حلب، سوريا 6 مايو 2018 / تحلم أسرة أبو حاتم النازحة من ريف حلب الشمالي الشرقي، والتي تعيش حاليا في بناء شبه مدمر في أحد أحياء مدينة حلب، بالعودة إلى منزلها، والعيش بأمان دون خوف أو قلق من انهيار البيت الذي يسكنون فيه منذ أكثر من تسعة أشهر.
وقالت سهام الملقبة بأم حاتم (45 عاما) إنها كانت مجبرة هي وعائلتها على السكن في هذا المنزل، الذي أوى عائلتها وحماها من التشرد والضياع.
وأضافت أم حاتم، التي تتكلم العربية بصعوبة لكونها كردية، "أتمنى أن نعود إلى منزلنا في منطقة الباب" بريف حلب الشمالي الشرقي "اليوم قبل غد"، مشيرة إلى أن منزلها في الباب كبير ومعه مساحة كبيرة من الأراضي المزروعة بالأشجار المثمرة.
وبررت أم حاتم نزوح أسرتها إلى حلب بسبب سيطرة المسلحين على منطقة الباب.
وقالت أم حاتم، التي سكنت في المنزل شبه المدمر، إن "البيت قبل أن نسكن به وننظفه عبارة عن كتلة من الركام والأنقاض"، مشيرة إلى أنها وعائلتها قامت بتنظيفه من الأتربة والركام ووضعوا أغطية بلاستيكية تقدمها الأمم المتحدة كمساعدات للأسر النازحة على بعض الفتحات والنوافذ لإغلاقها.
وأوضحت أنه في فصل الشتاء كانت الأمطار تتسرب إلى المنزل من السقف وبعض الجدران المتصدعة، مشيرة إلى أن العائلة كانت تلف أجسادها ببعض الأغطية الصوفية عندما يشتد البرد.
وتابعت "منذ حوالي 7 سنوات ونحن نقطن في دوار شيحان غرب حلب وعندي عشرة أولاد، خمس بنات وخمسة ذكور، اثنان منهم عسكريان في الجيش السوري، وبنتان متزوجتان أيضا".
وتحدثت أم حاتم، وهي تجلس في أحد الغرف المغطاة بحصيرة مصنوعة من البلاستيك وإلى جوارها ابنها الصغير، عن الأيام الصعبة التي مرت بها العائلة، والقذائف التي كانت تتساقط حول منطقة سكنها، معربة عن عدم ارتياحها من السكن في هذا المنزل، إلا أنه كما قالت "المنزل الحالي يشكل الملاذ الوحيد لنا في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها".
وأشارت إلى أن زوجها يعمل عتالا في أحد أحياء حلب، لذا يعمل يوما وتمر أياما أخرى دون عمل، مؤكدة أن هذا الشيء أيضا يسبب لها قلقا كبيرا، لأن عائلتها ستبات دون طعام، لافتة إلى أن ابنها الذي يبلغ من العمر 11 عاما يعمل في فرن معجنات ويحصل أسبوعيا على أربعة آلاف ليرة سورية (أي 8 دولارات)، وهي لا تكفي لشراء حاجات المنزل ليوم واحد.
بينما أمينة ذات الستة عشر ربيعا، والتي اتكأت على أحد جدران المنزل المدمر، الذي تسكن به عائلتها، قالت بصوت ساخر "نعيش بمنزل مدمر، لا يسكنه إلا الأشباح "، معربة في الوقت ذاته عن خوفها الشديد من تعرضهم للأذى في أي لحظة لأن البناء المؤلف من أربعة طوابق مهدد بالسقوط.
وقالت أمينة، التي لا تجيد الكتابة والقراءة، وترتدي على رأسها غطاء أبيض طويل، "من حقنا أن نحلم بالعيش بمنزل غير متصدع، وأن نشعر بالأمان والاستقرار"، مؤكدة أن هذا المنزل يسبب لها قلقا كبيرا، ويجعلها متوترة طيلة الوقت.
وتابعت، وهي تنظر بعينيها إلى سقف المنزل الذي فيه فتحة كبيرة مغطاة بألواح من الصفيح الأبيض، إن "الخوف والقلق يبقى ملازما عائلتي، ونشعر بأن البناء يمكن أن يسقط بين الحين والآخر"، مشيرة إلى شرفة المنزل الوحيدة المفتوحة من كل الجهات ولا يوجد فيها سور معدني يحمي أخاها الصغير من الانزلاق والسقوط إلى الأسفل.
وبصعوبة كبيرة تمكن مراسلو وكالة ((شينخوا)) من الصعود على الدرج المحاط بالركام، والوصول إلى المنزل المدمر في الطابق الرابع للحديث مع عائلة أبو حاتم.
وهذه العائلة كلها لا تجيد القراءة والكتابة، وكل الأولاد لم يدخلوا المدارس كي يتعلموا بسبب الفقر مرة، والخوف من الحرب مرة أخرى.
وقالت أمينة "أنا لا أجيد الكتابة والقراءة، وكذلك إخوتي لأن أهلي لم يدخلونا المدارس"، معربة عن رغبتها في دخول المدرسة للتخلص من أميتها ومساعدة أسرتها في المستقبل.
وتعيش الأسرة في غرفتين متجاورتين واحدة للأولاد , وأخرى تجتمع فيها العائلة لمتابعة التلفاز عند توفر التيار الكهربائي وينام فيها الأب والأم.
وقبل أن تستقر العائلة في هذا المنزل، اضطرت، بعد نزوحها من منزلها في منطقة الباب، للعيش في الحدائق، ومنها لمراكز الإيواء وبعدها للسكن في بيوت للإيجار، والتي كانت فوق طاقتها.
أما منار الأخت الأكبر من أمينة وعمرها 17 عاما والمخطوبة لشاب متطوع في صفوف الجيش السوري، فقد أشارت إلى أنه بالرغم من الوضع السيئ للمنزل المعرض للانهيار في أية لحظة "إلا أننا مضطرون للعيش فيه"، مبينة أن الوضع يزداد سوء في فصل الشتاء، لكون لا يوجد زجاج نوافذ تصد الهواء البارد والمطر الغزير.
وقالت منار، التي كانت تقف على شرفة الشقة التي ستسكن بها بعد أن تتزوج، إن "هذه المنطقة كانت جبهة قتال عنيفة بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة المسلحة"، مشيرة إلى أن المسلحين كانوا يتمركزون قبالة المبنى الذي يسكنون به حاليا.
وتابعت "عندما تطلق مدفعية الجيش السوري القذائف باتجاه المسلحين نشعر بالخوف لأن المبنى يهتز، وكنا نجتمع في غرفة واحدة خشية أن يصاب أحدنا بأذى".
ويقيم في هذا المبنى شبه المدمر ثلاث عائلات أخرى، وكلهم يحلمون وينتظرون العودة الى منازلهم وان يكونوا بعيدين عن الحرب.