تحليل إخباري: لغة الحمائية ومضامينها في خطاب ترامب ستثير الخصومة مع الشركاء

دنفر، الولايات المتحدة أول فبراير 2018/ بعد ساعات من أول خطاب ألقاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن حالة الاتحاد ، أخذ المحللون السياسيون يشككون في لغة ومضامين الحمائية التي تخللت الكثير من خطابه.

--تناقض نوعا ما

قال دافيد ريتشاردسون، المحلل السابق في شؤون الكونغرس، إنه "قبل قرن تقريبا، تسببت الولايات المتحدة بركود اقتصادي كبير، وكذلك حرب عالمية من خلال قانون تعرفة جمركية حمائية يُعرف بقانون سموت-هالي، وترامب لديه نفس العقلية."

إن خطاب ترامب الذي استغرق 80 دقيقة قد استخدم "لغة تجارية شديدة" كرسالة مركزية في ثالث أطول خطاب عن حالة الاتحاد خلال 50 سنة.

وفي حديث مع ((شينخوا)) يوم الخميس، قال بيتر هاريس، بروفيسور العلوم السياسية في جامعة ولاية كولورادو" إن إجراءات الحمائية هذه لن تخدم الاقتصاد الأمريكي ، ولن تسهم إلا في إثارة خصومة مع شركاء تجاريين للولايات المتحدة، مثل الصين."

وأشار هاريس، وهو ضيف ومحلل دائم في البرامج التلفزيونية الوطنية، إلى أن الرئيس الأمريكي الـ45(ترامب) قد تحدث "بصورة غامضة حول إعادة التفاوض على اتفاقيات تجارية وحقوق الملكية الفكرية، وهي ملاحظات من المحتمل أنه يوجهها للصين."

وأضاف "ولكنه لم يتطرق طويلا لهذا الأمر، واعتقد أن هناك بعض الإشارات على أن إدارته متناقضة نوعا ما حول فكرة: فهذا ليس هجوما شاملا ضد الصين في الناحية التجارية، وهو ابتعاد كبير عما تعهد به ترامب خلال حملته الانتخابية ."

ووصف هاريس، الذي كتب العديد من المقالات حول الصين لمجلة ((نيوزويك)) و(سالون)) و ((يو أس نيوز)) و((ووربلد ريبورت))، وصف تعليقات ترامب بـ"مكبوحة".

وأوضح "سيكون من الخطأ القول إن ترامب قد استخدم خطابه ليجعل الصين تهديدا كبيرا للولايات المتحدة. لم يفعل ذلك. وقد أمضى وقتا طويلا وهو يتحدث عن (داعش )، مثلا ."

--خطوات غبية

يأمل هاريس، ومعه كثيرون، بأن يبتعد ترامب عن حرب تجارية شاملة، رغم أن البعض غير واثق تماما من ذلك.

قالت صحيفة ((تشاينا مورننغ بوست)) ومقرها في هونغ كونغ، في تقرير يوم الأربعاء إن "الزعيم الأمريكي الشديد اللهجة، قد أعلن فعليا حربا تجارية ضد العالم، وخاصة الدول المصدرة في آسيا."

وأضاف تقرير الصحيفة "بين ليلة وضحاها، قام ترامب بتسميم علاقات تاريخية ودية مع حلفاء استراتيجيين لبلاده في أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية ، ومن المتوقع أن يقاضوا الولايات المتحدة في المحاكم الدولية لأنها فرضت عليهم عقوبات تجارية أحادية الجانب."

وقال البروفيسور المتقاعد في جامعة كولورادو، جون يي، في حديث مع ((شينخوا)) يوم الأربعاء " أضف هذه الخطوات للخطوات الغبية الأخرى لترامب."

وأضاف جون يي، وهو عضو في سرية النمور الطائرة الأسطورية لطيارين متميزين خلال الحرب العالمية الثانية، إن إثارة الخصومة مع الصين سيضر بالولايات المتحدة أكثر من بلده الأصلي الصين، حيث ولد في مقاطعة يوننان الصينية عام 1921.

وأشار أيضا إلى "أن الصين قد تجاوزت اليابان في عام 2010 لتصبح ثاني اقتصاد بالعالم، ويتوقع لها أن تتجاوز أمريكا خلال السنوات القليلة القادمة."

--دروس للتاريخ

إن الخطوات الأمريكية الأخيرة ومنها خطواتها ضد تجارة الصين للفولاذ والألمنيوم وألواح الطاقة الشمسية، قد أثارت تحذيرا في القطاعات المالية التي تتوقع ردا انتقاميا من الصين.

وفي الأسبوع الماضي، عندما أعلن ترامب رسوما جمركية قيمتها 30% على واردات ألواح الطاقة الشمسية، وصفت مجلة ((فوربس)) الأمريكية الشهيرة، هذه الخطوة "بالضربة الافتتاحية التي يمكن أن تقود إلى حرب تجارية."

وأكدت هذه المجلة الاقتصادية البارزة على أن "الرسوم الجمركية لا تستهدف الصين تحديدا، ولكن (الصين) هي المكان الرئيسي الذي تأتي منه واردات ألواح الطاقة الشمسية."

ويتفق هاريس مع هذه النظرة، ويضيف "حسب اعتقادي ، إن خطاب ترامب حول حالة الاتحاد وقراراته الاقتصادية الأخيرة كلها تشير لاتجاه زيادة التوتر مع الصين في المجال التجاري."

ويضيف جون يي قائلا "إن دروس التاريخ واضحة، وهي أن التجارة هامة جدا للسلام بين الأمم ، وهذا يكون فعالا فقط في حالة النظر إليه من زاوية المنفعة المشتركة."

يذكر أنه في عام 1930، مررت الولايات المتحدة تشريعا مثيرا للجدل، وجعلته قانونا، سُمي بقانون سموت-هاولي، وفرضت بموجبه تعريفات أو رسوما جمركية على أكثر من 20 ألف سلعة مستوردة."

ويعلق جون يي على الخطوات الأخيرة قائلا "ها نحن نعود مرة أخرى."

وأضاف في حديثه مع ((شينخوا)) "تلك الخطوات قد تسببت في الركود العظيم وفاقمته، وقادت إلى زعزعة الاقتصاد العالمي، الأمر الذي قاد إلى نشوب الحرب العالمية الثانية. إن ترامب سيكون حكيما لو أعاد النظر في دروس التاريخ."