تعليق: ما دلالة تزامن زيارة روساء وزراء ثلاث دول مجاورة الى الصين؟

بعد الدعوة التي وجهها رئيس مجلس الدولة لي كهتشيانغ، بدأ رؤساء وزراء كل من روسيا والهند ومنغوليا تباعا زيارة رسمية إلى الصين في 22 أكتوبر الجاري. زيارة 3 قادة لدول مجاروة بريا للصين في نفس اليوم يعد أمرا نادر الحدوث في تاريخ الدبلوماسية الصينية.

تمتلك كل من روسيا والهند ومنغوليا حدودا طويلة مع الصين، ويأتي قادة الدول الثلاثة إلى الصين لمناقشة مواضيع إقتصادية. وبالنظر من توقيت الزيارة، فإن الزيارة المتزامنة لرؤساء وزراء الدول الثلاثة ليس إلا نتيجة لتنسيق جدول الأعمال الدبلوماسي. وخلال فترة تواجدهم بالصين، لن يكون هناك أنشطة تجمع قادة الدول الثلاثة. لكن هناك الصدفة هناك حتمية.

أولا، تعكس هذه الزيارة إستمرار وتسارع الحراك الدبلوماسي الصين مع دول الجوار، وكما يقول المثل"الجار الجيد لايقدر بثمن". فعلى إمتداد السنوات الأخيرة شهدت بيئة الجوار الصيني تزايد العوامل المعقدة، وفي ظل هذه الخلفية، تعمل الحكومة الصينية الحالية على فتح صفحة دبلوماسية جديدة مع دول الجوار، ومواصلة النظر إلى مبدأ "الجوار أولا" كمحور للدبلوماسية الصينية، والتمسك بتوجه"حسن الجوار والشراكة مع الجيران" وسياسة "جار حسن، ثري وآمن"، والمشاركة بفاعلية في صنع بيئة الجوار.

ثانيا، عكست هذه الزيارة قوة جاذبية الإقتصاد الصيني. وقد وضع النمو السريع للإقتصاد الصيني أسسا صلبة للعلاقات القوية مع الدول المجاروة، وقد أصبحت الصين في الوقت الحالي الشريك التجاري الأول للعديد من الدول المجاورة لها بمافي ذلك روسيا، الهند ومنغوليا. وفي ظل تعقد بيئة الإقتصاد الدولي، يحظى مستقبل النمو السليم والمستقر للإقتصاد الصيني بتثمين وثقة الدول المجاورة. وبذلك فإن إستراتيجية تطوير العلاقات الإقتصادية طويلة المدى مع هذه الدول المجاورة تمتلك ضمانات جيدة خاصة في إنبنائها على التكامل الإقتصادي والتجاري وليس التنافس. وقد جلب المقترح الصيني الذي طرحه الرئيس الصيني في جولته بوسط آسيا والمتمثل في إنشاء "الحزام الإقتصادي لطريق الحرير البري" و "طريق الحرير البحري" فرصة تجارية كبيرة بالنسبة لهذه الدول. وفي الوقت الحالي، تشهد العلاقات الصينية مع كل من روسيا، الهند ومنغوليا إنطلاقة جديدة، وخلال هذه الزيارة التي يؤديها رؤساء وزراء هذه الدول الثلاثة إلى الصين سيناقش قادة الدول الأربعة إمكانيات إستكشاف القوى الكامنة في التعاون البيني، وخاصة دفع التعاون البراغماتي في مجالات الإقتصاد والتجارة والإستثمار والطاقة، ودفع التعاون بين الجانبين إلى عتبة جديدة.

ثالثا، مواكبة تيار المصلحة المتبادلة والفوز المشترك. تاريخيا، مرت العلاقات الصينية مع كل من روسيا والهند ومنغوليا ببعض العثرات، لكن الآن اختار الجميع النظر إلى الأمام والمستقبل. وقامت مختلف الدول بتحديد دبلوماسيتها وفقا لمصالح وخيارات الدولة، كما توجد بين مختلف هذه الدول قدرا معينا من توازنات المصالح والمشاغل. وإجمالا يمكن القول أن الصين قد اختارت نهج طلب المشترك والحفاظ على الخصوصية مع هذه الدول الثلاثة، خاصة في ظل تفوق المصالح المشتركة بين هذه الدول على الخلافات التي بينها، ولذلك أصبح السعي إلى تعزيز الثقة الإستراتيجية والتعاون البراغماتي نقطة تحوز إجماعا كبير بين الدول الأربعة.

ان تزامن زيارة رؤساء وزراء ثلاثة دول إلى الصين يجسم الوضع الجديد لدبلوماسية الدولة الكبرى ذات الخصائص الصينية، كما يعد علامة إيجابية.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/