تعليق:الثقة بين القادة، عامل هام في العلاقات الصينية الأمريكية

سيقوم الرئيس شي جين بينغ بزيارة إلى جنوب أمريكا تشمل 3 دول، كما سيلتقي الرئيس الأمريكي باراك أوباما في منتجع أننبرغ (سانيلاند)بولاية كاليفورنيا الأمريكية.وتعد هذه الزيارة التحرك الدبلوماسي الأهم بالنسبة للقيادة الصينية الجديدة منذ توليها الحكم. وقد قامت القيادة الصينية الجديدة بتحركات دبلوماسية واسعة النطاق شملت القارات الخمس، عكست الدبلوماسية الصينية الشاملة الجديدة.

ويعد " لقاءات المنتجعات" شيء جديد بالنسبة للقادة الصينيين. حيث عادة ما كانت زيارات القادة الصينيين في السابق تكون في إطار زيارات الدولة أو زيارات العمل، وقليل ماكانت تنظم اللقاءات في منتجعات . ويعد منتجع أننبرغ -" سانيلاند "- مكانا هاما في أمريكا، حيث إستقبل 7 رؤساء أمريكيين في هذا المكان الملكة البريطانية وعدة ضيوف آخرين هامين ويطلق علي هذا المكان أيضا إسم "منتجع كامب ديفيد الغربي". وفي هذا المنتجع الذى يتميز ببيئته الهادئة والرائعة، يمكن لقادة البلدين مناقشة القضايا التي تثير إهتمام كلا الجانبين بأكثر أريحية وأكثر صراحة وأكثر عمقا، وإجراء حوار أفضل. وهذا يدل على أن القادة الصينيين أصبحوا أكثر ثقة في النفس، كما العلاقات الصينية الأمريكية قد أصبحت أكثر نضجا.

حيث يوجد بين الصين أمريكا أكثر من 90 حوار ومنصة تعاون، وحوار إستراتيجي واقتصادي، لكن تبقى اللقاءات المباشرة للقادة الآلية الأكثر أهمية، حيث تعد آلية الحوار الإستراتيجي الأعلى بين البلدين. وفي ذلك العام عندما زار نيكسون الرئيس ماو وتحدث معه عن "الفلسفة"، لم يكن الحوار حديث مشاعر ولم يقف عند حدود التفاصيل، بل أظهر معرفة جيدة بالعلاقات الصينية الأمريكية من جانبها الشامل، نطاقها الواسع، الجانب الإستراتيجي، وعلى المستوى البعيد. لاحقا، ظل قادة البلدان على هذا المنوال جيلا بعد جيل، حيث تبين أنه فقط من خلال النظر بعيدا، يمكن التغلب على العقبات الكبيرة، ودفع العلاقات الصينية الأمريكية إلى الأمام. ولاشك بأن هذا اللقاء الذي سيجمع قادة البلدين في منتجع أننبرغ سيتيح فرصة هامة لقادة البلدين لصياغة نوع جديد من العلاقات بين الدول الكبرى. حيث من خلال معالجة مشكلة تموقع العلاقات الصينية الأمريكية، يمكن معالجة القضايا المفصلة.

من جهة أخرى، ان تأسيس الثقة المتبادلة بين قادة البلدين عامل قوي لتعزيز الثقة الإستراتيجية بين البلدين، وخاصة بالنسبة لدورها الهام في معاجلة المشاكل الشائكة بين البلدين. وقد أثبت التاريخ، أنه في فترة "كسر جليد" العلاقات الصينية الأمريكية، كانت هناك ثقة متبادلة بين ماو تسي تونغ وتشو ان لاى من جهة ونيكسون وكيسنجر من أخرى. وأثناء فترة تطبيع العلاقات، كانت هناك ثقاة متبادلة بين دنغ شياوبينغ من جهة وكارتر وبريجينسكي من جهة أخرى. اذ لاشك بأن اللقاء المباشر بين قادة البلدين، وتبادل الآراء حول مختلف القضايا بدون عوائق وبمنتهى الصراحة يعد شيئا لايمكن الإستغناء عنه في تأسيس الثقة المتبادلة. وهذا هو مكمن أهمية "لقاء المنتجع" الذي يعد الأول بين قادة البلدين منذ فوز أوباما بولاية ثانية وتقلد القيادة الصينية الجديدة زمام السلطة.

من جهة أخرى، تعد العوامل الداخلية مركز الإهتمام السياسي بالنسبة للصين وأمريكا على حد السواء. فنظرا للتبعية الإقتصادية العالية والمتبادلة بين الجانبين، أصبحت المشاكل الداخلية لكل طرف إلى حد ما جزءا من مشاكل العلاقات الثنائية، حيث بإمكان كل جانب مساعدة الجانب الآخر على تحقيق أهداف سياساته الداخلية. كما أن التنمية التي يشهدها كل جانب من الممكن أن تتيح مصالح للجانب المقابل. إذ بإمكان الصين مساعدة أمريكا على خلق فرص العمل، وتحقيق مخطط مضاعفة الصادرات، وفي المقابل بإمكان الإنتعاش الإقتصادي الأمريكي أن يساعد على تنمية الصادرات الصينية. ويعد إعادة تأكيد قمة العشرين على تعزيز التنسيق في الإقتصاد الشامل منذ إندلاع الأزمة المالية، أحد التغيرات الكبيرة التي جلبتها العولمة للعلاقات الدولية.

ويعد هذا اللقاء فرصة جيدة لقادة البلدين لإجراء حوار معمق وتعزيز معرفتهما ببعض. ونأمل أن يحقق "لقاء المنتجع" نجاحا كاملا.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/