجلس الوزراء نحو خطوات إيجابية لمواجهة الزيادة السكانية".
وبحثت الحكومة المصرية خلال اجتماع أمس الأربعاء مشروعا قوميا لتنظيم الأسرة، عرضته وزيرة الصحة والسكان هالة زايد.
ويستهدف المشروع القومي، الذي سيتم تنفيذه من خلال مراكز تنظيم الأسرة والقوافل الثابتة والمتحركة والرائدات الريفيات، الوصول بمعدل الزيادة السكانية إلى 2% بدلا من 3.2%، حسب زايد.
ويتضمن هذا المشروع عددا من أوجه التحفيز، من بينها دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وتقديم خدمات تنظيم الأسرة، وخدمات الإقراض، وكذلك ربط الدعم الحكومي للأسر بعدد أفرادها، وفقا للوزيرة المصرية.
كما سيتضمن إطلاق العديد من الحملات الإعلانية والتوعوية عبر مختلف وسائل التواصل.
وسيتم قصر الدعم على بطاقات التموين على طفلين فقط لكل أسرة، على أن يتم ذلك على البطاقات الجديدة فقط، حسبما صرح أخيرا وزير التموين والتجارة الداخلية على المصيلحي.
وأوضح المصيلحي أن الوزارة تبحث سبل تحفيز من يكتفي بطفل واحد تموينيا في البطاقات المستقبلية.
وفي حال استمرار معدلات الإنجاب الحالية المرتفعة، والتى وصلت إلى 3.4 مولود لكل سيدة، فمن المتوقع وصول عدد المصريين إلى 192 مليون نسمة بحلول عام 2052، حسب وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد.
أما إذا نجحت برامج تنظيم الأسرة في خفض معدل الإنجاب إلى 2.1 مولود لكل سيدة، فيتوقع أن يصل عدد السكان إلى 143 مليون نسمة بحلول عام 2052، وفقا للسعيد.