تعليق: هل ستتجنب سوريا الضربة العسكرية بعد تضحيتها بالسلاح الكميائي؟

في الوقت الذي يسعى فيه أوباما إلى كسب تأييد الكونغرس للقيام بتدخل عسكري ضد سوريا، طرأت تغيرات درامية على الوضع المتعلق بقضية السلاح الكيميائي السوري، وفرت فرصة جيدة لنجاعة خطة "النيل من العدو دون قتال" التي يطمح أوباما لتنفيذها، وفي ذات الوقت جلبت أملا لسوريا لتفادي الضربة العسكرية.

وخلال المرحلة القادمة، من المتوقع أن تركز إدارة أوباما العمل بالتوازي على جبهتين: أولا، السعي إلى كسب الرأي العام المحلي المحفز لضرورة تصويت الكونغرس لصالح التدخل العسكري، ودوليا مواصلة تنظيم صفوف التحالف الذي يستهدف الضغط على سوريا. ثانيا، دفع مجلس الأمن إلى تمرير قرار يفضي إلى نقل وتدمير الأسلحة الكميائية السورية. وإذا تم نقل وتدمير الأسلحة الكميائية السورية تحت المراقبة الدولية، بعد صدور قرار في هذا الإتجاه من مجلس الأمن، فإن أوباما سيركز تماما على خطة ممارسة الضغوط العسكرية والجهود الدبلوماسية، ويتخلى ظرفيا عن فكرة التدخل العسكري في سوريا. وبالنظر من هذا الجانب، فإن المقترح الروسي يمثل فرصة جيدة لأوباما للإستجابة للأصوات المحلية والدولية المعارضة للحرب.

إن تعقد الوضع في سوريا جعل مهمة إحراز تقدما في قضية السلاح الكميائي السوري تواجه عقبات متعددة. لكن الهدف الأساسي لأمريكا على المدى القصير هو إسقاط نظام بشار، وليس تدمير الأسلحة الكميائية، وهذا لاينقص شيئا من جدية التهديدات الأمريكية بتدمير الأسلحة الكميائية، لكنها تبدو أكثر جدية على مستوى الإطاحة بنظام بشار. لذا، لاشك بأن أمريكا ستستغل قضية نقل وتدمير السلاح الكميائي السوري لممارسة ضغوط على نظام بشار، ووضع شروط مجحفة، قد لايمكن لنظام بشار قبولها، وبمجرد وصول الطرفان إلى طريق مسدود، قد يعلن أوباما عن نفاذ الجهود الدبلوماسية، والعودة إلى الحل العسكري.

كما أن المعارضة السورية والدول الداعمة لها على غرار السعودية سوف لن تتساهل في ترك بشار يفلت من خلال عملية نقل وتدمير الأسلحة الكميائية، وستعمل على كسب المزيد من الأسبقية على ساحة الحرب. كما من المؤكد أن تعمل المعارضة السورية على خلط الوضع، أو حتى صنع المزيد من التراجيديا، لكسب تأييد الرأي العام الغربي، للضغط على أمريكا للجوء إلى القوة العسكرية في سوريا.

أما حكومة بشار فهدفها الرئيسي هو الحفاظ على السلطة، وإذا إتضح في النهاية أن تخلي بشار عن الأسلحة الكميائية المهددة لإسرائيل أو حتى أمريكا لن يستبدل ببقائه في الحكم، فإن بشار قد يغير موقفه تجاه التخلي عن السلاح الكميائي، وعدم تعاونه مع المجتمع الدولي في نقل وتدمير الأسلحة الكميائية. حيث ستكون نهاية صدام والقذافي بمثابة العبرة بالنسبة له.

وبالنظر من الوضع الحالي، فإن موافقة سوريا على المقترح الروسي قد تؤجل تقدم العملية العسكرية الأمريكية ضدها، لكنها لن تقضي على فكرة التدخل العسكري التي تساور إدارة أوباما.

ملف خاص: تطورات الوضع في سوريا

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/